حلب: المعارضة تصدم النظام وحلفاءه ومحور موسكو يطلب هدنة

حلب: المعارضة تصدم النظام وحلفاءه ومحور موسكو يطلب هدنة

29 أكتوبر 2016
تقدمت المعارضة سريعاً في محورين (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

نجحت فصائل المعارضة السورية المسلحة في إحداث الصدمة في صفوف تحالف النظام السوري ومليشياته الأجنبية، مع إطلاقها "ملحمة حلب الكبرى" لفك الحصار عن المدنيين في المدينة، وهو ما ظهرت نتيجته سريعاً في دعوة كل من وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف، والسوري وليد المعلم، خلال اجتماع ثلاثي، في موسكو، أمس الجمعة، إلى حلّ سياسي في سورية، وتقديمهم عرضاً لوقف إطلاق النار، في سلوك اعتيادي لهذا المحور في كل مرة تقترب فيه المعارضة السورية من فكّ الحصار عن الشهباء، بغية محاولة فرملة تقدّم المعارضين.

في هذا السياق، أفاد لافروف، خلال مؤتمر صحافي مشترك، عقب اللقاء الثلاثي، أنّ "دمشق جاهزة لوقف إطلاق النار، والوفد السوري مستعد للذهاب إلى جنيف لاستئناف المباحثات لحلّ القضية". وكرر نفيه لناحية عدم قصف روسيا ولا النظام السوري مدينة حلب، خلال اتفاق وقف إطلاق النار الأخير لمدة عشرة أيام. لا بل اتهم لافروف الولايات المتحدة بعدم الالتزام، بشرط "فصل المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين"، وملقياً مسؤولية فشل الهدنة على "الإرهابيين الذين منعوا المدنيين من الخروج من حلب".

وأوضح الوزير الروسي أنّ "الولايات المتحدة استغلت الوقت خلال اتفاق وقف إطلاق النار، ولم تلتزم معنا على الأهداف المشتركة لضرب الإرهابيين"، معتبراً أنّ الحديث عن قصف روسي على مدرسة قرية حاس في إدلب "مفبرك". وتعليقاً على مسؤولية روسيا عن استهداف مواقع وقوافل إنسانية في حلب، أشار إلى أن "شركاءنا الغربيين يتخصصون في اتهامات عارية عن الصحة وفبركة الحقائق، وبذلك، يوفرون في الواقع غطاء للإرهابيين الذين يجب ضربهم حتى النهاية". ولفت إلى اتفاقه مع ظريف على "وحدة أراضي سورية وسيادتها"، مضيفاً أنّ "سورية وإيران يؤيدان استمرار الجهود الروسية في مواجهة الإرهاب".

من جهته، أيّد المعلم ما ذكره لافروف، قائلاً: "ليس لديّ الكثير لأضيفه"، معرباً عن "الجهوزية لإعادة تجربة الهدنة في حلب بعد الحصول على ضمانات بإخراج المدنيين من شرق المدينة". واتهم المعلم التحالف الدولي بأنّه "لا يستهدف داعش في سورية، بل البنية التحتية والاقتصاد السوري"، معتبراً أنّ "الدول الغربية تسعى لسحب التنظيم من الموصل في العراق إلى الرقة السورية".

بدوره، أكد ظريف أنّ "إيران تريد وقفاً شاملاً لإطلاق النار في سورية من قبل كل الأطراف"، مضيفاً أنّها "تريد في الوقت ذاته محاربة الإرهاب من قبلهم". وقال إنّ "طهران تبحث عن مخرج سياسي لحل الأزمة السورية"، مؤكداً أنّ أي حل للأزمة يجب أن يكون "عبر حوار بين السوريين أنفسهم". واعتبر أنّ "هناك مصالح مشتركة فيما يخص محاربة الإرهاب"، محذراً من أنّ "على كل الدول أن تدرك حقيقة أن خطر الإرهابيين سيصل إلى الجميع".



ميدانياً، يبدو أن هناك تنسيقاً إقليمياً بين الدول الداعمة للمعارضة قد سبق بداية معركة حلب، كما يمكن تفسير تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل بدء المعركة بأن "تركيا تعمل في شمال سورية ضمن غرفة عمليات درع الفرات، وأن حلب لها أهلها"، على أنه تبرئة ذمة من الجانب التركي أمام الروس الذين تنسق معهم تركيا بما يخص الوضع في شمال سورية.

ويبدو أن واشنطن التي لم تكن تفضل حسم الأمور عسكرياً، قد غضت الطرف عن هذه المعركة، وعن الدعم الاقليمي لإنجازها، من أجل توجيه رسالة للروس الذين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء في دعمهم للنظام، ومحاولتهم الدائمة لكسر التوازن الذي من شأنه دفع الأطراف للقبول بحل سياسي.

وبدأت "ملحمة حلب الكبرى"، صباح أمس الجمعة، بهجوم معاكس شنته فصائل المعارضة ضد قوات النظام وحزب الله، في كل من جبهة الراشدين والزهراء ومشروع 1070 شقّة، جنوب غربي مدينة حلب، موقعة خسائر بشرية في صفوف النظام وحلفائه. وتزامن هذا الهجوم مع قيام حركة أحرار الشام بقصف مواقع النظام في مطار النيرب العسكري بصواريخ "غراد"، وتمكنها من تحقيق إصابات مباشرة في مراكز القيادة ومدارج الإقلاع في المطار بحسب غرفة عمليات جيش الفتح. وتمكنت فصائل المعارضة من أسر عدد من عناصر حزب الله وحركة النجباء. وأكّد قائد جيش المجاهدين المقدم أبو بكر لـ"العربي الجديد"، أنّهم "أسروا خلال تقدّمهم داخل أحياء ضاحية الأسد غربي مدينة حلب، عشرة عناصر من حركة النجباء العراقية، التي تقاتل إلى جانب قوات نظام الأسد في حلب".

كما بدأت الفصائل بالتمهيد الناري من داخل المناطق المحاصرة باتجاه مواقع النظام في الجبهات الجنوبية للمنطقة المحاصرة من حلب بحسب مصادر محلية في المدينة، وذلك بالتزامن مع عمليتي تفجير نفذهما عناصر المعارضة في مواقع للنظام والمليشيات، انطلاقاً من الجبهات الجنوبية والجنوبية الغربية في المدينة والمتاخمة للريف الجنوبي.

وبعد ساعات من بدء المعركة أعلنت فصائل غرفة عمليات جيش الفتح وغرفة عمليات فتح حلب التابعة للمعارضة المسلحة عن تمكن المقاتلين من كسر الخطوط الأمامية لقوات النظام في ضاحية الأسد بحلب، مؤكدين أن المعارضة قد سيطرت على أكثر من نصف أحياء الضاحية خلال الساعات الأولى من المعركة لتسيطر عليها بشكل كامل في فترة ما بعد ظهر أمس. كما استهدفت المعارضة مواقع النظام في الأكاديمية العسكرية ومدرسة المدفعية في أطراف حلب الجنوبية، بعشرات صواريخ غراد وحققت إصابات مباشرة.

كما أكّدت غرف العمليات السيطرة على حاجز ساتر المستودع قرب بلدة الصورة في غربي حلب، والسيطرة على منطقة مناشر منيان القريبة منها، إضافة لمعمل الكرتون في أطراف ضاحية الأسد. وجاءت تلك السيطرة وفقا لغرف العمليات عقب "تنفيذ عملية استشهادية بعربة مفخخة من محور معمل الكرتون غربي مدينة حلب".

بدوره أفاد مركز حلب الإعلامي، أنّ قتلى وجرحى وقعوا في صفوف قوات النظام في حي الحمدانية، غربي حلب، إثر غارة جوية روسية استهدفت مواقعهم عن طريق الخطأ. كما أعلنت حركة أحرار الشام عن تمكنها من قتل نحو 80 عنصراً من قوات النظام والمليشيات خلال عملية السيطرة على منطقة الضاحية جنوب غربي حلب.

في المقابل، شنت طائرات نظام الأسد والطيران الروسي عدّة غارات جوية على المنطقة الشرقية من حلب، بحسب ما أفاد به متحدث الدفاع المدني في حلب إبراهيم أبو الليث لـ"العربي الجديد"، إضافة لغارات على الريف الجنوبي والريف الغربي لحلب، مشددا على عدم ورود حصيلة مؤكدة عن وقوع ضحايا نتيجة الغارات.

وأكد عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحر أيمن العاسمي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "توقيت المعركة تأخر عن الوقت المقرر لها نحو 15 يوماً، بسبب تحضيرات لوجستية إضافة إلى العمل على إيجاد قيادة موحدة تجمع الفصائل المشاركة في العملية".

ونوّه العاسمي إلى أنّ "العملية تختلف عن سابقتها، نظراً لأنها بدأت باقتحام أقوى خاصرة لنظام الأسد حالياً وهي ضاحية الأسد. وهي حركة مفاجئة لقوات الأسد، لأنها ستُمكّن المعارضة من تحييد سلاح الجو، وقلب المعركة إلى معركة شوارع، بعيداً عن المساحات الفارغة التي يتمكن من خلالها النظام من تنفيذ ضريات جوية، كونه يعتمد على الكثافة النارية من الطيران. 


المساهمون