الأكراد يحاولون اللحاق بالتفاهمات التركية الروسية ويدعون لفِدرالية سورية

الأكراد يحاولون اللحاق بالتفاهمات التركية الروسية ويدعون لفِدرالية سورية

29 ديسمبر 2016
وثيقة الأحزاب الكردية دعت لـ"نظام فِدرالي ديمقراطي"(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
أنهى مندوبون عن الأحزاب والتنظيمات المنضوية في "الإدارة الذاتية" الكردية اجتماعاتهم في بلدة رميلان بريف الحسكة شمال شرقي سورية، والتي استمرّت ثلاثة أيام تحت اسم "المجلس التأسيسي للفدرالية الديمقراطية لشمال سورية"، وذلك بإقرار ما سمّي "مسودة العقد الاجتماعي".

وجاء في الوثيقة، التي أقرها المجتمعون، أن المرحلة الماضية أثبتت أن "الحرب الاستنزافية المفروضة على الشعب السوري، أظهرت رفض النظام للتغيير الديمقراطي، وإصراره على نظام الحزب الواحد، ومن أجل أن ننهي المأساة السورية نحن بحاجة إلى تغيير جذري، عن طريق تأسيس نظام ديمقراطي، يضمن حقوق كل الأفراد والمكونات في المجتمع السوري".

وحذرت الوثيقة من أنه إذا "أصر النظام الحاكم أو أي فصيل أو تيار سياسي على حلول ترميم الدولة القومية، أو فرض هويته، فإنه لا محال سيخدم تقسيم وتمزيق سورية"، الأمر الذي يمكن قراءته على أنه تلويح بالانفصال عن سورية.

وشددت الوثيقة على أن "النظام الفدرالي الديمقراطي، الذي يعتمد على منظور الأمة الديمقراطية، المبني على التنوع الإثني والديني والثقافي، هو أنسب نظام يمكن أن يجمع ويوحد السوريين تحت سقفه".

وبعد الإشارة إلى ما اعتبرته الوثيقة "تجاهلًا من القوى السياسية الأخرى في سورية للقضية الكردية والحل الديمقراطي"، ذكر الموقّعون أن الأمر "لم يترك لنا خيارًا سوى أن ننظم المناطق التي تم تحريرها من القوى الإرهابية وفق نظام ديمقراطي"، مع التأكيد على "مشروع الفدرالية الديمقراطية الذي نريد تطبيقه بالتكامل مع الفدراليات الأخرى، التي نرى من الضرورة إنشاءها في المستقبل، وهي جزء لا يتجزأ من سورية الفدرالية الديمقراطية".

وأضافت الوثيقة "بما أن الظروف الموضوعية والذاتية غير مؤاتية من أجل تأسيس دستور ديمقراطي لكل سورية في الوقت الراهن، فإننا في المناطق المحررة سنقوم بتنظيم حياتنا وفق هذا العقد، المتفق عليه من كل المكونات التي تعيش ضمن جغرافية شمال سورية، إلى أن يتم الاتفاق على دستور ديمقراطي يضمن حقوق كل السوريين".

وشددت الوثيقة على الحاجة إلى "مفهوم جديد بصدد الوطن المشترك. أي مفهوم الوطن الذي لا ينتسب إلى إثنية ذات لغة واحدة، ولا إلى دين واحد وحسب، بل يتألف من مواطنين متعددي اللغات والقوميات والأديان".

واعتبرت أن "الحل الديمقراطي ينسجم مع نموذج الجمهورية الفدرالية الديمقراطية السورية، كنظام سقفي جامع لكل الفدراليات تسمى الجمهورية الفدرالية الديمقراطية السورية". لكن الوثيقة شددت على أن "الدفاع الذاتي" للمجتمعات والأفراد في كل منطقة من سورية أمر لا بد منه، في إشارة إلى ضرورة احتفاظ الأكراد بسلاحهم ضمن الفدرالية المقترحة لحماية مناطقهم.

كما تضمنت مبادئ أخرى عن حقوق المرأة، وترسيخ سياسة اقتصادية تحقق حماية المجتمع في وجه سياسة الاحتكار المسيطرة على الاقتصاد، وضرورة التوزيع العادل للثروات بين السوريين. وشددت على ضرورة ممارسة كل شعب للغته وثقافته في المجالات، التعليمي والفني والعلمي والديني.

وأكد المجتمعون استعدادهم لتطوير حل ديمقراطي يشمل كل سورية، والتفاوض والحوار مع كل القوى السورية من أجل تحقيق نظام ديمقراطي يضمن السلام والاستقرار لكل السوريين.

وكان المجتمعون في الرميلان، قد صوّتوا لصالح تغيير اسم الفدرالية إلى "النظام الاتحادي الديمقراطي لشمال سورية" بدلًا من "النظام الاتحادي الديمقراطي الفدرالي لروج آفا- شمال سورية".



وتعني كلمة "روج آفا" الغرب، في إشارة إلى غرب كردستان، أي الجزء الملحق بسورية من "كردستان الكبرى"، الموزعة بين أربع دول، هي تركيا وإيران والعراق وسورية، بحسب ما يرى المجتمعون.

واعتبر مسؤولون في ما يسمى بالإدارة الذاتية، أن إزالة كلمة "روج آفا" هدفه إرضاء المكونات العرقية والدينية الأخرى التي تعيش في المنطقة، وسط انتقادات من "المجلس الوطني الكردي"، الذي يسعى لتثبيت فدرالية قومية للأكراد في سورية.

من جهته، رأى الصحافي عدنان حكمت، المقيم في المنطقة الشرقية من سورية، أن تغيير اسم المنطقة التي يسيطر عليها حزب "الاتحاد الديمقراطي"، يأتي "في سياق التطورات التي تشهدها الساحة السورية عمومًا، والحالة الكردية جزء من هذه التطورات". وأضاف أن تغيير "التسمية" يحمل رسائل عدة، لا سيما أنه جاء عقب اللقاء الذي جمع الروس بعدد من الأحزاب الكردية بقاعدة حميميم، حيث تجري تفاهمات دولية حول مآلات الصراع على السيطرة والنفوذ في سورية، وتمهيدًا لإعلان شكل جديد لسورية المستقبل، تفصل فيه القوى المتحكمة بالملف السوري، ومنها روسيا وتركيا".

واعتبر حكمت أن حجم الدور الذي تلعبه القوات الكردية بدأ يأخذ شكلًا جديدًا في سياق التطور اللافت للعلاقة بين تركيا وروسيا، و"من المعروف أن الاتحاد الديمقراطي جزء من منظومة التحالف الذي يشكله النظام السوري في مواجهة باقي الأطراف السورية، لكن ما هو واضح أن النظام وروسيا وتركيا يلتقون في نقطة منع قيام أي كيان كردي في الشمال السوري، وهذا ما تلقفه الأكراد وتنبهوا له تماشيًا مع التطورات الجديدة، بهدف عدم خسارة ما تم كسبه حتى الآن خلال سنوات الثورة".

ويأتي اجتماع الرميلان بعد اجتماع ممثلين عن الأكراد مع ضباط روس في قاعدة حميميم باللاذقية، الأمر الذي فسر على أن تغيير التسمية كان نتيجة ضغوط روسية، هدفت إلى حذف ما يشير إلى خصوصية المنطقة كمنطقة كردية، وضرورة أن تكون مرتبطة بعموم البلاد ضمن "إدارة ذاتية" لكن لا ترتقي إلى مستوى الفدرالية.

وفي سياق متصل، قالت وكالة "روجافا نيوز" إن وفدًا من حركة "المجتمع الديمقراطي" التابعة لحزب (الاتحاد الديمقراطي) اجتمع بعد اجتماع حميميم، مع ممثلين عن النظام السوري في مدينة الحسكة برعاية وفد روسي، حيث أبلغ المسؤولون الروس الجانب الكردي بوجوب خفض مطلب الفدرالية إلى نوع من الإدارة الذاتية في المدن والمناطق ذات الأغلبية الكردية، دون تداول أي اسم آخر غير "سورية"، وهو ما طالب به أيضًا وفد النظام السوري، الذي دعا لضرورة رفع العلم الرسمي السوري في جميع المناطق، وعلى مقار جميع المؤسسات، وتأييد بشار الأسد في الانتخابات المقبلة، وأن تشارك جميع الأطراف الكردية في سورية بالمفاوضات، وضرورة عدم المطالبة بالفدرالية.

وكان مسؤولون في قاعدة حميميم الروسية العسكرية قد طالبوا المليشيات الكردية لـ"الإدارة الذاتية" بالانسحاب من المناطق التي تقدموا إليها أخيراً في القسم الشرقي من مدينة حلب، وهي أحياء بستان الباشا وعين التل وبعيدين والهلك والشيخ خضر والشيخ فارس، فضلًا عن الشيخ مقصود التي كانوا فيه في الأساس.

وقال المسؤولون الروس، إنهم يقدّرون "تطلعات الشعب الكردي نحو الاستقلال، ولكن هناك التزامات دولية لروسيا، ونعمل معهم على المحافظة على وحدة الأراضي السورية" في إشارة إلى التفاهمات الروسية مع تركيا.

كما أكدت مصادر في وقتٍ سابق، أن النظام السوري أمهل المليشيات الكردية حتى نهاية الشهر الجاري لإخلاء حي الشيخ مقصود والأحياء الشرقية التي تسيطر عليها، إلى جانب فصائل تابعة لمليشيات "سورية الديمقراطية".

ونقلت وكالة "روج آفا" عن تلك المصادر قولها، إن الدفعة الأولى من المليشيات الكردية غادرت بالفعل حي الشيخ مقصود، متجهة إلى مدينة عفرين.


وبحسب المصادر أيضاً، فإن "الدفعة الأولى، وتضم 700 مسلح من المليشيات، غادروا حي الشيخ مقصود، وعبروا مناطق سيطرة النظام السوري باتجاه مدينة عفرين، في إطار التحضير لتسليم مواقعها لقوات النظام السوري ومليشياته."

وكانت أنباء وردت من داخل حي الشيخ مقصود أفادت بنشوب خلافات حادة بين مليشيات النظام والمليشيات الكردية، قد تسفر عن مواجهات بين الطرفين، وتتسبب بخروج الأخيرة من الحي وإنهاء وجودها في حلب.



المساهمون