تغيير خطة هجوم الموصل لكسر الجمود... والأوضاع الإنسانية تتفاقم

تغيير خطة هجوم الموصل لكسر الجمود... والأوضاع الإنسانية تتفاقم

02 ديسمبر 2016
تواصل مليشيات الحشد تطويق المناطق المحيطة بتلعفر(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
على نحو غير مفاجئ للعديد من المراقبين، باشرت القوات العراقية بتغيير خطة الهجوم على مدينة الموصل بعد تعثر استمر لأيام عدة لم تحقق خلاله تقدماً ملحوظاً في أي من محاور القتال على الرغم من القتال العنيف وعمليات القصف الجوي المكثف.

تغيير خطة الهجوم
وشهد يوم أمس، الخميس، عمليات استبدال قوات مكان أخرى وتعزيز جبهات ومحاور بقوات إضافية، فضلاً عن نقل دروع ودبابات إلى المحور الشرقي من المدينة مع الحرص على استمرار القتال والهجمات المتفرقة من قبل الجيش العراقي قال عنها مسؤولون عراقيون إنها تأتي لسد أي محاولة للتنظيم لمهاجمة القوات أو استعادة مناطق خلال عمليات التغيير بخطط الهجوم.
وأتى تغيير الخطة العامة لمعركة الموصل بعد يومين فقط من زيارة قائد قوات التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسورية، الجنرال ستيفن تاونسند، إلى بغداد ولقائه بقادة الجيش العراقي وممثلي غرفة التحالف الدولي في العراق.

ووفقاً لمصادر عسكرية عراقية رفيعة في قيادة عمليات تحرير نينوى، فإن "القوات العراقية شرعت في تحديثات جديدة على الخطة بعضها جذري في عدد من المحاور، تمثلت بنقل قطعات عسكرية واستبدالها بأخرى وتعزيز محاور مختلفة".
وأوضحت المصادر أن أبرز التغييرات على الخطة كان في ما يتعلق بالتعامل مع المدنيين، إذ من المقرر وفقاً للخطة الجديدة، أن يتم فتح معابر للمدنيين في الأحياء الشرقية لخروجهم وعدم القتال داخل المناطق المأهولة بالمدنيين بعد ارتفاع عدد الضحايا خلال الأسبوع الحالي إلى نحو الضعف بالمقارنة مع الأسبوع الماضي.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن رئيس أركان الجيش العراقي، الفريق الركن عثمان الغانمي، وصل إلى الموصل وأشرف على عمليات التغيير التي تم التوافق عليها في خطة الهجوم على المدينة. وأشارت المصادر إلى أن الغانمي يحمل رسالة من رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي يحثّ فيها القوات العراقية على سرعة حسم معارك شرقي الموصل خلال الأسبوع المقبل والالتزام بوعد العبادي الذي قطعه بتحرير مدينة الموصل بالكامل قبل نهاية العام الحالي.



من جهته، قال قائد عمليات "قادمون يا نينوى" المسؤولة عن تحرير الموصل، الفريق عبد الأمير يار الله، في بيان، إنّ "القوات المشتركة بصدد إحداث تغييرات في خطط العمليات العسكرية الجارية لتحرير الموصل". وأوضح أن التغييرات ستحصل في الجهة الشرقية لنهر دجلة.
بالتزامن قال مصدر بقيادة عمليات الجيش في الموصل، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "تقدّم القطعات العسكرية يسير ببطء في الجانب الشرقي للموصل، بسبب مقاومة تنظيم داعش، واحتماء عناصر التنظيم بالمدنيين". وتوقع ألا تحسم المعارك بسهولة "ما لم يتم تغيير الخطط، بالشكل الذي لا يؤثر على سلامة المدنيين".
ورجّح المصدر أن يتم سحب قطعات الشرطة الاتحادية من المحاور الأخرى، وزجها في المحور الشرقي، فضلاً عن الاستعانة بقطعات الفرقة التاسعة في الجيش العراقي. وأشار إلى أنّ المعركة "تزداد صعوبة"، كلما تقدّمت القوات العراقية باتجاه عمق مدينة الموصل.

تباطؤ ميداني
وحول الوضع الميداني لمعارك أمس الخميس، قال ضباط بالجيش العراقي إن هطول الأمطار وتراجع درجات الحرارة وتكدس المدنيين داخل المنازل تسبب بتباطؤ كبير في حركة القوات من المحور الشرقي. وتواصلت المعارك في أحياء القادسية الثانية ودورة المحروق وجديدة المفتي، شمال شرقي وشرقي الموصل، في الوقت الذي استمرت فيه عمليات رفع الألغام والعبوات من مناطق البكر والزهور المحررة منذ أيام.
أما في المحور الجنوبي، فواصلت قوات الجيش العراقي محاولات السيطرة على منطقة البو يوسف التي تتعرض لقصف عنيف من قبل طيران التحالف.

وذكر العميد محمد الطائي، من قوات الفرقة 16 في الجيش العراقي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه تم تحقيق تقدم في المنطقة، وبات القتال داخل منطقة البو يوسف التي تبعد كيلومترين عن مطار الموصل الدولي.
في غضون ذلك، حققت القوات المشاركة تقدماً بسيطاً في المحور الجنوبي الغربي القريب من معسكر الغزلاني وسط توقعات بنجاح عملية السيطرة على المعسكر في الأيام القليلة المقبلة بسبب انهيار أغلب خطوط "داعش" بفعل القصف الذي تنفذه طائرات التحالف الدولي.
وفي المحور الغربي، تواصل مليشيات الحشد الشعبي فرض سيطرتها على العديد من القرى الصغيرة المنتشرة على مساحات شاسعة في مناطق غرب الموصل، وذلك ضمن خطتها للسيطرة على مدينة تلعفر القريبة من الحدود العراقية – السورية.
وأعلن المتحدث الإعلامي باسم مليشيات الحشد، أحمد الأسدي، أن قوات الحشد تواصل "عمليات تحرير قرى جنوب غرب الموصل ضمن عمليات الصفحة (المرحلة) الخامسة محققة المزيد من التقدم بمساحة تجاوزت 310 كيلومترات مربعة". وأوضح أن "قوات الحشد واصلت عملية التطويق العسكري حول ناحية تل عبطة الاستراتيجية المطلة على مدينة تلعفر تمهيداً لاقتحام الناحية وفق الأهداف المرسومة". ولفت إلى أن قوات "الحشد تمكنت من السيطرة على قريتي الصالحية وبوثة الشرقية، جنوب غرب الموصل، بعد خوضها لمعارك شرسة ضد عناصر داعش". ولفت إلى أن "الحشد تسيطر حالياً على 19 قرية مجاورة لمدينة تلعفر".
وفي السياق، لف الغموض مصير العائلات التي تقطن عدداً من القرى التي سيطرت عليها مليشيات الحشد في مناطق غرب الموصل. وأكدت مصادر محلية أن "مليشيات الحشد قامت باعتقال عشرات الرجال من القرى التي سيطرت عليها أخيراً ولا يعرف مصيرهم حتى الآن بسبب قلة المعلومات المتوفرة حول سير العمليات العسكرية هناك".
وحذرت جهات سياسية من "قيام مليشيات الحشد بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين من سكان القرى التي دخلتها مليشيات الحشد أخيراً"، وذلك على خلفية التقارير التي صدرت من منظمات دولية حقوقية حول تورط مليشيات الحشد بعمليات تعذيب طاولت العشرات من الرجال من سكان القرى في غرب مدينة الموصل.
وفي المحور الشمالي، استمرت العمليات العسكرية في مناطق شمال مدينة الموصل من دون أي تغيير، اذ واصلت قوات البشمركة نزع العبوات الناسفة وإزالة المخلفات الحربية التي تركتها المعارك الضارية التي شهدتها مدينة بعشيقة (13 كيلومتراً شمال الموصل).

المساهمون