الموصل: جمود محاور القتال يحرّك الكتل السياسية في بغداد

الموصل: جمود محاور القتال يحرّك الكتل السياسية في بغداد

21 ديسمبر 2016
جمود في المعارك لليوم الثالث على التوالي (هيمن بابان/الأناضول)
+ الخط -


تشهد محاور القتال السبعة لمعركة الموصل، والتي تخوضها القوات العراقية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، جموداً شبه تام لليوم الثالث على التوالي، بسبب صعوبات أكدت قيادات عسكرية عراقية أنها ترتبط بـ"عوائق التضاريس والسكان".

ويتزامن الجمود على جبهات القتال في الموصل مع حراك سياسي واسع في بغداد لكتل التحالف الوطني الحاكم مع رئيس الحكومة، حيدر العبادي، تمثل باجتماعات مغلقة جرت صباح الأربعاء، وتناولت "تعثر المعارك، وارتفاع الخسائر البشرية في صفوف القوات العراقية والمدنيين على حد سواء، وتزايد أعداد النازحين".

وبحسب الموقع الرسمي للتحالف، فقد "استضاف رئيس التحالف الوطني، عمار الحكيم، اجتماعاً لقادة التحالف، لمناقشة سير العمليات العسكرية في معركة الموصل ونتائجها".

في غضون ذلك، تحاول القوات العراقية كسر الجمود الحاصل في أغلب محاور القتال حول الموصل، وذلك بالسعي إلى "فتح جبهات جديدة في أطراف المدينة لتخفيف الضغط الحاصل على القوات العراقية في المحور الشرقي".


وقال النقيب سجاد العبودي، الضابط في قيادة عمليات نينوى، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات من الشرطة والجيش بدأت بقصف مدفعي مكثف على مواقع لـ"داعش" في معسكر الغزلاني، الذي يقع في الجانب الأيمن على الضفة الغربية لنهر دجلة، والذي يشطر المدينة لنصفين".

وأضاف أن "فتح جبهة الجانب الأيمن من الموصل سيخفف الضغط الحاصل على قوات جهاز مكافحة الإرهاب في الجانب الأيسر، وسيعجّل عملية السيطرة على المدينة".

ولفت المتحدث ذاته إلى أن "قوات الجيش باتت مستعدة الآن لاستئناف التحرك نحو مركز الموصل، بعد إجراء تغييرات كبيرة على الخطط العسكرية ووصول تعزيزات عسكرية كبيرة إلى أغلب محاور المعارك".

وفي شرق الموصل، يبدو المشهد أكثر تعقيداً، إذ اضطرت قوات جهاز مكافحة الإرهاب إلى وقف تقدمها في مناطق عدة بعد تعرضها لخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات خلال الأسبوع الماضي، فضلا عن صعوبة القتال في أحياء تشهد كثافة سكانية عالية.

ولفتت مصادر محلية إلى أن العمليات العسكرية في شرق مدينة الموصل متوقفة منذ أيام.

وعللت قيادة جهاز مكافحة الإرهاب التوقف الحاصل في العمليات العسكرية بـ"قيام قوات مكافحة الإرهاب بعملية تطهير للمناطق التي سيطرت عليها سابقا، وانشغال قواتها بعملية إخلاء النازحين من المناطق التي تشهد عمليات عسكرية، ونقلهم إلى مخيمات النازحين قرب الموصل".

كذلك، شهدت الأحياء الشرقية من مدينة الموصل عمليات قصف متواصل بقذائف الهاون نفذها عناصر تنظيم "داعش"، مستهدفا المناطق التي سيطرت عليها القوات الأمنية سابقا.

وقال طبيب يعمل في المركز الطبي الميداني في منطقة كوكجلي، لـ"العربي الجديد"، إن "أحياء المثنى والزهور والمشراق شهدت قصفاً متواصلاً على مدى اليومين الماضيين بقذائف الهاون، ما أدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين والقوات الأمنية"، مؤكدا "مقتل عشرة أشخاص من المدنيين على الأقل بقصف "داعش" للمناطق المحررة وجرح عشرين آخرين".


وفي هذا السياق، أعلن قائد العمليات الثالثة في جهاز مكافحة الإرهاب، اللواء سامي العارضي، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الجهاز تطوق حاليا حي السكر، والذي يقع وسط الساحل الأيسر من مدينة الموصل، تمهيدا لاقتحامه خلال الأيام القادمة".

وأشار إلى أن "القوات الأمنية مستمرة حاليا بعملية إحكام السيطرة على المناطق المحررة وتفتيشها والتأكد من هويات السكان فيها، بحثا عن عناصر د"اعش" الذين نعتقد وجودهم بين المدنيين بعد هروبهم من ساحات المعارك أمام تقدم القوات الأمنية".

بدوره، أكد رئيس الوزراء العراقي، في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه في بغداد مساء أمس، أن "معركة الموصل مستمرة، وننفي وجود حرب استنزاف في الساحل الأيسر للمدينة، والكلام عن ذلك غير دقيق. ونطمئن بعدم وجود خطر على جهاز مكافحة الإرهاب الذي أصبح أقوى من أي وقت"، كاشفا عن "قرب التحاق وجبة جديدة من هذه القوات المدربة بأعلى المستويات ودخولها المعركة في غضون يومين".

وبشأن أوضاع سكان الموصل في خضم المعارك التي تشهدها مناطقهم، ذكر شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، أن "أهالي الأحياء الشرقية والجنوبية الشرقية للمدينة يعانون من حصار خانق، فالأسواق والصيدليات مغلقة، والمواد الغذائية عند العوائل بدأت بالنفاد، كما أن المصابين بأمراض مزمنة بحاجة لعلاجات وأدوية ورعاية طبية ضرورية".

وأفاد شهود العيان بأن "مناطق الموصل تشهد اشتباكات وقصفا متبادلا بين القوات العراقية المشتركة وتنظيم "داعش"، كما أن القوات الأمنية تمنع سكان هذه المناطق من الخروج إلى المناطق التي توجد فيها أسواق الخضار في الأحياء الشرقية، إضافة إلى خشية المدنيين من الخروج من هذه المناطق خوفاً من قيام عناصر "داعش" باستهدافهم".

من جهةٍ أخرى، تفاقمت معاناة النازحين من الموصل في ظل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة وهطول الأمطار خلال الأيام الماضية، والذي حوّل مخيمات النازحين في مناطق حسن شام والخازر إلى برك كبيرة من الأوحال.

وبحسب مصادر طبية محلية، فقد توفى عدد من النازحين وتعرض مئات آخرون إلى نزلات برد شديدة بسبب انخفاض درجات الحرارة التي وصلت خلال ساعات الليل الطويلة إلى صفر درجة مئوية.

واشتكى النازحون من الموصل من "عدم توفر الخدمات الملائمة في المخيمات التي أنشأتها الحكومة العراقية والأمم المتحدة في شرق الموصل، حيث تنعدم وسائل التدفئة وغاز الطبخ، فضلا عن رداءة الخيم الموزعة على العوائل، وعدم ملاءمتها لظروف الطقس الباردة، إضافة إلى قلة الأغطية".