السلطات الأردنية تقمع تحركات رافضي غاز الاحتلال: اعتقالات وتهكم

السلطات الأردنية تقمع تحركات رافضي غاز الاحتلال: اعتقالات وتهكم

12 نوفمبر 2016
قوبل تحرك أمس بحشد أمني غير مسبوق (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد أقل من شهر على ورقة نقاشية، هي السادسة من نوعها، طرحها ملك الأردن عبدالله الثاني، وتحدث فيها عن سيادة القانون كأساس للدولة المدنية، منعت السلطات الأردنية أمس الجمعة بالقوة اعتصاماً سلمياً يكفله الدستور وتحميه القوانين، مما أثار استنكاراً واسعاً في البلاد.
وهذا الاعتصام، الذي كان مقرراً أمام دار رئاسة الوزراء في العاصمة عمّان، رفضاً لاتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل، قوبل بحشد أمني غير مسبوق، سارعت فيه قوات الأمن إلى اعتقال الوافدين للمشاركة في الاعتصام، وتحويلهم إلى مركز الشرطة.

وروى عدد من المعتقلين بعد إطلاق سراحهم لـ"العربي الجديد" تعرضهم لمعاملة مهينة سواءً لحظة الاعتقال أو التوقيف داخل مركز الشرطة، على غرار الاعتقال العنيف، والتهكم على القضية التي كانوا يعتصمون لأجلها، وعلى شعار "غاز العدو احتلال" الذي كان مكتوباً على ملابس عدد من المعتقلين. وعلق أحد المتضامنين مع الاعتصام قائلاً "شاهدنا تمريناً بالذخيرة الحية على الورقة النقاشية الملكية السادسة".

وقدرت "الحملة الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني"، بوصفها الجهة الداعية للاعتصام، عدد المعتقلين بأكثر من 50 مشاركاً بينهم أربع فتيات، فيما أعلنت الأجهزة الأمنية أن عدد الموقوفين بلغ 15 شخصاً، أطلق سراحهم لاحقاً بعد التوقيع على تعهد بعدم المشاركة في أنشطة مماثلة. وفي هذا السياق، أكد منسق الحملة، هشام البستاني، لـ"العربي الجديد" أن غالبية المعتقلين رفضوا التوقيع على التعهد الذي عرض عليهم. وقال إن "الحملة تصر على حقها الدستوري بالتجمع والتظاهر، وهذا حق أساسي ونرفض التنازل عنه". لكن بعض المعتقلين أبلغوا "العربي الجديد" أنهم وقعوا على التعهد الذي جاءت صياغته على الشكل التالي: "أشهد ألا أشارك مرة أخرى بأي اعتصام جماهيري غير مشروع". وتنص المادة 15 من الدستور على أنه "للأردنيين حق التجمع ضمن حدود القانون"، وأن الدولة تكفل حرية الرأي للمواطنين، فيما يلزم قانون الاجتماعات العامة الراغبين بعقد الاجتماع العام أو تنظيم المسيرة، إشعار الحاكم الإداري قبل الموعد المحدد لأي إجراء، بثماني وأربعين ساعة على الأقل.


وكانت الحملة الوطنية قد أعلنت عن الاعتصام قبل أسبوع من تنفيذه، وروجت له من خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما اعتبره البستاني بمثابة إشعار لتنفيذ الاعتصام. وأعلنت الحملة في بيان، أعقب منع الاعتصام، إدانتها "هذا التضييق على أنشطة الحملة، التي كانت ولا تزال تتسم بالنظام والالتزام الكامل"، مشيرة إلى أن "هذا الفعل يعتبر تضييقاً على الحريات العامة، وعودة إلى صيغة الأحكام العرفية، وتكميماً للأفواه"، ومؤكدةً على عزمها الاستمرار في فعالياتها المناهضة لاتفاقية استيراد الغاز من العدو الصهيوني.

واعتبر عضو مجلس النواب عن قائمة الدولة المدنية، خالد رمضان، الذي شارك في الاعتصام، أن "ما حدث مخالف تماماً وقطعياً للدستور"، لافتاً إلى أنه "عند الحديث عن سيادة القانون، لا سيادة للقانون من دون عدالة"، وأن "الحرية وحق الناس بالتعبير حق يصونه الدستور، وأي قانون وتعليمات تخرج عن ذلك تخالف الدستور"، وفق قوله.

وتنشط حملة إسقاط اتفاقية الغاز منذ الإعلان عن مذكرة النوايا بين شركة الكهرباء الوطنية، التي تملكها بالكامل الحكومة الأردنية، مع شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية صاحبة الامتياز في حقل "ليفياثان" للغاز الطبيعي، قبالة السواحل الفلسطينية، في سبتمبر/أيلول 2014. وزادت وتيرة نشاطات الحملة بعد التوقيع رسمياً على الاتفاقية في 26 سبتمبر/أيلول الماضي.

ونفذت عشرات الفعاليات الاحتجاجية بشكل أسبوعي، منها اعتصامات أمام شركة الكهرباء الموقعة على الاتفاقية، وأمام مجلس النواب الأردني، وغيرها من المواقع في العاصمة والمدن الأردنية، إضافة إلى حملة إطفاء الأنوار لمدة ساعة واحدة كل يوم أحد. وهذه المرة الأولى التي تستخدم فيها السلطة القوة لمنع فعالية للحملة. ويرى البستاني أن هذا التطور "دليل على أن السلطة ضاقت ذرعاً بالحملة وأنشطتها المناهضة للاتفاقية لا سيما بعدما توسعت قاعدة المشاركة فيها"، معتبراً أن "الحكومة لا تدافع اليوم عن التطبيع مع العدو بل تقمع حرية المواطنين برفضه".

وبموجب الاتفاقية ستستورد الشركة الأردنية الغاز الإسرائيلي لمدة 15 عاماً اعتباراً من عام 2019، وبكلفة إجمالية للصفقة تبلغ 10 مليارات دولار. وتقدر دراسة أعدتها الحملة حصة الحكومة الإسرائيلية من الاتفاقية بأكثر من 8.4 مليارات دولار، تشير إلى أن الأموال المتأتية من جيوب دافعي الضرائب الأردنيين ستنفق على التوسع الاستيطاني وتعزيز الآلة العسكرية.

دلالات