ليبيا: "الاتفاق السياسي" في مهب الخلافات والسلاح

ليبيا: "الاتفاق السياسي" في مهب الخلافات والسلاح

06 نوفمبر 2016
ندوة الإعلان عن "الاتفاق السياسي" بالصخيرات المغربية(فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -
بعد مرور ما يقارب العام على توقيع اتفاق سياسي في ديسمبر/كانون الأول الماضي بين الأطراف الليبية، لإنهاء حالة الصراع وتكوين حكومة وحدة وطنية، تعالت أصوات، أخيرا، تنادي بضرورة إطلاق مفاوضات جديدة، تضم فاعلين أمنيين، بهدف تعديل الاتفاق أو الوصول إلى اتفاق جديد.

واعتبرت "مجموعة الأزمات الدولية"، في تقريرها الجمعة الماضي، أن الاتفاق السياسي الليبي "وصل إلى طريق مسدود"، وأن "الحاجة أصبحت ملحة لإطلاق مفاوضات جديدة بين لاعبين آمنيين لتعديل الاتفاق".

وحذرت المجموعة الدولية من قرب اندلاع حرب حول موانئ النفط وسط البلاد بين القوات الموالية لحكومة الوفاق، التي تقاتل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سرت، وبين قوات البرلمان، بقيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، والتي سيطرت، الشهر قبل الماضي، على منطقة الهلال النفطي.

وجاءت نداءات المجموعة الدولية بالتوازي مع تصعيد داخلي، زاد من قتامة المشهد في الآونة الاخيرة، فقد حملت تصريحات رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، الذي فشلت حكومته في نيل ثقة برلمان طبرق في شرق البلاد، الكثير من الوعيد لمناوئيه الرافضين الاعتراف بشرعية الحكومة، معلنا أن أسماء بعينها هي من تقف وراء عرقلة مسار تطبيق الاتفاق السياسي.


واتهم السراج، في تصريحات صحافية الخميس الماضي، رئيس البرلمان، عقيلة صالح، والجنرال خليفة حفتر، ومحافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، ومفتي البلاد، الصادق الغرياني، بأنهم يقفون وراء عرقلة أداء حكومته، وهي المرة الأولى التي يوجه فيها السراج اتهاما لأشخاص وأطراف بعينها، مشددا على تمتّعه بدعم المجتمع الدولي، وإصراره على تنفيذ الاتفاق السياسي، مستدلا بأن مشاركة أطراف دولية كبرى في مؤتمر لندن، فضلا عن الدعم الأميركي الجوي في سرت، "خير دليل".

إلى ذلك، ازدادت الإشارة بشأن استعدادات حكومة الوفاق لشن حرب لتحرير موانئ النفط من قبضة قوات حفتر الموالية للبرلمان.

فبعد إعلان المتحدث باسم قوات حفتر، أحمد المسماري، استعداد القوات الموالية للبرلمان لحماية وجودها بمنطقة الهلال النفطي، كاشفا، في تصريحات صحافية الأربعاء الماضي، عن تشكيل وزير دفاع حكومة الوفاق لغرفة عسكرية لشن حرب على منطقة الهلال النفطي، مقرها قاعدة الجفرة العسكرية، التي تعسكر فيها بقايا قوات رئيس حرس المنشآت النفطية السابق، إبراهيم الجضران.

وحذر عضو المجلس الرئاسي المقاطع، عمر الأسود، من مغبة قيادة المجلس الرئاسي لحرب في منطقة الهلال النفطي، متسائلا، في تصريحات صحافية أمس السبت، عن "الصمت الغريب لرئيس المجلس، فايز السراج، بشأن هذه الأنباء"، ومطالبا إياه بالخروج لنفيها أو إثباتها، معتبرا أن المجلس الرئاسي تحول إلى "مجلس حرب وليس مجلس وفاق".

لكن اللافت في مستجدات المشهد الليبي إعلان مدينة مصراتة، الأقوى عسكريا وسياسيا غرب البلاد، وأكبر الداعمين لحكومة الوفاق، مساء أمس السبت، عن إنشائها لتجمع سياسي مؤلف من 11 عضوا من نوابها بالبرلمان وأعضائها بالمجلس الأعلى للدولة.


وبحسب البيان التأسيسي للتجمع، فإنه يهدف إلى "بلورة رأي سياسي موحد يجنبها الكثير من الصراعات والدخول في حروب لا طائل من ورائها"، لافتا إلى رفضه "تسخير طاقات المدينة لتحقيق أهداف فئات ربما تؤدي إلى التصادم مع مصالح الوطن".

وبحسب متابعي الشأن الليبي، فإن خطوة المدينة تأسيس حراك سياسي يعبر عن رأيها يعكس عن رضاها بما حققته مخرجات الاتفاق السياسي، ويعمل على منع مشاركة مقاتلي المدينة في أي قتال وشيك، وربما تصبّ هذه الخطوة في اتجاه جديد.

وفي إطار هذا التوتر السياسي المشوب بحراك عسكري وشيك، عاد السياسي السابق ورئيس حزب تحالف القوى الوطنية الليبرالي، محمود جبريل، إلى الواجهة، عبر تصريحات أعلن فيها رفضه للاتفاق السياسي ومخرجاته، معتبرا، في حديث صحافي ليل أمس، أن "الاتفاق السياسي لعبة لرعاية من يملك القوة على الأرض"

وفي إشارة إلى قبوله بالحسم العسكري، قال جبريل: "نحن مع الجيش (قوات حفتر) لأنه أصبح جزءا من أي عملية سياسية باعتراف دولي، ونحن بحاجة له كضمانة في أي انتخابات برلمانية مقبلة".

في ذات الاتجاه، عبّر مناوئو حكومة الوفاق، أكثر من مرة، عن دعمهم لتحركات رئيس حكومة المؤتمر السابق في طرابلس، خليفة الغويل. 

ففي تصريح لعضو البرلمان عن منطقة السدرة النفطية، صالح افحيمة، أعلن أن البرلمان يتجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع حكومة الغويل قريبا، بعد أن عجزت حكومة الوفاق عن سد الفراغ السياسي وحل مشاكل المواطن.

وفي موقف جديد، رفضت مدينة الخميس، المتاخمة لمدينة مصراتة، أمس، مشاركة عضو المجلس الرئاسي، احمد معيتيق، في افتتاح محطة كهرباء تغذي المنطقة الغربية، لتستضيف الغويل لافتتاح المشروع.