ضباط الأسد المهددون بعقوبات أميركية: باع طويل من القتل

ضباط الأسد المهددون بعقوبات أميركية: باع طويل من القتل

23 نوفمبر 2016
يتحمل هؤلاء مسؤولية قتل وتشريد آلاف السوريين (جواد الرفاعي/الأناضول)
+ الخط -
لم يفاجأ السوريون بأسماء الضباط الذين ذكرتهم المندوبة الأميركية في مجلس الأمن سامنثا باور، وقالت إنهم أمروا بشن هجمات على أهداف مدنية، وبتعذيب معارضين. فالسوريون يعرفون تفاصيل ما قام به هؤلاء منذ انطلاق الثورة في العام 2011، من مجازر وانتهاكات أدت إلى مقتل وإصابة وتشريد الملايين، وتعريض بلادهم لاحتلالين: روسي، وإيراني، وتهديدها بالتشظي والتقسيم. وتوعّدت باور قادة عسكريين وأمنيين في نظام بشار الأسد، منخرطين في قتل المدنيين، مشددة على أنهم سيحاكمون على جرائمهم. فمن هم هؤلاء المسؤولون؟

اللواء جميل الحسن: يأتي الحسن على رأس قائمة مجرمي الحرب الأميركية، فهو الأكثر فتكاً بالسوريين من بين ضباط أجهزة الاستخبارات التابعة للنظام، إذ يرأس جهاز الاستخبارات الجوية الذي يُوصف من قبل السوريين بـ"القذر". وهو مسؤول عن مقتل آلاف النشطاء في الثورة تحت التعذيب في أقبية هذا الجهاز الذي شكّله الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في بداية توليه للسلطة عام 1970، ليكون القناع المرعب للسوريين. الحسن المولود في قرية القرنيّة في ريف حمص، تدرّج في أجهزة النظام قبل ترؤس جهاز الاستخبارات الجوية، وشارك في المجازر التي ارتكبها النظام بحق أهل حماة عام 1982، والتي أدت إلى مقتل نحو 40 ألف مدني. ثم عمل رئيساً لسرية المهام الخاصة في الاستخبارات العامة، ورئيساً لفرع الاستخبارات الجوية في دير الزور، شرقي سورية، ثم نائباً لرئيس جهاز الاستخبارات العامة. تصفه مصادر في المعارضة بأنه "يد بشار القذرة" التي فتكت بالسوريين طيلة حكم آل الأسد، ولكنه أظهر دموية لا تُضاهى في محاولة النظام وأد الثورة. هو شديد الولاء لعائلة الأسد، كما أنه نادر الظهور أمام وسائل الإعلام.

قتل الحسن معتقلين بيده، ومنهم الناشط المدني غياث مطر، في منتصف عام 2011، وتشير مصادر إلى أنه مثّل بجثته. وتؤكد مصادر في المعارضة السورية أنه من المسؤولين عن ارتكاب مجزرة الكيماوي في منتصف عام 2013، والتي راح ضحيتها آلاف المدنيين في غوطتي دمشق، أغلبهم أطفال. تحدث أخيراً إلى وسيلة إعلام روسية، وقال إن تكرار سيناريو حماة كان كفيلاً بوأد الثورة في عام 2011، معيباً على قيادته عدم استخدام هذا الخيار.

العقيد سهيل الحسن: لم يكن السوريون يعرفونه قبيل انطلاق ثورتهم، ولكن إفراطه في القتل، وقيادته لأغلب الحملات العسكرية المتوحشة لقوات النظام في عموم سورية، فرضته اسماً لامعاً في عالم الإجرام والتنكيل بالمدنيين من دون أي رادع. يتحدر الحسن (مواليد عام 1970) من إحدى قرى مدينة جبلة، على الساحل السوري، وهو كان ضابطاً في جهاز الاستخبارات الجوية قبل نقله في بداية الثورة لقيادة حملات عسكرية في مناطق سورية عدة، خصوصاً في إدلب وحمص والساحل وحلب، واتبع في الأخيرة سياسة الأرض المحروقة، وكان المسؤول عن "حملة البراميل" التي قتلت آلاف المدنيين، وشردت أكثر من مليون مدني، ودمرت الكثير من معالم حلب.

يصفه موالو النظام بـ"النمر"، ويعتمد عليه بشار الأسد في العمليات العسكرية المفصلية على الرغم من تعرضه لهزائم متلاحقة في عام 2015 في محافظة إدلب انتهت بسيطرة المعارضة على كامل المحافظة. يشتهر الحسن، إضافة إلى إجرامه اللامحدود، بأفكاره التي تثير عادة سخرية السوريين. كرّمه الروس في قاعدة حميميم على الدور الذي قام به طيلة سنوات في قتل وتشريد السوريين. وبات بعضهم ينظر إليه على أنه من الممكن أن يكون بديلاً لبشار الأسد.

اللواء أديب سلامة: كان سلامة يرأس فرع جهاز الاستخبارات الجوية في حلب قبل نقله أواخر سبتمبر/ أيلول الفائت، إلى دمشق ليشغل منصب نائب رئيس الجهاز، ويُعدّ من أكثر الضباط تطرفاً، وفق مصادر تعرفه عن قرب تحدثت لـ"العربي الجديد". وتشير المصادر إلى أن سلامة، المتحدر من إحدى القرى في محيط مدينة سلمية، شرق حماة، مسؤول عن كثير من المجازر التي ارتُكبت بحق مدنيين في شرق حلب، كما أنه كان يشرف على تعذيب معتقلين حتى الموت في معتقلات جهازه. وتفيد المصادر بأن سلامة أول من شكّل مليشيات للشبيحة في ريف سلمية بقيادة أخيه مصيب سلامة، الذي، وفق المصادر، تمادى كثيراً في عمليات الخطف والقتل ضد كل مكونات المجتمع السوري، ويقوم بالكثير من عمليات الخطف، ويطلب فدية بالملايين مقابل جثث المخطوفين.

العميد قصي ميهوب: هو من الشخصيات التي فرضت عليها وزارة الخزانة الأميركية في عام 2014 عقوبات لدوره في قمع التظاهرات السلمية التي طالب من خلالها السوريون بالتغيير، وهو من كبار ضباط الاستخبارات الجوية، ويتولى رئاسة فرعها في المنطقة الجنوبية. وهو المسؤول عن مقتل أبرز ناشطي الثورة السلميين فيها في أغسطس/ آب من عام 2011، وهو معن العودات (شقيق المعارض هيثم مناع)، أثناء تشييع أحد قتلى التظاهرات في ذلك الحين.
يقول أحد الضباط المنشقين عن جيش النظام، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن ميهوب من أكثر ضباط الأسد "إجراماً"، إذ مارس القتل بشكل فاضح في محافظة درعا، مشيراً إلى أنه دخل كلية الطيران ضمن الدورة 32، وعندما لم يستطع تعلم الطيران "بسبب غبائه" تم نقله إلى الاستخبارات الجوية، لافتاً إلى أنه معروف بتعصبه وحقده على غالبية السوريين، وهو ينتمي إلى عائلة تضم العديد من الضباط الفاعلين في جيش النظام وأجهزته الأمنية.


العقيد حافظ مخلوف: يعرف السوريون جيداً هذا الاسم، فهو ابن محمد مخلوف، خال بشار الأسد، الذي قام بأدوار غامضة منذ تولي زوج أخته حافظ الأسد السلطة إثر انقلاب عام 1970. وحافظ مخلوف هو شقيق رامي مخلوف الذي هيمن على المشهد الاقتصادي في سورية مع تولي بشار الأسد السلطة عام 2000 خلفاً لأبيه، ويُعدّ اليوم من أبرز رجال الاستخبارات في أجهزة النظام. ترأس حافظ مخلوف، المولود عام 1975، قسم دمشق في الفرع الداخلي التابع للاستخبارات العامة، وهو معروف ببطشه بناشطي الثورة السورية في الأشهر الأولى للثورة، وهو كان يردد على مسامع المعتقلين المعروفين بأنهم لن يتركوا السلطة حتى لو دُمّرت سورية بالكامل، مشيراً إلى أنها لو اضطرت إلى تركها فسوف تشكّل دولتها في الساحل السوري. ونشرت وسائل إعلام عام 2014 معلومات لم تؤكد عن إقالته إثر تورطه بعمليات فساد كبرى. تؤكد مصادر في المعارضة أن حافظ مخلوف من رجال إيران البارزين في سورية، ولديه طموح بتولي مناصب أكثر أهمية في البلاد، وهو من أبرز شخصيات النظام التي طاولتها عقوبات أوروبية وأميركية بسبب ممارساتها القمعية.
ومن الأسماء التي ذكرتها باور، محمد نحلا، وهو من ضباط القوات الخاصة في جيش النظام، ولا توجد معلومات واضحة عن الدور الذي يقوم به، إلا أن مصادر في المعارضة تشير إلى أن المقصود قد يكون اللواء محمد محلا رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، والمعروف بدمويته، وهو قريب إبراهيم بن حسن محلا رئيس أركان اللواء 70 في مطار التيفور، والذي ارتكب العديد من المجازر من خلال قيامه بالقصف الجوي العشوائي الذي أدى إلى مقتل المئات من المدنيين.

كما شملت القائمة الأميركية ضباطاً آخرين، منهم اللواء فجر محمود، الذي كان قائد لواء في الفرقة الرابعة، ويرأس الآن فرع التحقيق في الاستخبارات الجوية، المعروف بفرع تحقيق مطار المزة العسكري، وهو من مواليد قرية الفوعة بالقرب من مدينة إدلب، شمال غرب سورية. كما أشارت المسؤولة الأميركية إلى اللواء عدنان حلوة، نائب مدير إدارة الصواريخ والمدفعية، واللواء جودت مواس، قائد اللواء 155 في الناصرية بالقلمون، والمسؤول عن إطلاق صواريخ "سكود" بعيدة المدى إلى شمال وشرق سورية، والتي أدت إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين ودمار هائل، وهو من بين الذين شملتهم عقوبات أوروبية بسبب مسؤوليته عن قصف الغوطة بالسلاح الكيماوي، وفق تقارير دولية.
كما توعّدت واشنطن اللواء طاهر خليل، وهو مسؤول الارتباط بين الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، وتُعدّ من أكثر فرق جيش النظام شراسة في قتل المدنيين، وارتكبت مجازر مروعة منذ منتصف عام 2011، خصوصاً في دمشق ومحيطها.
وذكرت السفيرة الأميركية اسم اللواء صلاح شفيق مسعد، وتوقعت مصادر في المعارضة أن يكون نجل العماد شفيق فياض الذي كان من أشد المقربين لحافظ الأسد، وظل لفترة طويلة قائداً للفرقة الثالثة في جيش النظام، وكان من المسؤولين عن مجازر حلب وحماة في أوائل الثمانينيات من القرن الفائت، وتوفي العام الماضي. ومن بين الأسماء التي قالت الإدارة الأميركية إنها لن تنجو من العقاب، اللواء رفيق شحادة، الذي ترأس الاستخبارات العسكرية (الأمن العسكري سابقاً) قبل إقدامه على قتل اللواء رستم غزالة بسبب خلاف على النفوذ، ثم نقل إلى هيئة التدريب في وزارة الدفاع. وهو معروف بولائه الشديد لعائلة الأسد، وكان الحارس الشخصي الأقرب لحافظ الأسد.

وتلقت أوساط المعارضة القائمة الأميركية لمجرمي الحرب في سورية بارتياح كبير، آملة أن تكون الخطوة الأولى في طريق محاسبة أركان النظام، كبارهم وصغارهم، الذين قتلوا وشردوا ملايين السوريين. إلا أن ناشطي الثورة عابوا على القائمة عدم تطرقها لعشرات الضباط القياديين في جيش النظام وأجهزته الأمنية الذين قاموا بأدوار "أكثر قذارة" ممن وردت أسماؤهم في القائمة الأميركية.

وأشار الناشطون إلى أن علي المملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني، يجب أن يكون في رأس القائمة كونه يقوم بدور الموجّه لكل الأجهزة الأمنية، كما أنه متهم بقيامه بتعذيب معارضين حتى الموت في مكتبه. كما غاب عن القائمة الأميركية اسم اللواء عبد الفتاح قدسية، نائب المملوك، والذي قام بدور في قمع السوريين إبان ترؤسه جهاز الاستخبارات العسكرية، ومن قبله جهاز الأمن السياسي. كما لم يُذكر في القائمة اسم العميد عصام زهر الدين، الذي يرأس حالياً فرع الاستخبارات العسكرية في دير الزور، وهو قام بعمليات قتل واسعة النطاق منذ انطلاق الثورة، خصوصاً في غوطة دمشق الشرقية، وحمص. ويأتي بشار الأسد، وشقيقه ماهر، على رأس قائمة المطلوبين لدى عموم السوريين، فهما يقودان ويشرفان على كل عمليات القتل الممنهج والتهجير والدمار الذي طاول، ولا يزال، سورية.