توقف معارك الموصل... و"داعش" يطلق انتحارييه

توقف معارك الموصل... و"داعش" يطلق انتحارييه

23 ديسمبر 2016
عشرات الضحايا في تفجيرات نفذها "داعش" (جيم لوبيز/فرانس برس)
+ الخط -


لليوم الرابع على التوالي، شهدت معركة تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) توقفاً كاملاً في ستة محاور، ومناوشات متقطعة في المحور الشرقي السابق للمدينة، بينما تحاول قوات التحالف الدولي تعويض ذلك من خلال تكثيف الغارات الجوية على مناطق وسط وجنوب وشرق المدينة فضلاً عن ضواحيها الشمالية، مع قصف للمدفعية الأميركية والفرنسية لمواقع تحصينات التنظيم بناءً على الصور التي تحللها طائرات المراقبة التي تغطي سماء المنطقة بالكامل.
ومنعت قوات الجيش العراقي صحافيين من الدخول إلى الأحياء الشرقية للموصل بعد تفجيرات عنيفة نفذها تنظيم "داعش" بواسطة انتحاريين، وأسفرت عن مقتل وإصابة 55 مدنياً وعسكرياً، بينهم أربعة عمال إغاثة، كما أصيب اثنان من الصحافيين الأجانب بتلك التفجيرات التي وقعت صباح أمس الخميس.

لا مواجهات مباشرة

حتى مساء أمس الخميس، لم تُسجل أي عمليات مواجهة فعلية بين القوات العراقية المشتركة ومقاتلي تنظيم "داعش"، وهو ما يجعل المعركة بحكم المتوقفة، وفقاً لمصادر عسكرية عراقية أكدت، لـ"العربي الجديد"، أن محاور القتال متوقفة. واكتفت القوات العراقية بتحصين مواقعها باستثناء المحور الشرقي الذي تم فيه تبادل القصف بقذائف الهاون، والمحور الجنوبي الشرقي الذي شهد عمليات قنص ورشقات بين الطرفين من مسافات بعيدة مع تحصّن كل طرف في جانب.
وقال ضابط عراقي لـ"العربي الجديد"، إن "المعركة توقفت لإعداد وتجهيز أوراق جديدة نستطيع من خلالها ألا نفقد طفلاً أو امرأة، فالمعركة طاحنة وأي تماس يعني أن هناك مدنيين سيُقتلون، ونحن لا نريد ذلك ولا نتمنى ذلك"، لافتاً إلى أن "داعش يزج المدنيين في الأحياء ولا يسمح بخروجهم".
من جهته، أعلن قائد عسكري ميداني لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الجيش العراقي أرسلت المزيد من التعزيزات العسكرية إلى جبهات القتال في مدينة الموصل لدعم المعركة واستعادة زخمها وتنشيط محاور القتال، لاستئناف تقدّم القوات العراقية للسيطرة على مركز مدينة الموصل". وقال العميد محمد طالب، من قيادة عمليات نينوى، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات من الفرقة الأولى والفرقة الخامسة عشرة والفرقة الثامنة وصلت إلى الموصل لدعم قوات جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية في محاور القتال بموجب الخطط الأمنية الجديدة التي أعلنت عنها سابقاً قيادات الجيش العراقي".

هجمات انتحارية
وشهد يوم أمس، الخميس، هجمات انتحارية مكثّفة بلغت 12 عملية، غالبيتها بسيارات مفخخة كان المحور الشرقي والغربي الأكثر تعرضاً لها. وأكدت مصادر أمنية عراقية وقوع خسائر في صفوف القوات العراقية وضحايا من صفوف المدنيين جراء هجمات تنظيم "داعش".
وقال العقيد في قيادة شرطة نينوى أحمد الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "خمسة هجمات انتحارية استهدفت شرق الموصل أدت إلى مقتل وإصابة 55 مدنياً وعسكرياً"، موضحاً أن "هجمات داعش نُفذت بواسطة انتحاريين هاجموا قوات الجيش من الخلف، وتم فتح تحقيق في الحادث لمعرفة كيفية تسللهم مع مركباتهم خلف خطوط القوات العراقية". وأعلن أن القوات الأمنية العراقية فرضت على الفور إجراءات أمنية مشددة في منطقة كوكجلي حيث وقعت الهجمات، وأعلنت حظراً للتجول على المدنيين وحركة المركبات المدنية، بينما قامت قوات الجيش العراقي والشرطة المحلية بالانتشار في شوارع المنطقة تحسباً لحدوث هجمات مماثلة.



وضع إنساني خطير

في غضون ذلك، يقبع مئات الآلاف من المدنيين ضحايا احتجاز جماعي يفرضه تنظيم "داعش" عليهم، إذ يصر على بقائهم في المدينة ويعاقب من يحاول الفرار بعقوبات تصل إلى القتل. وقالت مصادر طبية في الموصل لـ"العربي الجديد"، إن عدد الضحايا ارتفع في الموصل منذ بدء المعارك إلى 850 قتيلاً من المدنيين هم مجموع من سقط في المعارك في الموصل وضواحيها وأكثر من 3 آلاف جريح، يُشكّل الأطفال والنساء بينهم ما نسبته 59 في المائة.
وتحدث طبيب من مركز صحي وسط الموصل لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم الكشف عن اسمه، أن "المستشفيات قد تتوقف عن العمل في بعض الأقسام لعدم وجود بعض الأدوية والمضادات الحيوية وقلة الكوادر الطبية مقابل أعداد الضحايا التي ترد يومياً"، مضيفاً: "هذه الأعداد لمن وصل إلى المستشفى، ولكن هناك ضحايا تحت الأنقاض أو أنهم نقلوا مباشرة إلى المقابر دون المرور بنا".
فيما أكد الدكتور محمد الحمداني، الذي يعمل في مركز صحي تسيطر عليه القوات العراقية لـ"العربي الجديد"، أن "مركزنا يستقبل ما معدله 100 جريح من أهالي الموصل، بينما عدد القتلى يراوح بين 8 و10 يومياً يكونون قد تعرضوا لإصابات بليغة بسبب القصف الذي يشنّه تنظيم داعش على الأحياء المحررة والاشتباكات التي تشهدها مناطق الموصل". وأضاف الطبيب الحمداني أن "أغلب الضحايا يسقطون بسبب قيام داعش بقصف المناطق التي سيطرت عليها القوات الأمنية في شرق الموصل ويتم نقل الحالات الخطيرة منهم إلى مستشفيات أربيل لتلقي العلاج اللازم".

وحول أوضاع النازحين في مخيمات النازحين في منطقة الخازر وحسن شام، قال مسؤول ميداني في مخيم الخازر لـ"العربي الجديد"، إن المخيم استقبل خلال يومين فقط أكثر من 15 ألف نازح من سكان مدينة الموصل بعد أن أجبرهم الجوع والعطش والقصف المتبادل الذي تتعرض له مناطقهم إلى ترك منازلهم واللجوء إلى المخيمات.
وتعاني العائلات النازحة في المخيمات من قلة المساعدات الغذائية المقدمة من الحكومة العراقية والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى انعدام وسائل التدفئة وقلة الأغطية الموزعة، وسط موجة البرد القارص والأمطار التي تشهدها مناطق شمال العراق حالياً. وكانت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية قد أعلنت ارتفاع أعداد النازحين الفارين من مدينة الموصل لأكثر من 120 ألف نازح، مع تواصل العمليات العسكرية واستعداد القوات العراقية لاستئناف القتال بعد تمكنها من استعادة نصف مساحة الضفة الشرقية للموصل منذ أن توغلت لأول مرة في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

المساهمون