تلعفر... قنبلة موقوتة في الشمال العراقي

تلعفر... قنبلة موقوتة في الشمال العراقي

26 نوفمبر 2016
لتلعفر خصوصية ديمغرافية وجغرافية (أخيلياس زافاليس/فرانس برس)
+ الخط -

بعد مضي أكثر من شهر على انطلاق معركة الموصل، وعلى الرغم الانتهاكات المعدودة التي سجّلت فيها، إلا أنها ما زالت تعدّ "معركة نظيفة" قياساً على المعارك التي سبقتها في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار. غير أن الأمور لن تستمرّ على حالها على ما يبدو، والوضع مهدد بالتحوّل إلى صراع خطير بعد وصول مليشيا "الحشد الشعبي" إلى تخوم بلدة تلعفر في المحور الغربي للموصل، التي تضم مكونات مختلفة، ما يؤجج المخاوف من اندلاع فتن في المنطقة.

في هذا السياق، ترسم تحركات "الحشد" على مشارف تلعفر ملامح سيناريوهات كثيرة، أسهلها مر، إذ يعتبر مراقبون تلعفر قنبلة الصراع الطائفي في الموصل، وأنّ دخول "الحشد" إليها سيشعل حرباً طائفية لن تتوقف عند حدود الموصل فحسب، بل سيجعل من البلدة محور صراع طائفي وإقليمي خطير. الأمر الذي سيؤثّر بكل الأحوال على الأوضاع الميدانية في الموصل، لتكون البلدة محور صراع وعقدة في المعركة.

في هذا الإطار، تقول النائبة عن محافظة نينوى، انتصار الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "بلدة تلعفر ذات بعد إقليمي يختلف من مناطق العراق الأخرى، ولا يمكن تركها تواجه مصيرها من دون أن تتحرّك الحكومة لإصدار القرارات المناسبة والتي يجب أن تنزع فتيل الأزمة".

وتضيف أنّ "تركيا سبق أن أعلنت أنّها لن تقبل بدخول الحشد الشعبي إلى تلعفر، لأنّ الحشد ستجرّ البلدة إلى صراع طائفي يؤثّر على المنطقة ككل. ما قد يدفع أنقرة لتوفير الحماية للتركمان. كما أنّ إيران أيضاً لها تدخلاتها وستزيد في حال تصاعدت الأزمة"، محذرة من "تحويل الموصل إلى ساحة للصراع الطائفي والإقليمي".

وتدفع حساسية الموقف وخطورته في تلعفر "الحشد" إلى تصعيد خطابها وتكثيف القصف على البلدة وعلى المدنيين القاطنين فيها، لمحاولة تحقيق هدف من اثنين؛ إمّا دخول البلدة وتحقيق الأجندات الخاصة بها أو تحقيق مكاسب سياسية على حساب البلدة.

في هذا الصدد، يكشف مصدر سياسي مطلع، لـ"العربي الجديد"، أنّ "العبادي وبعد اتصالات وضغوط مارسها على قادة الحشد خلال الأيّام القليلة الماضية، استطاع التوصل معهم لتسوية بشأن تلعفر"، مبيّناً بأنّ "العبادي عقد اجتماعاً يوم الخميس في مطار تلعفر مع قادة الحشد وبحث تفاصيل الأزمة معهم".



ويوضح أنّ "قادة الحشد يحاولون بشتّى الطرق الدخول إلى البلدة، ويعتبرون وجودهم على مشارفها فرصة لا تعوّض، لتحقيق أهدافهم وأجنداتهم في البلدة". وينوّه إلى أنّ "قادة الحشد، وخلال الاجتماع، ساوموا العبادي على دخول البلدة، وطلبوا منه تمرير قانون الحشد الشعبي في البرلمان، والضغط على مفوضية الانتخابات للقبول بكتلة انتخابية للحشد الشعبي مقابل عدم دخولهم البلدة".

كما يلفت المصدر إلى أنّ "العبادي وعدهم بذلك، وأنّه سيضم صوته إلى صوت كتل التحالف الوطني تأييداً للقانون، كما سيسعى لدعم دخول الحشد الانتخابات"، مبيّناً أنّ "الاتفاق بين الطرفين انتهى على هذا الأساس، على أن يشكل العبادي قوة خاصة من الجيش والعشائر لتحرير المدينة".

من جهته يكشف عضو مجلس في محافظة نينوى، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحشد شكّل قوة (تحت اسم العشائر) من أبناء تلعفر، وهي من التركمان المرتبطين بالحشد لدخول المدينة"، معتبراً أنّ "هذه القوة قوامها حتى الآن 300 مقاتل، وهم من عناصر الحشد من أبناء تلعفر، وقد تلقوا تدريبات خلال فترة انتمائهم للحشد منذ أشهر عدة، وكانوا يعملون مع الحشد لا كقوة موحّدة، بل كانوا منتشرين بين فصائله".

ويشير إلى أنّ "مهمّة هذه القوة ستكون دخول تلعفر مع الجيش العراقي، وخوض عمليات تصفية وعمليات انتقامية، على اعتبار أنّها من أبناء البلدة وتعرف كافة مكوناتها"، ويرى بأنّ "القوة تعدّ حالياً قوائم بأسماء كل من تسعى للانتقام منهم بحجة مساعدة ودعم والانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".

كما ينبّه من "خطورة هذه القوة على معركة الموصل، وما ستتسبب به من أزمة تعقد المعركة، وما ستثيره من نزاع وحرب طائفية قد تشتعل من تلعفر"، مطالباً العبادي بـ"رفض دخول أي قوة عشائرية وغيرها إلى البلدة، وأن ينحصر تحرير البلدة على يد إحدى تشكيلات الجيش حصراً".

بدوره يُحذّر رئيس الجبهة التركمانية في البرلمان، أرشد الصالحي، من "خطورة وجود الحشد على مقربة من بلدة تلعفر، على أرواح المدنيين داخل البلدة". ويردف في تصريحات صحافية أنّ "أهالي تلعفر لا يريدون دخول أي قوات لمدينتهم، خشية من اندلاع نزاعات مذهبية بين التركمان"، معبّراً عن خشيته من "وقوع أحداث غير مرغوب بها في المدينة حال دخول الحشد إليها".

أما الخبير السياسي، خالد الربيعي، فيرى بأنّ "تلعفر اليوم هي قنبلة الصراع الطائفي وقد تتفجّر بأي لحظة". ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحشد وعلى رغم التعهدات وكل الصفقات التي سيحصل عليها لكنّه سيدخل البلدة بشتى الطرق، وسيدخلها تحت مسمّى القوات العشائرية، الأمر الذي سيجرّ البلدة الى صراع طائفي خطير للغاية بين التركمان السنة والتركمان الشيعية المرتبطين بالحشد والذين سينفذون أجندته في البلدة". وينوّه إلى أنّ "هذا الصراع صار أمراً محتّماً في البلدة، وسيؤثّر على سير معركة الموصل في كل الأحوال، الأمر الذي يستدعي موقفاً حازماً من الحكومة ورئيسها حيدر العبادي لتلافي الموقف".