بنكيران لـ"العربي الجديد": نتحالف مع الجميع إلا "الأصالة والمعاصرة"

بنكيران لـ"العربي الجديد": نتحالف مع الجميع إلا "الأصالة والمعاصرة"

06 أكتوبر 2016
اعتبر بنكيران أن الحكومة قامت بالإصلاحات الضرورية (الأناضول)
+ الخط -
اعتبر رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران، أن حكومته قامت طيلة خمس سنوات بالإصلاحات الضرورية، وتمكنت من تحقيقها في مجالات اقتصادية واجتماعية عدة، الأمر الذي أنقذ سفينة البلاد من الغرق، وفق تعبيره، مقراً في الوقت عينه بأن هناك مجالات أخرى تنتظر إصلاحات أعمق، وهي التي وعد بنكيران بتنفيذها في حالة وصوله إلى رئاسة الحكومة لولاية ثانية. وبخصوص تحالفات ما بعد انتخابات مجلس النواب المقررة يوم الجمعة المقبل، أفاد بنكيران بأن حزب "العدالة والتنمية" الذي يتزعّمه يمكنه التحالف مع جميع الأحزاب الوطنية، باستثناء غريمه اللدود "الأصالة والمعاصرة"، الذي وصفه بـ"الحزب الانتهازي" الذي لا امتداد شعبيا له، وبالخط الأحمر الذي لا يمكنه التحالف معه.


* كيف تقيّمون إجمالاً مسار الحكومة المنتهية ولايتها وعملها؟

يمكنني التأكيد على أن الحكومة التي ترأستها قامت بالكثير من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، التي تدخل جميعها تحت عنوان عريض هو "الإصلاح في ظل الاستقرار". وهو شعار يعتز حزب العدالة والتنمية بأنه تبنّاه في فترة كانت الشكوك تحوم حول مستقبل البلاد، تحديداً في مرحلة الربيع العربي. وكان كثر يؤيدون خروج آلاف الناس يومياً إلى الشوارع في عام 2011، تناغماً مع الثورات الشعبية التي شهدتها بلدان عربية في الجوار، لكن حزب العدالة والتنمية ظلّ ثابتاً في موقفه الداعي إلى عدم المشاركة في تلك التظاهرات، التي كنا نخشى من تبعاتها السياسية. كما نادينا بسنّ إصلاحات تدريجية في إطار ضمان استقرار البلاد، وهو ما تحقق إثر دعوة الملك محمد السادس إلى الاستفتاء على الدستور، ثم إجراء انتخابات سابقة لأوانها، جاءت بنا إلى رأس الحكومة. وكما تعلمون فإن الحكومة عملت في خضمّ ظرف داخلي وإقليمي ودولي حساس، ونهجت خط الإصلاح بقدر ما تستطيع وما أتيح لها من إمكانات ذاتية وموضوعية، وقامت بالعديد من التدابير لتحسين ظروف عيش المغاربة، وعمدت إلى إصلاح عدد من الملفات، قد تبدو قاسية في حق المواطنين في الوهلة الأولى، لكنها ستكون في صالحهم خلال المدى المتوسط.

* هل يمكن القول بذلك إنكم راضون عن حصيلة الحكومة التي ترأستموها طيلة خمس سنوات؟

نعم شخصياً أنا راضٍ عما حققت حكومتي من إنجازات كبيرة في مجالات وقطاعات عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر، السلم الاجتماعي الذي باتت تنعم به البلاد في السنوات الأخيرة، بعد أن كانت المقرات الإدارية والشوارع تمتلئ بالمحتجين والإضرابات غير المرخص لها. كما أن الحكومة أصلحت ثقوب سفينة البلد، التي كانت تستنزف طاقاته وماليته وميزانيته، فجاءت الحكومة لتسد تلك الثقوب، وتعيد للبلاد سيادة القرار الاقتصادي الذي صارت تمتلكه بين يديها، بفضل العديد من الإصلاحات القاسية، التي أشبّهها دوماً بالدواء الذي قد يكون مرّ المذاق لكنه ضروري لعلاج الجسد المريض، فتجرع الدواء المر أفضل من المكوث في فراش المرض.

* إصلاحات مثل ماذا؟

استطعنا استدراك العجز على مستوى الميزانية العمومية للبلاد، وقمنا بإصلاح أنظمة التقاعد التي كانت متهالكة ووصلت إلى حد لا يمكن قبوله، وكان من الممكن وفق الخبراء أن يفلس صندوق التقاعد، ولا يتلقى 400 ألف متقاعد ولو فلساً واحداً من أجورهم عام 2021. كما كان للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، الجرأة الكافية لحلحلة هذا الملف الشائك، وسنّ إصلاحات صعبة، منها اقتطاع مبالغ مالية صغيرة جداً من رواتب الموظفين، من أجل استمرار نيل المتقاعدين أجورهم لسنوات مقبلة، وحينها تنظر الحكومات المتوالية في هذا الملف الحساس. وعملت الحكومة أيضاً على زيادة المنح المقدّمة للطلاب في الجامعات، وخفضت من ثمن مئات الأدوية لصالح المرضى، ومنحت الدعم المالي للأرامل والمطلقات، فماذا تريدون أكثر من هذا؟ كما أوقفت الحكومة في يناير/كانون الثاني 2015 الدعم عن المحروقات، في سياق إصلاح صندوق المقاصة (الدعم)، وكان قراراً جريئاً لم تستطع حكومات سابقة اللجوء إليه، وذلك لتوفير حوالي 80 مليار درهم (8.3 مليارات دولار)، وهي مبالغ مالية ساهمت في إنقاذ سفينة البلاد المثقوبة من الغرق، وكذلك ما قدمته الحكومة لأكثر من 56 ألف أرملة لا يمكن إلا الإشادة به من ضمن منجزات الحكومة. ولكن هل هذا يعني أن كل شيء على ما يرام؟ طبعا لا.



* ماذا عن تشغيل الشباب مثلاً؟

قامت الحكومة حياله بجهود عدة، كما ربطت بين التوظيف في القطاع العمومي وإجراء مباراة، حتى تكون الفرص متكافئة بين جميع الشباب العاطلين، تحديداً الحاصلين على شهادات جامعية. لكن نسبة البطالة ما زالت تعرف ارتفاعاً ستجعله الحكومة المقبلة في حال تصدرنا الانتخابات، ضمن أولى أولوياتها كما كان في الولاية الأولى أيضاً، لنكمل عملنا وإصلاحنا لهذا الملف. قطاع التعليم أيضاً من الملفات الصعبة التي بذلت فيها الحكومة جهدها، وقطعت مع الفوضى التي كانت تعمّ المدارس من قبل بسبب كثرة الإضرابات وضياع أيام التدريس على آلاف التلاميذ، ما يهدد تكوينهم ومستقبلهم الدراسي، لكن لا بد من الإقرار بأن هذه الجهود لم تحقق كل الأهداف المنشودة والمسطرة.

* رفعتم شعار "محاربة الفساد" في الانتخابات الماضية التي حملتكم إلى رئاسة الحكومة، وفي الانتخابات العتيدة رفع حزبكم شعار "صوتكم فرصتنا للإصلاح". ما الفرق بين هذه الشعارات وهل تحقق من محاربة الفساد شيء؟

لا بد أن يعرف الناس أن هناك مقاربتين أو منطقين يتدافعان ويتعاركان، هناك منطق الإصلاح الذي يروم إرساء الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في البلد، وهناك ضده منطق الإفساد والتشويش على جهود وعمل الذين تصدوا لعملية الإصلاح. والحكومة التي قدتها طيلة هذه السنوات عملت بقدر ما تستطيع بمنطق الإصلاح، وهي جاءت في الأصل في سياق إقليمي ملتهب لتصلح ما فسد في عدد من المجالات والقطاعات، فتربّص بها المتربصون والمفسدون والمشوشون من كل جانب، من أجل عرقلة عملها، وممارسة التضليل على الشعب، لكن المواطنين لا شك أنهم شعروا بالإصلاحات التي قامت بها الحكومة، ويقدرون نيتها في العمل الجاد والمسؤول والمعقول. وشعار "محاربة الفساد" كان طبيعياً في مرحلة الشك التي تحدثت عنها في السنة الأولى، خصوصاً من عمر الولاية الحكومية، والتي جاءت مباشرة بعد أحداث "الربيع العربي"، وهو ما حاولنا القيام به في الحكومة من خلال مبادرات وإجراءات عديدة، فما لم يتحقق منها بعد، نعد الناخبين أننا سنكمله في ولايتنا الثانية إذا تصدر حزبنا المشهد الانتخابي. وهذا معنى شعار "صوتكم فرصة لمواصلة الإصلاح".

* كيف تقرأون خريطة الانتخابات، ومن هي الأحزاب التي تنافسكم على تصدر الانتخابات؟

كما تعلمون، إن حزب العدالة والتنمية قام بتغطية جميع الدوائر الانتخابية المحلية البالغ عددها 92 دائرة، وفي هذا تكليف ومسؤولية كبرى لمناضلي ومرشحي الحزب، على أن يجتهدوا في التواصل مع المواطنين، ولكن يبقى الأساس أن الناخب هو من يقرر في غرفة الاقتراع يوم الجمعة المقبل. أنا أدعو الناخبين المغاربة إلى اختيار أحد طريقين أو خيارين، الأول رفض من يبيعونهم الوهم والخوف، ويمارسون معه سياسة العصا والجزرة، ورفض سلطة المال التي قد تهيمن بالولائم الجماعية، والوعود الكاذبة، وأيضاً رفض تدخلات بعض رجال السلطة في تفضيل حزب على آخر ومرشح على آخر. وهناك برأيي الخيار الثاني والأصلح للبلاد والعباد، وهو التصويت لفائدة الأحزاب "المعقولة" كيفما كانت، المهم أن يكون لديها نصيب من الجدية والنزاهة والامتداد الشعبي العميق عبر الزمن والنضالات، وحزب العدالة والتنمية هو أحد هذه الأحزاب برأيي.

* حزب الأصالة والمعاصرة (المعارض) ليس من هذه الأحزاب؟

هذا الحزب تحديداً لا امتداد له في أرض الواقع. ولا أتفق مع من يتحدث عن قطبية ثنائية في المغرب. لا وجود لهذه القطبية إلا في أذهان بعض الصحف والمواقع التي يمولها هذا الحزب، فالبون شاسع بيننا وبينهم، والدليل المهرجانات الخطابية الهائلة التي يحضرها الآلاف في حزبنا، مقابل مهرجاناتهم الباهتة. ثم إن لا مصداقية لهذا الحزب لدى قطاع عريض من الشعب المغربي، لأنه تخصص بالدرجة الأولى في بيع الوهم والوعود الكاذبة والمنمقة للناس، وبالتالي لا يمكن لـ"العدالة والتنمية" الذي يدعو إلى الإصلاح، أن يتحالف مع حزب وهمي يشوش على الإصلاح. حزب العدالة والتنمية وهذا الحزب الذي يجسد التحكم في المشهد السياسي بالبلاد، خطان متوازيان لا يلتقيان أبداً، والتحالف معه بعد الانتخابات البرلمانية ليس من خططنا نهائياً، ولا من أهدافنا ولا طموحاتنا، ويكفينا التحالف مع باقي الأحزاب الوطنية من دون تحديد وتعيين.

* ومن تراه قادراً على تصدر الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
لا يمكنني التنبؤ بالنتائج طبعاً، لكن جميع المؤشرات تدل على أن حزب العدالة والتنمية سيتصدر نتائج الانتخابات المقبلة، لأن الشعب فطن لمن يريد حقيقة خدمة البلاد والعباد، ومن فقط يرغب في الوصول إلى رئاسة الحكومة والاستفادة من الامتيازات وخدمة من حوله.

المساهمون