ميركل في زمن الشعبوية: القطب الجديد بمواجهة ترامب؟
ميركل في زمن الشعبوية: القطب الجديد بمواجهة ترامب؟
يُسجل لميركل بقاءها ثابتة في سياساتها (توماس لونز/Getty)
يراهن الليبراليون في أوروبا، ومعهم يسار ويسار الوسط الغربيون، على الدور الريادي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في الدفاع عن "القيم الغربية" بمواجهة توجّهات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، مع عزم ميركل الترشح لولاية رابعة كما أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ، نوربرت روتغين، وسط قلق بفعل مشهد الصدمة الذي لم يتوقعه كثيرون في أن تتحول الولايات المتحدة إلى هذه الصورة بوصول ترامب للبيت الأبيض.
"إنها متزنة، ورشيدة ومنضبطة، مؤثرة ومتحكمة بعدم الانشغال بنفسها. من الآن فصاعداً ستكون هي وهو في مرحلة التناقض الغربي"، كما قال المعلق السياسي بيرند اولريك في صحيفة "دي زيت" الألمانية عن ميركل، التي يراها وغيره من المعلّقين والخبراء الغربيين "بيضة القبان" في موازنة مرحلة المشهد الأميركي الجديد.
الجماعات المراهنة على ألمانيا تدرك بأن برلين، وربما شخصية ميركل، "هي المدافعة عن القيم الغربية بشكل لا يتزعزع، وبهذا تشكل قطباً يواجه ترامب بشكل مطلق"، كما جاء في تقرير "دي زيت" في العاشر من الشهر الحالي. ويسود لدى هؤلاء قلق على مآلات أوضاع أوروبا والغرب، ويتخذون مثالاً على ذلك مكانة ألمانيا في تصرفها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بفرض عقوبات اقتصادية والاستمرار فيها، مع توسع الحديث عن جرائم روسيا في سورية أكثر من السابق.
ميركل هي برأي هؤلاء، الوحيدة في أوروبا التي ذهبت نحو موقف واضح بعد نتيجة الانتخابات الأميركية، داعية ترامب لاحترام الحقوق الأساسية للأميركيين، ما يُعتبر دفعة للقوى الديمقراطية الغربية التي ترى في ميركل ما يستحق الدعم، كما جاء في افتتاحية كارول جياكومو في صحيفة "نيويورك تايمز" بعد تصريحات ميركل مباشرة.
تحليل جياكومو يذهب أبعد من ذلك بوضع مقاربة عن حلف شمال الأطلسي وقيادة ألمانيا الجديدة، "فترامب لم يواجه من قبل رئيسة الوزراء البريطاني تيريزا ماي، بل هنأته بالفوز. ومن المعروف بأن ردود فعل الطرفين (ماي وترامب) متقاربة في الخروج من الاتحاد الأوروبي والانكفاء عن حلف الأطلسي، ما يجعل ألمانيا ليس فقط قائدة لأوروبا بل لحلف الأطلسي، الذي يراه ترامب من منظور تجاري فحسب"، وفق جياكومو.
اقــرأ أيضاً
ويعرف الأوروبيون موقف ترامب من حلف شمال الأطلسي، الذي ذكره مراراً وخصوصاً انتقاداته للأعضاء الأوروبيين، ما دفع بشكل واضح وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لين لإصدار تصريح تحذره "من التعاطي مع الحلف من منظور تجاري".
ويلاحظ كتاب وخبراء أوروبيون بأن ألمانيا أعلنت منذ فترة أنها ستزيد موازنتها الدفاعية، وعلى الرغم من كل الانتقادات اللاذعة لسياسة اللجوء والهجرة، حتى من دول أوروبية قريبة، بقيت المستشارة الألمانية "ثابتة في سياستها"، وفقاً لهؤلاء الذين يرون بأن شخصية مثل زعيمة "الجبهة الوطنية" في فرنسا مارين لوبان، في حال وصلت إلى سدة الحكم العام المقبل، لن تكون قادرة على زعامة أوروبا بذات المقدار الذي تفعله ألمانيا. فعلى الأخيرة أيضاً تقع مهمة "إنهاء الانقسامات في البيت الأوروبي".
في ذات الاتجاه ذهب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي وصف ترامب سابقاً بـ"واعظ الكراهية"، قائلاً إن "تلك النتيجة ستجعلنا أمام سياسة خارجية أميركية أقل قابلية للتنبؤ، وعلينا الاستعداد لذلك".
في السياق نفسه، اعتبر الكاتب تورستن كراويل في مقال بصحيفة "ديفيلت" الألمانية، أن "الجناح البيضاوي ليس سعيداً بوجود ميركل في مجال تحقيق سياساته الخارجية، وبدور ألمانيا في الغرب".
من جهته، ذهب الكاتب والصحافي الهولندي المتخصص بالشؤون السياسية يوريس لويينديجك في تحليل بعنوان "برلين ستصير بدل نيويورك"، إلى تقديم إشارات كثيرة حول حاجة الغرب إلى ألمانيا "كزعيمة ورائدة للديمقراطية الغربية، بعد أن كانت الولايات المتحدة لفترة طويلة تُعتبر منارة الزعامة الأخلاقية". وقال لويينديجك إن ألمانيا "هي القوة الغربية الوحيدة التي تعرف قوة وفوائد وضعف النظام الديمقراطي، وهو نظام يعتبره الألمان الأكثر قيمة من غيره بسبب ما مروا به"، مضيفاً: "لا يرى الألمان أنه يجب الوقوع في براثن نظام يميني شعبوي، وهم ليس لديهم فوكس نيوز لتخبرهم أكاذيب غسل الأدمغة، عن أن صدام حسين كان وراء هجمات 11 سبتمبر. وليس لديهم ملياردير بكاريزما الأكاذيب تلو الأكاذيب، أو يقول عن ميركل بأنها لا تحمل شهادة ميلاد ألمانية، ولا نظام محاباة للتوظيف بحسب محاصصات سياسية".
وعلى الرغم من كل الانتقادات التي تُوجّه لساسة ألمانيا، ومهادنتهم السابقة لروسيا في مسائل عدة ومنها الغاز، إلا أن "برلين في الأسئلة الهامة المتعلقة بحياتنا، سواء ما يتعلق بالتغير المناخي أو الأمن الشخصي للمواطنين واللاجئين، تقف في الطرف الصحيح من التاريخ، فالألمان لم يقبلوا تدخلاً غير قانوني في العراق"، كما قال لويينديجك في تحليله، مضيفاً: "عندما كانت الولايات المتحدة صاحبة دينامية أخلاقية في قيادة العالم، كانت واثقة من نفسها، أما اليوم فعلى الغرب أن يرى الحقيقة، خصوصاً القوى الديمقراطية، بأن برلين ستكون نيويورك الجديدة".
اقــرأ أيضاً
"إنها متزنة، ورشيدة ومنضبطة، مؤثرة ومتحكمة بعدم الانشغال بنفسها. من الآن فصاعداً ستكون هي وهو في مرحلة التناقض الغربي"، كما قال المعلق السياسي بيرند اولريك في صحيفة "دي زيت" الألمانية عن ميركل، التي يراها وغيره من المعلّقين والخبراء الغربيين "بيضة القبان" في موازنة مرحلة المشهد الأميركي الجديد.
ميركل هي برأي هؤلاء، الوحيدة في أوروبا التي ذهبت نحو موقف واضح بعد نتيجة الانتخابات الأميركية، داعية ترامب لاحترام الحقوق الأساسية للأميركيين، ما يُعتبر دفعة للقوى الديمقراطية الغربية التي ترى في ميركل ما يستحق الدعم، كما جاء في افتتاحية كارول جياكومو في صحيفة "نيويورك تايمز" بعد تصريحات ميركل مباشرة.
تحليل جياكومو يذهب أبعد من ذلك بوضع مقاربة عن حلف شمال الأطلسي وقيادة ألمانيا الجديدة، "فترامب لم يواجه من قبل رئيسة الوزراء البريطاني تيريزا ماي، بل هنأته بالفوز. ومن المعروف بأن ردود فعل الطرفين (ماي وترامب) متقاربة في الخروج من الاتحاد الأوروبي والانكفاء عن حلف الأطلسي، ما يجعل ألمانيا ليس فقط قائدة لأوروبا بل لحلف الأطلسي، الذي يراه ترامب من منظور تجاري فحسب"، وفق جياكومو.
ويعرف الأوروبيون موقف ترامب من حلف شمال الأطلسي، الذي ذكره مراراً وخصوصاً انتقاداته للأعضاء الأوروبيين، ما دفع بشكل واضح وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لين لإصدار تصريح تحذره "من التعاطي مع الحلف من منظور تجاري".
ويلاحظ كتاب وخبراء أوروبيون بأن ألمانيا أعلنت منذ فترة أنها ستزيد موازنتها الدفاعية، وعلى الرغم من كل الانتقادات اللاذعة لسياسة اللجوء والهجرة، حتى من دول أوروبية قريبة، بقيت المستشارة الألمانية "ثابتة في سياستها"، وفقاً لهؤلاء الذين يرون بأن شخصية مثل زعيمة "الجبهة الوطنية" في فرنسا مارين لوبان، في حال وصلت إلى سدة الحكم العام المقبل، لن تكون قادرة على زعامة أوروبا بذات المقدار الذي تفعله ألمانيا. فعلى الأخيرة أيضاً تقع مهمة "إنهاء الانقسامات في البيت الأوروبي".
في ذات الاتجاه ذهب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي وصف ترامب سابقاً بـ"واعظ الكراهية"، قائلاً إن "تلك النتيجة ستجعلنا أمام سياسة خارجية أميركية أقل قابلية للتنبؤ، وعلينا الاستعداد لذلك".
في السياق نفسه، اعتبر الكاتب تورستن كراويل في مقال بصحيفة "ديفيلت" الألمانية، أن "الجناح البيضاوي ليس سعيداً بوجود ميركل في مجال تحقيق سياساته الخارجية، وبدور ألمانيا في الغرب".
وعلى الرغم من كل الانتقادات التي تُوجّه لساسة ألمانيا، ومهادنتهم السابقة لروسيا في مسائل عدة ومنها الغاز، إلا أن "برلين في الأسئلة الهامة المتعلقة بحياتنا، سواء ما يتعلق بالتغير المناخي أو الأمن الشخصي للمواطنين واللاجئين، تقف في الطرف الصحيح من التاريخ، فالألمان لم يقبلوا تدخلاً غير قانوني في العراق"، كما قال لويينديجك في تحليله، مضيفاً: "عندما كانت الولايات المتحدة صاحبة دينامية أخلاقية في قيادة العالم، كانت واثقة من نفسها، أما اليوم فعلى الغرب أن يرى الحقيقة، خصوصاً القوى الديمقراطية، بأن برلين ستكون نيويورك الجديدة".
