ترامب المفترى عليه

ترامب المفترى عليه

14 نوفمبر 2016
تضمنت حملة ترامب الانتخابية وعوداً يستحيل تنفيذها (صاموئيل قرم/الأناضول)
+ الخط -
تجاوز البعض مرحلة "الصدمة" بفوز دونالد ترامب سريعاً، فبدأوا التعايش مع فكرة وصوله إلى البيت الأبيض. كُتبت تحليلات سياسية رصينة حول السياسات المتوقعة لترامب، وقراءات في تصريحاته الصحافية بعد انتخابه، تضمنت مناقشة الممكن والمحال في وعوده الانتخابية، إذ تضمنت حملته الانتخابية كما هو معروف، وعوداً يستحيل تنفيذها، مثل حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وأشياء شبه مستحيلة، مثل دفع المكسيك تكاليف بناء جدار على الحدود بين البلدين.

ظاهرتان مثيرتان أعقبتا انتخاب ترامب رئيساً. الأولى متفهمة، تجلت في الصدمة والذهول من فوز ترامب في الأوساط الليبرالية الأميركية، بل على مستوى العالم، الأمر الذي تُرجم في الاحتجاجات الشعبية في الولايات المتحدة تحت لافتة "ترامب ليس رئيسي". وجاءت الاحتجاجات مدفوعة بتصريحات ترامب الشعبوية والعنصرية.
أما الظاهرة الثانية المثيرة فتمثلت في قراءة دونالد ترامب بـ "أثر رجعي" لا بغرض فهم أسباب انتصاره الصادم، ولا لتحليل خطابه ومعرفة انعكاساته على المستقبل، لكن للقول إن الإعلام قام بـ "تشويه" ترامب، والكذب في تقييم برنامجه الانتخابي! هذه الرؤية صادمة، لأن خطاب ترامب، المخالف لمنظومة القيم الليبرالية التي تحفل بالتعددية والتنوع والانفتاح... إلخ كان من المقومات الأساسية لحملته الانتخابية، وإن لم يكن سبباً لانتصاره.
هل تمت مهاجمة ترامب من الإعلام الأميركي الليبرالي؟ بلا شك، بل لا يبدو أن يوجد مرشح انتخابي تمت مهاجمته بالقدر الذي هُوجم فيه ترامب، فكبريات الصحف الأميركية، والبرامج التلفزيونية، وبرامج الكوميديا السياسية، شنت هجوماً عنيفاً وغير مسبوق على ترامب، لكنها لم تزيف خطاب ترامب، ولم تطرح شيئاً مغايراً عما يقوله ويفعله ترامب طوال الوقت. الخلط هنا واضح بين التشويه، بمعنى تزييف الحقائق والتزوير، وبين تبني خطاب معارض للتعرض لهجوم الإعلام، والذي قد يكون مبنياً على حقائق، كما في حالة ترامب.
بعد إعلان فوز ترامب، نشرت مجلة "ذا نيويوركر" مقالة بعنوان "التراجيديا الأميركية" للمعلق السياسي ديفيد ريمنيك، والذي أشار إلى هذا الموضوع بالذات. لفت ريمنيك في المقالة إلى محاولة إعادة قراءة ترامب بأثر رجعي، بعد انتخابه، لقول: ليس الرجل بهذا السوء. لكنه كذلك.

المساهمون