قراءات لإعلان هولاند عدم الترشّح: فرنسا طوت صفحته

قراءات لإعلان هولاند عدم الترشّح: فرنسا طوت صفحته

باريس

محمد المزديوي

avata
محمد المزديوي
02 ديسمبر 2016
+ الخط -



لم يمرّ، إعلان الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، أمس الخميس، عدم ترشّحه لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة في مايو/ أيار المقبل، مرور الكرام في الصحافة الفرنسية، والتي كرّست افتتاحياتها، اليوم الجمعة، لـ"خطاب تنحّي هولاند"، الذي فاجأ الكثيرين.

وفي أحدث استطلاع للرأي، أثار إعلان هولاند، ارتياح نحو 82 في المائة من الفرنسيين، مقابل معارضة 4 في المائة، وامتناع 14 في المائة من التعليق. في المقابل، عبّر نحو 24 في المائة عن تأييدهم لترشح رئيس الوزراء مانويل فالس في الانتخابات الرئاسية، مقابل 14 في المائة لوزير الصناعة السابق آرنو مونتبورغ، و6 في المائة للوزير السابق بُونْوا هامون.

ولفتت صحيفة "لوباريزيان" في صفحتها الأولى، إلى توصيف "الرئيس العادي" الذي كان هولاند يصف به نفسه، فأفردت صورة ضخمة للرئيس وعنونت "هولاند يتخلّى: الأمر عادي".

وأجرت الصحيفة لقاءً مع مقرّبين من هولاند وصديق عائلته، المحامي جان بيير مينيارد، الذي أعرب عن استعداده لدعم المرشح إيمانويل ماكرون، بعد انسحاب هولاند، آملاً أن تحذو سيغولين روايال حذوه، وهي التي كانت تعارض بقوة ترشّح الرئيس الفرنسي من جديد، متوقعاً أن يسترد هولاند شعبيته في الأشهر الستة المتبقية من ولايته الرئاسية.

من جهتها، اختارت صحيفة "ليبراسيون"، لصفحتها الأولى صورة لهولاند، واكتفت بعنوان "من دوني"، في إشارة إلى قرار الرئيس، "الذي استشعر نفور الفرنسيين الكبير منه، فقرّر، في سابقة، ألا يترشح للانتخابات"، كما كتبت.

وكتب مدير تحرير الصحيفة "لورون جوفرين"، في افتتاحيته، إنّ "القرار يستحق الاحترام. فقد كان الرئيس واعياً لكون ترشحه سيعيق اليسار، ويقذف بفرنسا في مواجهة مؤذية، ولهذا قرّر التخلّي. لم يشأ الدخول في صراع قاس، وتنازع بين أفراد عائلة واحدة، ممزقة أصلاً، وفي أمّة ملغومة بالشكوك. ومن النادر العثور على رجال سياسة يمتلكون ما يكفي من نفاذ البصيرة للابتعاد عن السلطة باسم منفعة كبرى، وباسم تضامن ضروري، وباسم فكرة".

وتابع مشيداً بخطوة هولاند، "سنحتفظ بأناقة هذا التصرّف، ولكن سنوجه بصرنا البارد، بسرعة، إلى هذه الحصيلة. لقد واجهت فرنسا أخطر الهجمات الإرهابية في تاريخها، وأقدمت على إصلاحات مجتمعية عادلة. وهذه الاستمرارية، مع مرور الوقت، سيتمّ الاعتراف بها. وسيرتكب اليسار خطأ جسيماً إذا ما دَاسَ على عمل متضامن معه، إن بشكل جزئي أو كلي. سيكون حينها وكأنّما يدوس على نفسه. بينما ننتظر منه، (أي اليسار)، وميضَ أمل".


أما صحيفة "لوفيغارو" اليمينية، فأظهرت ابتهاجاً غير مسبوق بقرار هولاند، وهي التي حاربته بدون هوادة، وعنونت صفحتها الأولى؛ "النهاية". ونشرت مقالاً من توقيع غيوم تابارد، دافع فيه عن فكرة "عزل" هولاند وليس "تخلّيه"، فكتب يقول "عملية تخلٍّ؟ لا، يتعلّق الأمر بعزل. الانفعال الظاهر في صوت الرئيس، ونفاذ بصيرته وتواضعه، والخشية من تشظّي اليسار، كل هذا يمنح بُعداً من التضحية لقرار فرانسوا هولاند".

وكتبت "لوفيغارو"، أنّ "انسحاب هولاند يفتح الطريق واسعاً أمام مانويل فالس"، ونوّهت بتصريح للمرشح الاشتراكي هامون الذي قال إنّ "مانويل فالس لا يمكنه أن يجسّد مستقبل اليسار الفرنسي". كما تحدثت الصحيفة عن "نهاية ترقّبٍ دام أسابيع"، دون أن تغفل ردود الأفعال السياسية التي لخّصتها في أنّ "اليمين واليسار يمتدحان، معاً، نفاذ بصيرة فرانسوا هولاند".

وفي هذا السياق، كرّس مدير تحرير "لوفيغارو"، أليكسي بريزيت، افتتاحيته لذات الموضوع، بعنوان "الرئيس الذي لم يكن رئيساً"، وجّه فيه انتقادات عدة لهولاند حتى بعد قراره، وقال إنّ "النهاية حزينة لولاية رئاسية مرفوضة. فالرئيس الفرنسي، مدفوعاً إلى الخروج من قبل رئيس حكومته، ومن قبل بداهة الكارثة، الشخصية والسياسية، التي لا سابق لها في ظل الجمهورية الخامسة، لم يفكر حتى في حفظ ماء الوجه. مرة أخرى، لا يقرّر شيئاً، بل يخضع. ويغادر المشهد (...) فرنسا طوت صفحته. فرنسا تعرف أنّ فرانسوا هولاند لم يقرر، عدم الترشح ثانية. لأنّه في الحقيقة، لم يكن، أبداً، رئيساً (للجمهورية)".

صحيفة "لاكروا"، كانت أكثر تسامحاً مع هولاند فكتبت، "يتوجّب بالتأكيد توفّر شكل من الشجاعة من أجل اتخاذ القرار. من دون شك، لم تكن لهولاند حرية أخرى غير حرية اختيار لحظة رحيله. وبالنسبة لرجل خبر حماوة الحملات الانتخابية، التي فاز بها أحياناً من دون توقع أحد، فإنّ الرغبة كانت كبيرة، بالتأكيد، في تجريب حظه ثانية (...) وهذا ما يوحي بالاحترام. ولا يمكن أن نسحب من رئيس الجمهورية الكرامة التي أظهرها، مساء الخميس".

من جهته كرّس موقع "ميديا بارت" الإخباري المستقل، الذي عارض مختلف سياسات هولاند السياسية والاقتصادية، ملفاته لقرار الرئيس الفرنسي، فنشر مقالاً بعنوان "قررت ألا أكون مرشحاً"، قال فيها إنّ "رئيس الجمهورية، الذي تعرّض للهجوم من معسكره، قرّر يوم الخميس ألا يترشح، بعد توترات حامية في أعلى هرم السلطة. إنّها سابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة، بالنسبة لمسؤول هُوجِمَ، بشكل خاص، حتى من قبل رئيس حكومته".

وفي مقال آخر، تحدث الموقع، عن اجتماع شعبي جرى مساء أمس الخميس في ضاحية نانتير الباريسية، لنقاش "هل يجب التصويت عام 2017؟" يستعرض مواقف الكثيرين في هذه المنطقة، والتي صوتت بشكل واسع لصالح هولاند عام 2012، وترى أنّ "هولاند وفالس حطّما اليسار". وكشف المقال أنّ قرار هولاند لا يعني شيئاً لهؤلاء، "لأنّهم توقفوا، منذ فترة طويلة، عن الإنصات لقاطن الإيليزيه"، كما أورد.



ذات صلة

الصورة

منوعات

تراجعت مجلة فوربس عن حفل تكريم أكثر 40 امرأة تأثيراً في فرنسا، وذلك بعد حملة تحريض في باريس، على المحامية من أصول فرنسية ريما حسن
الصورة
وردة إنور (إكس)

منوعات

اعتقلت الشرطة الفرنسية، الخميس، مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي بتهمة "تمجيد الإرهاب"، بعد سخريتها من التقارير الإسرائيلية المزعومة حول إقدام مقاومي كتائب القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، على حرق طفل إسرائيلي.
الصورة

سياسة

طرح أعضاء في مجلس الشيوخ الفرنسي مشروع قانون لتجريم إهانة إسرائيل، في استكمال لقوانين "محاربة الصهيونية"، ما يؤسس لمزيد من قمع الحريات خدمة للاحتلال.
الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.