الجزائر والموقف من سورية: جدل سياسي وإعلامي لا ينتهي

الجزائر والموقف من سورية: جدل سياسي وإعلامي لا ينتهي

20 ديسمبر 2016
تصريحات لعمامرة الداعمة للنظام السوري أثارت جدلًا بالجزائر(بشير رمزي/الأناضول)
+ الخط -
فجرت الوقفة التضامنية التي نظمتها حركة "مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، الجمعة الماضي، مع سكان حلب، جدلًا سياسيًّا وإعلاميًّا في الجزائر بشأن ما اعتبره البعض "خروج الحزب الإسلامي عن ثوابت السياسة الخارجية للدولة الجزائرية".


وتعتبر أحزاب سياسية موالية أن خروج حركة "مجتمع السلم" عن مواقف الدولة إزاء الأزمة في سورية، هو نوع من "التمرد السياسي" على مواقف الدولة، وبرأي القيادي في حزب "جبهة التحرير الوطني"، حسين خلدون، فإن حزبه "يدين تبني أحزاب سياسية لأيديولوجيات خارجية أو مواقف مناقضة لتوجهات السياسة الخارجية للدولة الجزائرية"، في صورة نصرة طرف على حساب آخر في أي أزمة إقليمية، وبما لا يتوافق مع الموقف الرسمي للدولة، لافتًا إلى رفع مشاركين في الوقفة التضامنية لعلم الثورة السورية، والذي وصفه بـ"علم الانتداب الفرنسي".


وعبر الناشط في حركة "مجتمع السلم" محمد محسن عن استغرابه من الجدل المثار من قبل قيادات أحزاب السلطة، وردّ على تصريحات حسين خلدون بشأن العلم السوري المرفوع في الوقفة التضامنية قائلًا: "أنت مخطئ يا خلدون، العلم الذي رفع في الوقفة التضامنية هو علم استقلال سورية الأصلي، مثله مثل علم ليبيا الحالي الذي هو علم الاستقلال، وتم استبداله بالراية الخضراء من قبل نظام القذافي لاحقًا".


وأشار إلى أن "حركة مجتمع السلم في التسعينيات كانت من أشد المنتقدين لجبهة الإنقاذ الإسلامية التي بادرت لوضع كلمة "التوحيد" على العلم الجزائري، رغم قداسة كلمة التوحيد".

ولم يكن رفع علم الثورة السورية وحده مثار الجدل، فالموقف السياسي من الأزمة برمته كان مثار جدل أيضًا.




ويدافع القيادي في حركة مجتمع السلم نصر الدين حمدادوش عن مواقف حركته إزاء سورية، ويؤكد لـ"العربي الجديد"، قائلا "بالنسبة للعلم المرفوع، فقد رفعه ناشطون سوريون يقيمون في الجزائر، وهذا حقهم السياسي، أما بالنسبة لنا، فلدينا مواقفنا المبدئية، والتي عبرنا عنها في بيانات وتجمعات ومبادرات برلمانية، ولسنا خائفين أو نادمين عليها".


ولم يكد يخمد الجدل حول الوقفة التضامنية التي نظمتها حركة "حمس" تضامنًا مع حلب؛ حتى انفجر جدل أعقب تصريحات وزير الخارجية، رمضان لعمامرة، الذي قال إن ما حدث في حلب هو "انتصار للدولة السورية على الإرهاب"، وهو ما اعتبر إعلان موقف رسمي لتأييد النظام السوري، وإلغاء كل التحفظات السياسية التي كانت تتبناها الجزائر سابقًا.


وعبّر ناشطون عن رفضهم للموقف الرسمي الجزائري، وكتب الإعلامي عبد السلام بارودي معلقًا على موقف وزير الخارجية، قائلًا: "موقف وزير الخارجية لا يشرفنا كجزائريين حاربنا الاستعمار، هل بشار هو من حرر حلب؟ بشار استعاد الدمار والرماد، أما حلب فهي في قلوب أصحاب الأرض الذين سيعودون إليها ذات يوم".


واللافت في الجزائر أن السياسة الخارجية، والمواقف من الشأن الدولي، ظلت، حتى السنوات الأخيرة، محل الإجماع السياسي الوحيد بين السلطة والمعارضة، إذ لم تكن هذه الأخيرة كثيرة الانتباه والاشتغال على الشأن الدولي من جهة؛ ومن جهة ثانية؛ لم تكن لديها القدرة على استجماع معطيات تحليل الوقائع، إضافة إلى أن مواقف الجزائر المؤسسة على البعد الثوري والتحرري، ودعم حركات التحرر، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كانت تشكل، في الوقت نفسه، مواقف المعارضة.


لكن انبثاق فصل جديد ومتداخل من العلاقات الدولية المتشابكة بعد موجة "الربيع العربي"، دفع بخلاف في الرؤى والمواقف بين السلطة وقوى المعارضة، خاصة ذات التوجهات الإسلامية، إزاء القضايا والنزاعات، فخلال الثورة على نظام القذافي، استنكرت عديد القوى السياسية مواقف السلطة، التي كانت تبدو أقرب الى دعم النظام منه إلى دعم الخيار الشعبي، كما برز تباين المواقف بشأن انقلاب الجيش على الرئيس المصري، محمد مرسي، في عام 2013، ورفضت عدة أحزاب سياسية استقبال الجزائر للرئيس عبدالفتاح السيسي في أول زيارة له، فضلًا عن قضايا أخرى عديدة تؤكد أن المواقف الخارجية لم تعد تشهد وفاقًا بين السلطة والمعارضة في الجزائر.


دلالات