تناقضات أبو الغيط العراقية: تحذير تركيا وتجاهل تدخلات إيران

تناقضات أبو الغيط العراقية: تحذير تركيا وتجاهل تدخلات إيران

26 أكتوبر 2016
أبو الغيط لم يرفض بشكل صريح التدخلات الإيرانية(ألبير لورجونس/Getty)
+ الخط -


لم تأت تصريحات اﻷمين العام لجامعة الدول العربية، السفير أحمد أبو الغيط، حول التدخل التركي في العراق، إلا بمزيد من التناقضات حول رؤيته لحلّ اﻷزمات التي تواجه عدداً من دول المنطقة.

وحذر أبو الغيط مما وصفه بـ"التدخل" التركي في العملية التي تشنها الحكومة العراقية لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل من يد تنظيم "الدولة اﻹسلامية" (داعش). وقال في مقابلة مع شبكة "بي بي سي"، إن التدخل التركي في هذا الشأن تحت دعاوى التدخل الإيراني في العراق، يجعل المشهد أكثر تعقيداً.

واعتبر مراقبون أن تصريحات أبو الغيط تحمل تناقضاً، لناحية عدم اتخاذ الموقف ذاته تجاه التدخلات اﻹيرانية بشكل فج في الشأن العراقي منذ سنوات، وكذلك تدخلها العسكري المباشر في سورية، فضلاً عن تدخلها في اليمن، والبحرين، ولبنان.

وقال مساعد وزير الخارجية اﻷسبق، السفير إبراهيم يسري، إن تصريحات أبو الغيط لا يمكن فهمها إلا في إطار "المكايدة"، وهو متأثر بسياسات الخارجية المصرية في السنوات اﻷخيرة.

وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أن سياسة أبو الغيط التي تعتمد على إرضاء كل اﻷطراف في أحيان، والانحياز ﻷطراف بعينها في أحيان أخرى، ستقوض من دور جامعة الدول العربية خلال الفترة المقبلة، بما يزيدها ضعفاً على ضعف.

وتابع، إن اﻷمين العام لجماعة الدول العربية، لم يرفض بشكل واضح وصريح التدخلات الإيرانية في العراق على الرغم من أن الدور اﻹيراني واضح هناك، لافتاً إلى أن هذه التصريحات اﻷخيرة تكشف وجود تناقضات في خطاب أبو الغيط.

من جانبه، قال دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد"، إن أبو الغيط يتماهى مع سياسات النظام المصري الحالي، ﻷنه يدين بالولاء له، لاختياره أميناً عاماً للجامعة خلفاً لسابقه، نبيل العربي.

وأضاف الدبلوماسي، أن أمين جامعة الدول العربية يمارس سياسة "المكايدة" تجاه تركيا، على خلفية وجود توتر ملحوظ في العلاقات بين أنقرة والقاهرة.

وتابع، إن "التدخلات اﻹيرانية في العراق طائفية ومع ذلك لا يوجد موقف عربي رافض لها، وهذا يفترض أن يقوده أبو الغيط نفسه، باعتبار أن هذا تدخل خارجي في دولة عربية".

وتساءل: "لماذا يرفض أبو الغيط أي تدخل إيراني في دول الخليج بشكل واضح، في حين يتجاهل الموقف نفسه حيال العراق؟".

وذهب باحث في العلاقات العربية، إلى أن التدخل اﻹيراني في العراق لا يأتي في صورة تدخل بقوات نظامية مثل تركيا، وهذا لا يمكّن أبو الغيط من التحدث حوله بشكل رسمي.

وقال الباحث، لـ"العربي الجديد"، إن التدخل اﻹيراني في العراق أعمق وأسبق من فكرة تدخل تركيا هناك لمواجهة اﻷكراد على وجه الخصوص، وبالتالي، "هو أخطر ويجب التوجه ﻹنهائه، إذا أرادت الدول العربية وضعاً مستقراً هناك".

وحول ما إذا كانت تصريحاته بخصوص التدخل التركي في العراق من باب "المكايدة"، أشار إلى أن موقف اﻷمين العام لجامعة الدول العربية ما كان ليأتي بهذه الصورة إلا بعد مطالبات الحكومة العراقية وقف تدخل تركيا عسكرياً، وهو ما وضع الجامعة في موقف محرج.


ولفت إلى أن أبو الغيط ما كان ليتخذ الموقف نفسه بشكل فج، إلا بعد مطالبات العراق، خاصة وأن تركيا تتمتع بعلاقات قوية مع الدول اﻷبرز في الجامعة، وعلى رأسها السعودية.

وتحفظ أعضاء بمجلس النواب المصري على إدانة أبو الغيط، في مقابلة إعلامية، الثلاثاء، لما وصفه بـ"التدخل التركي" في العراق، وإبداء تفهمه، في المقابل، للتدخل الإيراني.

وقال وكيل لجنة الشؤون العربية، أحمد إمبابي، إن البرلمان المصري يقف مع عدم التدخل التركي أو الإيراني في العراق على حد سواء، التزاماً بالتوصيات الصادرة عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، في سبتمبر/أيلول الفائت، المنددة بالتدخلات الإيرانية فى المنطقة، والمطالبة بسحب أنقرة لقواتها من العراق وسورية.

وأضاف، في تصريح خاص إلى "العربي الجديد"، أن حديث أبو الغيط "غير موفق"، لأن خطورة التدخل التركي في المنطقة العربية لا تقل خطراً عن نظيره الإيراني، خاصة مع ظهور أطماع طهران بشكل واضح مع احتدام الأزمة اليمنية، ودعمها للحوثيين في انقلابهم على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي.

بدورها، أبدت وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، داليا يوسف، تفهمها لتصريح أبو الغيط، وأبعاده حول خطورة التدخل التركي في العراق، مقارنة بالإيراني، معتبرة جميع الأطراف الدولية الفاعلة في كل من العراق وسورية تهدف إلى "تفتيت المنطقة، وتحويلها إلى دويلات متناحرة، حتى وإن أظهرت حديثاً ناعماً عن الانتقال السلمي للسلطة، ودعم المعارضة المعتدلة".

وأضافت يوسف في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن الصراع الدائر في أرض العراق، وتورط تركيا وإيران فيها "صراع مصالح، ونفوذ في الأساس"، في إطار أطماعهم التوسعية داخل المنطقة، مشيرة إلى أهمية الدور المصري في مواجهة أطماع الدولتين، وضرورة تخلي أطراف عربية عن دورها الداعم للتنظيمات الإرهابية، بحد قولها.

من جانبه، قال نائب "حزب النور" السلفي، أحمد الشريف، إن الدور الإيراني أشد خطورة من التركي، وتدخلات طهران تعد السبب الرئيسي في الأزمة اليمنية، وقبلها العراقية والسورية، مؤكداً أن هدفها الرئيسي التمدد في الداخل العربي، في إطار تبنيها المد الشيعي، ونشر الفتنة، وهو ما يتطلب دوراً مصرياً قوياً في مواجهتها.