كذبوا ولو تصافحوا

كذبوا ولو تصافحوا

27 أكتوبر 2016
يطالب الشارع الفلسطيني بإنهاء الانقسام (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -
بينما زعم عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عزام الأحمد، أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) طلبت لقاءً ثنائياً بين التنظيمين الفلسطينيين لبحث مصير المصالحة وإنهاء الانقسام، أصدرت "حماس"، الأربعاء، بياناً نفت فيه كلام الأحمد، لكنها أكدت أنها "لا تمانع عقد أي لقاء مع حركة فتح أو أيٍّ من القوى الفلسطينية، إذا توافرت الظروف والأرضية المناسبة لإنجاح المصالحة وإنهاء الانقسام". وبين زعم الأحمد ونفي "حماس"، وربما زعم "حماس" اليوم، وثم نفي الأحمد غداً، يستمر هذا المسلسل الفلسطيني الممل، بل والمقيت.
الترويج لأحدث حلقات مسلسل الصراع بين حركتي "فتح" و"حماس"، يشير إلى احتمال عقد لقاء "تاريخي" بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المُنتهية ولايته، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، المشرفة ولايته على الانتهاء، خالد مشعل، في العاصمة القطرية الدوحة، بهدف "ترتيب البيت الفلسطيني" وإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة، وغيرها من تفاصيل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتشكيل حكومة الوفاق، وفتح معبر رفح، والاتفاق على مصير موظفي قطاع غزة الذين جرى تعيينهم بعد الانقسام... مع كل التقدير للمجهود القطري، الساعي بلا يأس لتحقيق المصالحة، يبدو أن الانقسام الفلسطيني بات عصياً على "الردم"، ولم يعد مُجدياً استجداء القيادات الفلسطينية لتحكيم العقل، وضرورة تغليب المصالح الوطنية على الأجندات التنظيمية والشخصية.
ولم يعد من العقل الاعتقاد بأن "الانقسام إلى زوال" و"المصالحة قاب قوسين أو أدنى"، بعد كل هذه السنوات الطويلة من الانقسام المقيت، وبعد كل الفشل "المُزمن" والمتراكم على مدار 27 جولة من حلقات مسلسل المصالحة بين "فتح" و"حماس"، وبعد حوالى 1700 ساعة من "حوار الطرشان"، منذ اتفاق مكة في فبراير/ شباط 2007، وحتى آخر لقاء عُقد في العاصمة القطرية في يونيو/ حزيران الماضي، مروراً بجولات القاهرة والسنغال وغيرهما.
لم يعد لدى الفلسطيني من أمل بأن يُحدث أي لقاء جديد بين عباس ومشعل في الدوحة اختراقاً في الأفق الموصد، أو أن يُنهي الصراع الدائر بين الحركتين على سلطة "بلا سلطة"، وعلى ما تبقى من فُتات وطن. كذب المنقسمون مهما تصافحوا، ولا أراهم اليوم سيحترمون أي مبادرة جديدة، وقد ارتقت مصالحهم التنظيمية الضيقة على كل مصلحة وطنية، وعطّلت مشاريعهم الشخصية المريضة إنجاز المشروع الوطني التحرري.