روسيا تبرئ نفسها: أميركا تسببت بسقوط تدمر بيد "داعش"

روسيا تبرئ نفسها: أميركا تسببت بسقوط تدمر بيد "داعش"

13 ديسمبر 2016
عنصران في "درع الفرات" يقصفان مدينة الباب (حسين ناصر/الأناضول)
+ الخط -
حمّلت روسيا، أمس الإثنين، الولايات المتحدة مسؤولية سقوط مدينة تدمر بيد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، معتبرة أن التنظيم نقل قوات كبيرة وأعتدة عسكرية ودبابات إلى المنطقة بعد تأكده من وقف التحالف الدولي للغارات على الرقة، لكن موسكو لم تشر أين كانت طائراتها الحربية التي تواصل استهداف مناطق كثيرة تسيطر عليها المعارضة السورية، ولماذا لم تستهدف هذه الطائرات أرتال "داعش" التي انتقلت من الرقة ودير الزور إلى تدمر. في هذا الوقت، ذكرت مصادر أمنية تركية أن النظام السوري تعمد ترك مضادات للدروع والطيران لتنظيم "داعش" في تدمر، بهدف تسليحه ضد فصائل الجيش السوري الحر التي تقاتل في إطار عملية "درع الفرات"، والتي عاودت أمس الإثنين، تنشيط عملياتها العسكرية في محيط مدينة الباب بعد فتور أسابيع.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، أن مسلحي تنظيم "داعش" تمركزوا قرب تدمر لتأكدهم من أن الأعمال القتالية في مدينة الرقة لن تستأنف. وقال "قام تنظيم داعش بنقل قوات كبيرة للهجوم على تدمر مستفيداً من أن الأعمال القتالية الفعالة للولايات المتحدة والتحالف الدولي في الرقة أوقفت حتى فصل الربيع"، مضيفاً "انتقل حوالي 4 آلاف مسلح مع عتادهم: دبابات، وعربات مدرعة، وسيارات دفع رباعية، وأسلحة ثقيلة من منطقتي دير الزور والرقة، بعد قدومهم إلى هناك من الموصل العراقية". وكان المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، اعتبر أن تكثيف "داعش" الهجمات، بما في ذلك استيلاؤه على مدينة تدمر بريف حمص، جاء على خلفية انعدام التعاون العملي مع الدول الأخرى، وبالدرجة الأولى أميركا، في محاربة الإرهاب، مؤكداً أن "روسيا ستواصل دعم الجيش السوري في محاربة الإرهاب". وأشار إلى أن "عملية دفع مجموعات كبيرة من الإرهابيين على الخروج من العراق باتجاه سورية، يتيح لهم إنشاء تشكيلات ومجموعات كبيرة نسبياً في أراضي هذا البلد والبدء بشن هجمات".

وقالت مصادر أمنية تركية، لوكالة "الأناضول"، إن "النظام السوري تعمد ترك مضادات للدروع والطيران عالي النطاق لتنظيم داعش الإرهابي في مدينة تدمر وسط البلاد، بهدف تسليحه ضد فصائل الجيش السوري الحر التي تقاتل في إطار عملية درع الفرات". وأشارت إلى أنهم "توصلوا إلى نتيجة بأن النظام السوري يسلح داعش بشكل متعمد، وأنه لم يقم بتدمير مضادات الدروع والطيران قبل انسحابه من مدينة تدمر". وذكرت حسابات مقربة من "داعش" على شبكات التواصل الاجتماعي، أن التنظيم اغتنم 30 دبابة و6 ناقلات جند و6 مضادات للطيران عيار 122 ملم، و7 مضادات للطيران عيار 23 ملم، و4 مستودعات أسلحة خفيفة وذخائر، وكميات كبيرة من مضادات الدروع.


وبعد يوم من إخضاعه السريع والمفاجئ لمدينة تدمر الأثرية شرقي البلاد، واصل "داعش" تقدمه غرباً، نحو مناطق سيطرة قوات النظام القريبة من مطار "تي فور" العسكري. وذكرت وكالة "أعماق"، التابعة للتنظيم، أنه بدأ هجوماً جديداً نحو مطار الـ"تي فور" العسكري غرب مدينة تدمر، مشيرة إلى أن الهجوم يستهدف مواقع وجبال عدة خاضعة لسيطرة النظام السوري في محيط المطار. وذكر "مركز حمص الإعلامي" إن "داعش" تمكن من بسط نفوذه على مفرق جحار شرقي المطار، قبل أن يسيطر لاحقاً على قرية مرهطان. ويعتبر هذا المطار العسكري، من أهم قواعد النظام الجوية في سورية، إذ يحوي طائرات حربية ومروحية، ويستخدمه النظام لشن غاراته على مناطق واسعة خارج نفوذه وسط البلاد. وكان التنظيم شن السنة الماضية عدة هجمات قربه، وتمكن من تدمير طائرات رابضة على أرضه عبر استهدافها بالصواريخ، لكنه لم يستطع حينها اقتحام المطار أو كسر دفاعاته. وكان مسلحو "داعش" بدأوا، الخميس الماضي، هجوماً على حواجز النظام ومواقعه العسكرية في محيط تدمر التي خسروها في مارس/آذار الماضي. وانطلقوا من مواقع خاضعة للتنظيم، أبرزها مدينة السخنة التي تبعد 64 كيلومتراً شمال شرق تدمر، وسيطروا خلال ثلاثة أيام على مناطق عدة تحوي آباراً نفطية قبل أن يقتحموا مدينة تدمر، ويبسطوا سيطرتهم الكاملة عليها صباح أول من أمس.

في هذا الوقت، عاودت قوات "درع الفرات" تنشيط عملياتها العسكرية في محيط مدينة الباب بعد فتور لأسابيع. وقصفت المدفعية والطائرات الحربية التركية مواقع لتنظيم "داعش" شمالي مدينة الباب (36 كيلومتراً شمال شرق مدينة حلب)، الأمر الذي دفع مسلحي التنظيم إلى التراجع لداخل المدينة. وذكرت مصادر ميدانية، لـ"العربي الجديد"، أن فصائل الجيش السوري الحر، المنضوية في "درع الفرات"، بدأت بالتقدم نحو مدينة الباب من جهات عدة، خصوصاً في المناطق المتاخمة للطريق العام شمالي الباب. وعلى الرغم من تحركات القوات المهاجمة منذ الصباح، فإنه لم يتضح حتى عصر أمس، إحرازها لتقدم لافت على أطراف المدينة، سوى أن التمهيد الناري التركي، عبر المدفعية والطيران، يؤشر إلى أن معركة الباب، قد تدخل مرحلة الحسم قريباً، وهو ما أكده في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، عدد من القياديين العسكريين السوريين المشاركين في المعارك هناك. ويُرجح انسحاب عناصر "داعش" في حال فقدوا السيطرة على الباب، نحو مناطق نفوذهم إلى الجنوب الشرقي من المدينة، إذ ما زال التنظيم يسيطر على مساحات واسعة تمتد حتى بلدة مسكنة (60 كيلومتراً جنوب شرق الباب) وتقع على طريق الطبقة بريف الرقة حيث أهم معاقل التنظيم في سورية. وذكرت وسائل إعلام تركية أن قوات سلاح الجو ألقت منشورات على مدينة الباب، تحث المدنيين على الفرار إلى مناطق آمنة. وجاء فيها "إن شاء الله، النصر قريب"، و"لا تسمحوا لإرهاب داعش، الذي يخدم الشيطان، باستغلالكم".

إلى ذلك، قصف الطيران الحربي قرى تخضع لـ"داعش" في ناحية عقيربات في ريف حماة الشرقي، بقنابل تحوي غازات سامة، ما أدّى لوقوع عشرات القتلى وحالات اختناق بين المدنيين. وقال مصدر من المجلس المحلي لبلدة عقيربات وريفها، لـ"العربي الجديد، إن "25 مدنياً، بينهم أطفال ونساء، قتلوا، بينما أصيب العشرات بحالات اختناق بقصف من الطيران الحربي على قرية جروح، كما قتل 4 وسجلت عدة حالات اختناق بقصف مماثل على قرية الصلالية، فيما قتل اثنان وأصيب آخرون بقصف آخر بالغاز السام على قرية القسطل، في ناحية عقيربات بريف حماة الشرقي". ورجّح المصدر أنّ "تكون المادة السامة هي السارين"، مشيراً إلى "وجود نقص كبير في مادة الأتروبين المضادة للإصابة بغاز السارين السام في المراكز الطبية في المنطقة، ما يرجح ارتفاع حصيلة القتلى نتيجة وجود قرابة 300 مصاب بحالات اختناق واختلاج في الجهاز التنفسي". واتهم "الطيران الحربي الروسي بتنفيذ القصف".