اغتيال عابر للحدود والجنسية: تاريخ من ملاحقة الاحتلال لـ"حماس"

اغتيال عابر للحدود والجنسية: تاريخ من ملاحقة الاحتلال لـ"حماس"

19 ديسمبر 2016
"أبابيل" التي أشرف الزواري عليها (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
للمرة الأولى، تطاول يد الاحتلال الإسرائيلي أحد قيادات "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، من غير الجنسية الفلسطينية في الخارج. في تونس وصلت يد إسرائيل إلى محمد الزواري، أحد مهندسي طائرات "أبابيل"، التي كانت إحدى العلامات الفارقة في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة صيف عام 2014. وعلى الرغم من الغموض حول الاغتيال وتفاصيله، إلا أنّه كان مفاجئاً للمراقبين أن تعلن "القسام"، أيضاً للمرة الأولى، أنّ الزواري أحد قادتها في الخارج، متوعّدة إسرائيل بالرد على جريمة اغتياله، على الرغم من عدم إعلان الاحتلال مسؤوليته عن العملية كما عمليات الاغتيال السابقة.

وسبق الجريمة الإسرائيلية في صفاقس التونسية، جرائم أخرى بحق قيادات عسكرية لـ"حماس" وقيادات فلسطينية أخرى، منها اغتيال القائد العسكري للحركة، محمود المبحوح، في فندق بمدينة دبي الإماراتية في يناير/كانون الثاني 2010، واتهمت أبو ظبي في حينه الموساد الإسرائيلي بالمسؤولية عن الجريمة. وفي عام 2004، اغتيل القائد العسكري في "كتائب القسام"، عز الدين الشيخ خليل، في العاصمة السورية دمشق. وقبلها تعرض رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" خالد مشعل لمحاولة اغتيال في الأردن في عام 1997.

في المقابل، لم يسجل على "حماس" أنّ استخدمت أرضاً غير فلسطينية منطلقاً لعملياتها العسكرية، وظلت الحركة وذراعها العسكرية تؤكدان أنّ "فلسطين هي ساحة المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي"، على الرغم من  محاولات اسرائيل المتكررة لجرّها إلى ساحات أخرى.

واعتبرت "كتائب القسام"، في بيان تبنّي الزواري، أنّ "عملية الاغتيال تمثل ناقوس خطر لأمتنا العربية والإسلامية، بأن العدو الصهيوني وعملاءه يلعبون في دول المنطقة ويمارسون أدواراً قذرة، وقد آن الأوان لأن تقطع هذه اليد الجبانة الخائنة". ودعت الكتائب "شباب الأمة العربية والإسلامية وعلماءها إلى السير على خطى الشهيد القائد الزواري، والتوجه نحو قضية الأمة قضية القدس والأقصى وفلسطين، وبذل الغالي والنفيس في سبيلها من أجل تطهيرها من عدو الأمة الغاصب".

في هذا السياق، ذكر المتحدث باسم "حماس"، حازم قاسم، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الشهيد الزواري بالرغم من كونه تونسياً، إلا أنّ ساحة فعله هي فلسطين وضد الاحتلال الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنّ "هذا الشهيد يثبت مرة أخرى أنّ القضية الفلسطينية ما زالت القضية المركزية في ضمير ووجدان الشعوب العربية".



ونوّه قاسم إلى أنّه "سيأتي يوم تدفع فيه إسرائيل ثمن هذه الجريمة بعد اعتدائها على الشعب التونسي وأرضه وعلى قائد من قيادات القسام"، مبيناً بأنّ "طائرات الزواري أحد مكونات القوة لدى كتائب القسام للدفاع عن الشعب الفلسطيني ومقاومة الاحتلال". ولفت إلى أنّه "مع حالة الانشغال في القضايا المحلية، إلا أنّ الشباب العربي يعرف أنّ عدوه هو الاحتلال وأنّ طاقته يجب أنّ توجه ضد هذا الاحتلال"، معبّراً عن "فخر حركته بالزواري الذي كانت له بصمة في مجال تطوير تقنيات معينة عند القسام، متعلقة بالطائرات من دون طيار، وهي أحد مكونات القوة التي تمتلكها الكتابة لحماية شعبنا".

من جهته، رأى الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "التلميحات التي خرجت عن الإعلام الإسرائيلي بشأن وقوف الموساد وراء الاغتيال، تأتي في إطار كونه المستفيد الأكبر من العملية، بالإضافة إلى أن الجهاز الاستخباراتي الإسرائيلي لا يعلن عن مثل هذه العمليات خشية من ردود أفعال دولية".

وأبدى أبو زايدة اعتقاده بأن "كتائب القسام لن تقوم بالرد على عملية اغتيال المهندس الزواري خارج الأراضي الفلسطينية، كون ذلك مبدأ ثابتاً لدى حركة حماس بأن مقاومتها محصورة في فلسطين والأراضي المحتلة"، متوقعاً أنّ "يعمل جناح حماس العسكري على تحصين وضبط الحالة الأمنية بشكل أكثر، من دون المبادرة إلى تغيير استراتيجيته الثابتة على مدار عمله خلال السنوات الماضية ونقل المقاومة لساحات أخرى". وأضاف بأنّ "الاحتلال الإسرائيلي هو المستفيد الأبرز من عملية اغتيال التونسي الزواري كونه، وفقاً لإعلان القسام، أحد المشرفين على تطوير برنامج الطائرات من دون طيار، التي كانت مشاركة في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة".



وتابع أبو زايدة قائلاً إنّ "عمليات الاغتيال على أرض أجنبية ذات سيادة، هو تعدٍّ على القانون الدولي وانتهاك لسيادتها، ومن الممكن أن يدخل الاحتلال الإسرائيلي وجهازه الموساد في إجراءات قانونية وتعقيدات تؤثر على أي عمليات اغتيال مستقبلية، لذلك يفضل دوماً عدم الإعلان عنها". ونوّه إلى أن "رد المقاومة الفلسطينية لن يكون من القطاع الذي قد يدخل في موجة جديدة من التصعيد قد تصل لمواجهة واسعة، وسيقتصر على بعض العمليات في الضفة الغربية أو الأراضي المحتلة عام 1948".

بدوره اعتبر المحلل السياسي، مصطفى الصواف، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "استراتيجية حماس الثابتة قد تتغير تجاه الرد على عمليات الاغتيال خارج الأراضي الفلسطينية، وتدفعها باتجاه إعادة النظر في موقفها كما فعلت الجبهة الشعبية أخيراً التي وصفت قرار وقف عملياتها خارج فلسطين بالخاطئ".

وتابع الصواف بأنّ "أدوات المقاومة كثيرة وبإمكانها أنّ تحرك هذه الأدوات بالطريقة المناسبة دون أن يكون الأمر بشكل مباشر من قطاع غزة، الذي يعد نفسه لمواجهة كبيرة مع الاحتلال ولا يريد الاستعجال". وأوضح أنّ "الاحتلال لا يحسب تبعات عمليات الاغتيال التي ينفذها في الخارج، بقدر تنفيذ الهدف المرجو من وراء هذه العمليات، خصوصاً في ظل صمت الدول التي يجري تنفيذ العمليات على أرضها وعدم وجود موقف قوي من المجتمع الدولي تجاه هذه العمليات". وتوقع أن "لا يكون رد المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام سريعاً على عملية الاغتيال، وسيأخذ بعض الوقت من أجل تحديد الاستراتيجية والهدف المرجو من وراء أي رد على عملية الاغتيال التي تعرض لها المهندس الزواري".


المساهمون