وحدة عسكرية جديدة لإسرائيل لتجنب ملاحقىها قانونياً

وحدة عسكرية جديدة لإسرائيل لتجنب ملاحقىها قانونياً

20 ديسمبر 2016
تظاهرة في لندن تنديداً بجرائم الحرب الإسرائيلية في غزة(Getty)
+ الخط -
في مسعى يهدف لمنع تآكل مكانتها الدولية بعد كل عدوان تشنه ضد غزة أو ضد لبنان، شرعت إسرائيل في الإعداد لسلسلة إجراءات، تنوي التقيد بها أثناء العمليات القتالية والحروب والحملات العسكرية المقبلة. والهدف منها يتمثل في تجنب اتهام دولة الاحتلال بانتهاك مبادئ القانون الدولي أثناء حروبها، وتجنب بالتالي نزع الشرعية عنها. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن تدشين وحدة عسكرية تعنى بمواكبة العمليات والأنشطة العسكرية خلال الحروب المقبلة من أجل ضمان عدم تقديم أي ذريعة للأطراف الخارجية تمكنها من اعتبار أن هذه العمليات تتعارض مع القانون الدولي.

وذكرت صحيفة "ميكور ريشون" الإسرائيلية في عددها الصادر أمس الاثنين، أن المهمة الرئيسة للوحدة الجديدة، التي أطلق عليها "تلم" (الحروف الثلاثة الأولى للكلمات بالعبرية: وعي، شرعية، قانون)، تتمثل في الحيلولة دون اضطرار إسرائيل لشرح وتبرير العمليات والأنشطة العسكرية التي تنفذها خلال الحروب. ونقل معلق الصحيفة، يوحاي عوفر، عن ضابط إسرائيلي كبير قوله إن تدشين الوحدة الجديدة التي باشرت عملها بالفعل، أتى في إطار العبر التي استخلصتها إسرائيل من الحروب السابقة. ولا تريد دولة الاحتلال تكرار تجربة حرب 2008 عندما اضطرت للرد على تقرير "غولدستون" (الخاص بالحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008) الذي تبنته لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب.

وشرح الضابط الكبير، أن الوحدة الجديدة ستعمل على تحديد معايير للعمليات والأنشطة العسكرية، بحيث لا تضطر الحكومة الإسرائيلية وقيادة الجيش لشرح الجهد الحربي الذي استخدم في الحروب، والكشف عن طابع العمليات والوسائل التي استخدمت في ضرب بنك الأهداف. وفي خطوة تشير إلى أن الوحدة الجديدة ستلعب دوراً مؤثراً في تحديد طابع العمليات العسكرية، لقد تقرر ضمها إلى شعبة "العمليات" في هيئة أركان الجيش. وهذا يعني أن قيادة الجيش لن تصادق على أي عملية عسكرية خلال الحروب والحملات المقبلة، بدون الحصول على رأي الوحدة العسكرية الجديدة (تلم).


وأكد الضابط الكبير، للصحيفة، أن عمل الوحدة الجديدة سيؤثر على طابع العقيدة القتالية الحالية للجيش. والإجراءات الجديدة ستفرض على ضباط جيش الاحتلال أن يسهموا في صياغة أنشطة قتالية جديدة تأخذ في الحسبان العبر من الحروب السابقة، بحسب تأكيده. وأشار إلى أن الوحدة الجديدة ستحدد أيضاً طابع الذخائر والقذائف المستخدمة في العمليات الحربية. وتابع أن هذه الخطوات ستؤدي إلى تحديد أنواع الأسلحة والذخيرة التي يمكن استخدامها بما يتلاءم مع القانون الدولي. وبحسب الصحيفة، فإن الوحدة الجديدة سيقودها ضابط رفيع المستوى من شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان". 

في هذا السياق، أكد الضابط الكبير أن تشكيل الوحدة الجديدة يأتي في إطار تحولات جذرية تمت في عهد رئيس هيئة الأركان الحالي، جادي إيزنكوت، الذي يولي أهمية كبيرة لمواجهة "حملات نزع الشرعية عن إسرائيل" من خلال المبادرات الفلسطينية والعربية والدولية التي تهدف إلى فضح انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي أثناء حروبها. وأوضحت الصحيفة أن أدوار الوحدة الجديدة ومهامها سيتم اختبارها في الحروب المقبلة التي قد تشنها إسرائيل ضد حزب الله أو حركة حماس، وهي حروب ستطاول العمليات فيها العمق المدني في لبنان وقطاع غزة.

يذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي شكل وحدات أخرى لمواجهة مخاطر وتحديات أخرى، تتعلق بنزع الشرعية الدولية عن إسرائيل. وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية النقاب عن أن شعبة الاستخبارات العسكرية دشنت وحدة متخصصة في جمع المعلومات الاستخباراتية عن أنشطة حركة المقاطعة الدولية "BDS" والإسهام في إحباطها. وفي هذا المضمار، ذكرت وكيلة وزارة التهديدات الاستراتيجية الإسرائيلية، يجيل سيمانتوف، أن سلطات الاحتلال اتخذت قراراً يقضي بأن تعمل كل المؤسسات الحكومية المعنية بمواجهة "BDS" في تل أبيب، من أجل تسهيل تواصلها مع الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية التي تضطلع بدور أساسي في عمليات إحباط أنشطة هذه الحركة. وتعزو وسائل إعلام عربية وأجنبية للاستخبارات الإسرائيلية مسؤولية عرقلة الرحلات البحرية التي تنظمها المنظمات الدولية والهادفة إلى كسر الحصار عن قطاع غزة.

وبغض النظر عن طابع المعايير التي ستوصي وحدة "تلم" باعتمادها من قبل جيش الاحتلال، لدى شن حروبه في المستقبل، إلا أن هذه الخطوة لن تضمن تقليص المس بالمدنيين الفلسطينيين أو اللبنانيين. وكان إيزنكوت صاغ، بعد ثلاثة أشهر على توليه مهام منصبه رئيساً للأركان، ما يعرف بوثيقة "إيزنكوت" التي تتعلق بطابع أهداف الحروب المقبلة التي قد تشنها إسرائيل ضد حزب الله وحركة حماس. ونصت الوثيقة على ضرورة أن يتم تصميم هذه الحروب بشكل يتيح تحقيق أهدافها في أقل وقت ممكن. وهذا يعني استخدام قوة نيران كبيرة تفضي إلى سقوط أعداد كبيرة من المدنيين، ما سيشكل، كالعادة، انتهاكاً للقانون الدولي.

المساهمون