إسرائيل: الحرائق ترفع كلفة الحروب المحتملة

إسرائيل: الحرائق ترفع كلفة الحروب المحتملة

صالح النعامي

avata
صالح النعامي
28 نوفمبر 2016
+ الخط -
أثارت الحرائق التي تشتعل في إسرائيل قلق عدد من صناع القرار ومراكز التقدير الاستراتيجي وكبار المعلقين في تل أبيب، ولفتت أنظارهم إلى مكامن خلل خطيرة في الاستراتيجية المعتمدة لمواجهات التحديات والتهديدات الأمنية، التي يتعرض لها الأمن "القومي" الصهيوني. ودفعت الحرائق العديد من الوزراء وقادة الأمن والأوساط الإسرائيلية إلى طرح تساؤلات مختلفة، ومفادها: ماذا لو اشتعلت الحرائق وبهذا الحجم أثناء اندلاع حرب أو مواجهة مع طرف عربي أو أكثر؟ وكيف سيكون بالإمكان مواجهتها؟ وكيف ستؤثر على قدرة "الدولة" على إدارة الجهد الحربي وفي الوقت ذاته الاهتمام بمتطلبات العمق المدني الذي يتعرض لتهديد الحرائق؟

وكان وزير المالية، موشيه كحلون، أول من دق ناقوس الخطر عندما تساءل في مقابلة مع قناة التلفزة الثانية، مساء السبت، قائلاً: "لو افترضنا أن حرباً ما نشبت وأفضى سقوط الصواريخ إلى إشعال النيران في أكثر من مكان، كما يحدث حالياً، كيف سنتصرف؟ بكل تأكيد لن يكون بوسعنا أن نطلب المساعدة من الدول الأجنبية، فليس من المعقول أن نتوقع أن تتطوع دولة ما لإرسال الإطفائيات لديها وهي تدرك مستوى المخاطر الناجمة عن الحرب"، بحسب تعبيره.

وتحدث كحلون عن ضرورة تخصيص الحكومة وقتاً كافياً لمناقشة هذا السيناريو تماماً بعد الانتهاء من إطفاء الحرائق. لكن هناك تحديات أكثر خطورة ترتبط بهذا النوع من الأزمات وقت الحروب، وتتعلق بإخلاء المستوطنين من المناطق التي تتعرض للحرائق أو تهددها. في هذا الصدد، كشفت صحيفة "هآرتس"، يوم الجمعة الماضي، عن أن قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أعدت مخططاً لإخلاء 78 ألف مستوطن من شمال الأراضي المحتلة في حال اندلاع حرب مع حزب الله في لبنان، دون أن يكون لذلك علاقة بنشوب الحرائق. وأضافت أن قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش أعدت مخططاً مماثلاً لإخلاء المستوطنين من المناطق المحتلة والمتاخمة لقطاع غزة في حال وقعت حرب مع حركة حماس. والسؤال الذي تطرحه الأوساط الإسرائيلية يتمثل في معرفة ماذا ستفعل حكومة الاحتلال لو اشتعلت نيران خلال الحرب مع "حزب الله" أو "حماس"، بسبب سقوط الصواريخ في مناطق غير حدودية؟ ويعتبر البعض، في هذا السياق، أن التحدي سيكون مزدوجاً، إذ ستكون إسرائيل مطالبة بإخلاء عشرات الآلاف من المستوطنين، وبتوفير مراكز إيواء وخدمات لعدد كبير منهم، سواء الذين تم إجلاؤهم تحسباً لنتائج الحرب أو تلافياً لمخاطر الحرائق.


وبحسب معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة الثانية، روني دانئيل، فإن اهتمام الدولة بتأمين الذين سيتم إخلاؤهم من منازلهم سيؤثر بشكل كبير على قدرتها على إدارة الجهد الحربي في مواجهة "الأعداء"، بحسب تعبيره. لكن مما لا شك فيه أن التحدي الذي يثير قدراً كبيراً من القلق، يتمثل في التداعيات الناجمة عن سقوط صواريخ على مرافق حساسة، مثل مجمعات الصناعات الكيميائية في ميناء حيفا ومحيط ميناء أسدود. ومن الواضح أن الآثار البيئية لتطور كهذا ستؤثر بشكل كبير وخطير على العمق المدني خلال الحرب. وأجمعت مراكز التقدير الاستراتيجي على أن هذا السيناريو مقترن بشكل خاص بنشوب مواجهة مع حزب الله. ومصدر هذا القلق هو أن ترسانة الحزب تضم صواريخ تجمع بين ضخامة الرأس التفجيري ودقة الإصابة والمدى الطويل، بالإضافة إلى حقيقة أن مثل هذه الصواريخ يصعب جداً اعتراضها من قبل المنظومة الدفاعية المضادة للصواريخ، المعروفة باسم "القبة الحديدية".

ويلفت معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أليكس فيشمان، إلى تحدٍّ آخر يتمثل في أن الحرائق التي تشتعل حالياً قد كشفت عن الخلل الناجم عن النقص في القوى البشرية في زمن الطوارئ. وفي تعليق نشرته الصحيفة، يوم الجمعة الماضي، نوّه فيشمان إلى أن إسرائيل اضطرت إلى إلغاء كل الإجازات في الجيش من أجل تحسين قدرة المؤسسة العسكرية على التدخل وتأمين العمق المدني.

وترى بعض الأوساط الإسرائيلية أن احتمال لجوء المقاومة الفلسطينية في المستقبل إلى عمليات إشعال النيران في الأحراش، يشكل تحدياً هائلاً للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية. ونقلت الإذاعة العبرية، يوم السبت، عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن اكتشاف الفلسطينيين نتائج عمليات الحرق يزيد من الدافعية لديهم لتنفيذها. ولفت، في هذا السياق، إلى أن التحدي الكامن في هذا النوع من العمليات يتمثل في حقيقة أنها، على غرار عمليات الطعن والدهس الفردية، يصعب الحصول على معلومات استخباراتية مسبقة عنها وإحباطها.

كذلك، رأى المصدر الأمني أن العامل الذي قد يشجع الفلسطينيين على تنفيذ عمليات الحرق، يتمثل في أن الشخص الذي يقوم بعملية كهذه لا يواجه نفس مستوى الخطر الذي يواجهه من ينفذ عمليات الطعن والدهس، إذ من الممكن لأي فلسطيني أن ينفذ عمليات الحرق دون أن يُكْتشف أمره، أو أن يتعرض للأذى، بخلاف عمليات الطعن والدهس، التي غالباً ما تنتهي إما بإعدام ميداني للفاعل، أو باعتقاله.

ذات صلة

الصورة

مجتمع

أسّس منظمة "وورلد سنترال كيتشن" غير الحكومية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها الطاهي الإسباني الأميركي خوسيه أندريس...
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة
القيادي في حماس مروان عيسى (إكس)

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان رسمي مساء اليوم الثلاثاء، اغتيال القيادي في حركة حماس مروان عيسى، وذلك بعد نحو أسبوعين من الإعلان عن استهدافه في النصيرات.
الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.

المساهمون