لبنان: القوى السياسية تخوض معركة قانون الانتخابات

لبنان: القوى السياسية تخوض معركة قانون الانتخابات

21 نوفمبر 2016
تعقيدات تشكيل الحكومة تجاوزت معركة التوزير (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
أخّرت القوى السياسية في لبنان الموعد المأمول لإنجاز التشكيلة الحكومية الأولى إلى رأس السنة، بعد أن اقترب الموعد الافتراضي الأول (ذكرى استقلال البلاد في 22 الجاري) دون حل عُقد التوزيع الطائفي والسياسي للمقاعد الوزارية. حتى إن الحديث عن عدد المقاعد الوزارية بات في حكم غير المحسوم، بعد أن بدأ الرئيس المُكلف تشكيل الحكومة، سعد الحريري، مساعيه بدراسة تقديم تشكيلة من 30 مقعداً وزارياً، ثم انتقاله لبحث تشكيلة من 24 وزيراً. 


يتزامن ذلك مع استمرار الخلافات والاعتراضات على الحصص الوزارية للكتل والأحزاب السياسية، فإلى جانب الخلاف حول توزيع الحقائب السيادية (المالية والداخلية والخارجية والدفاع)، تبرز خلافات طائفية بين ممثل "الثنائية الشيعية" (حزب الله وحركة أمل)، الرئيس نبيه بري، وبين القطبين المسيحيين (القوات والعونيين)​. وهي خلافات ناتجة أساساً عن اعتبار بري أن التسويات الثنائية التي أنجزها الرئيس عون، قبيل انتخابه، مع "القوات" ومع "تيار المستقبل" استثنته، وهو يريد حصة وزارية وازنة في مقابل ذلك.


كما برزت "عقدة الاستثناء" عند رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي"، النائب وليد جنبلاط، الذي يُطالب بحصة وزارية تُرضيه أيضاً، بعد أن أبدى قلة حماسة تجاه التسوية السياسية في البلاد، والتي رأى أنها "تجاوزت مكونات أساسية". وتضاف إلى تلك العُقد، الحسابات الداخلية لكل فريق سياسي، أو كل تحالف سياسي، حول توزيع المقاعد الوزارية بين أعضائه أو مؤيديه.

من يعرقل تأليف الحكومة؟

أمام هذا الواقع، أكد الحريري، ظهر الاثنين، أنه متفق مع رئيس الجمهورية، ميشال عون، حول "كل شيء ولكن هناك بعض الثغرات". ولدى سؤاله عن موعد تشكيل الحكومة، علقّ الحريري بالقول: "من يُعرقل معروف فاذهبوا واسألوه".


ومع زيارة الحريري الثالثة إلى قصر بعبدا للقاء الرئيس عون؛ تبدو صورة التعقيدات التي تُعيق تشكيل الحكومة أكبر. وخصوصاً أن رئيس مجلس النواب قد نقل، في ردّه على تصريح الحريري من بعبدا، النقاش السياسي إلى مكان آخر بعيد عن معركة التوزير. حيث قال بري إن "الهدف هو الإبقاء على قانون الستين"، واعتبر أن "من يعرقل هو الذي يخالف الدستور والأعراف وقواعد التأليف وليس من يحذّر من ذلك". ولم يُسمّ بري، في البيان الذي أصدره، الرئيس الحريري بالاسم، بل، على العكس، أكد أن حديثه "ليس رداً على الحريري".


وعلى أية حال، يعيد موقف بري هذا التذكير باقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابية بعد 6 أشهر، والتي يُفترض أن تُشرف الحكومة الجديدة على تنفيذها، قبل أن تُعتبر مُستقيلة ويتم تشكيل حكومة أُخرى. لكن حجم معركة التوزير الكبيرة، والتي تتجاوز في صخبها حجم حكومة ستمارس صلاحياتها لستة أشهر فقط، إلى جانب الخلاف السياسي حول شكل قانون الانتخاب الواجب اعتماده في هذه الانتخابات المُفترضة؛ يطرح تساؤلات عن نية القوى السياسية إجراء الانتخابات في موعدها.

تُجمع مواقف الكتل السياسية على ضرورة وحتمية إجراء الانتخابات في موعدها، الذي سيتزامن مع شهر رمضان العام المُقبل، رغم عدم وجود أرضية مُشتركة لبحث قانون الانتخابات الذي ستجري الانتخابات على أساسه. فهل يبقى قانون الستين سارياً ويتم إجراء الانتخابات وفق النظام الأكثري، والذي لا يتوقع مُراقبون أن يُحدث تغيرات كبيرة في تركيبة مجلس النواب الحالي، أم يتم إقرار قانون جديد بنظام نسبي أو مُختلط؟ علماً أنه سبق للرئيس بري أن ضغط باتجاه غربلة مشاريع القوانين الانتخابية المُقدمة إلى مجلس النواب، لحصر التصويت على أقل عدد مُمكن من الاقتراحات. وسط رفض واسع للاستمرار بقانون الستين الحالي.


وفي حين يتوافق حزب "القوات اللبنانية"، مع "التيار الوطني الحر" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" على إقرار قانون مُختلط يجمع النظامين الأكثري والنسبي، يوحي تصريح بري بأن الحريري هو من يريد المُضي بقانون الستين. ويُقدم المراقبون الذين يتبنون هذه النظرية مجموعة أسباب موجهة لها؛ كتراجع الدعم الشعبي للرئيس الحريري نتيجة عوامل سياسية ومادية، وهو ما عبّرت عنه نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة في مدينة طرابلس. لذلك قد يُفضل الحريري خوض الانتخابات وفق نظام أكثري، بدل خسارة مقاعد نيابية لصالح عدد من الشخصيات السنية التي حرصت المملكة العربية السعودية على استقبالها خلال الأعوام القليلة الماضية على سبيل "تعويمها سياسياً"، أو لصالح وزير العدل المُستقيل في حكومة تصريف الأعمال، أشرف ريفي، الذي يخوض معركة ضد سعد الحريري في الشمال اللبناني.

وبحسب ما علم "العربي الجديد"، فإن أجواء "بيت الوسط" (مقر إقامة الحريري في العاصمة بيروت) لا تتوقع التوافق على قانون انتخابات خلال فترة الأشهر الستة قبل موعد الانتخابات. وهو ما يضع البلد أمام سيناريوهين: إما إجراء الانتخابات في موعدها وفق قانون الستين؛ أو طرح شكل من أشكال التمديد حتى إقرار قانون جديد.