معركة الموصل: عرب كركوك في دائرة التهجير

معركة الموصل: عرب كركوك في دائرة التهجير

25 أكتوبر 2016
اتخذت القوات من اعتداءات "داعش" مبرراً لحملتها (يونس كيليش/الأناضول)
+ الخط -
انتهى ثامن أيام معركة الموصل بلا مؤشرات تفيد بقرب الوصول إلى أسوار المدينة، إذ لا تزال المعارك تجري داخل وقرب البلدات والقصبات المحيطة بها، بمسافات تتراوح ما بين 12 و20 كيلومتراً، عدا المحور الجنوبي الذي يزال يراوح مكانه منذ يومين. في موازاة ذلك، بدأت ملامح مشاكل جديدة تظهر للعلن على خلفية معركة الموصل وتداعياتها، مع تسجيل قيام قوات البشمركة الكردية بعمليات تهجير لأبناء المكون العربي في محافظة كركوك، فضلاً عن تنفيذ عمليات هدم طاولت العشرات من منازل السكان العرب في المحافظة على خلفية الهجمات التي شنّها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على المحافظة يوم الجمعة، في محاولة منه لتخفيف الضغط على عناصره في الموصل.

وباشرت قوات البشمركة، جناح حزب الاتحاد الكردستاني بزعامة جلال طالباني، بعمليات طرد عوائل عربية نازحة في كركوك، فضلاً عن هدمها عشرات المنازل لعوائل عربية من سكان كركوك الأصليين تحت ذرائع مختلفة. وأكدت مصادر داخل المدينة تنفيذ حملات اعتقال واسعة بين الشبان النازحين طاولت المئات، من دون أي مذكرة اعتقال قضائية تقوم بها سلطات كركوك التي تخضع لسلطة حزب الاتحاد منذ أحداث يونيو/حزيران 2014 التي سيطر فيها "داعش" على مدن عراقية مختلفة.


ووفقاً لمصادر محلية في كركوك، فقد طاولت عمليات الهدم أكثر من 150 منزلا في مناطق واحد حزيران، ومناطق في قضاء الدبس، إضافة إلى منازل في قرية قتبه جنوب وجنوب غربي كركوك بواسطة الجرافات. وتم ذلك بعد طرد العوائل العربية منها بحجة أنهم حواضن لتنظيم "داعش".
كما تم اعتقال نحو 350 مدنياً من دون مذكرات قبض، في حين تتواصل عمليات طرد النازحين العرب من المسلمين والمسيحيين من المدينة. ووجدت إدارة كركوك بزعامة المحافظ، نجم الدين كريم، القيادي في حزب الاتحاد، وأحد المعروفين بعلاقاته الممتازة مع الإيرانيين، في سلسلة الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها المدينة يوم الجمعة الماضي، والتي خلفت نحو 200 قتيل وجريح من المدنيين والأمن، فرصة لتنفيذ مخطط طرد النازحين الذي اضطر إلى إلغائه الشهر الماضي بضغوط من الأمم المتحدة وأطراف سياسية مختلفة داخل البلاد. من جهته، أشار عضو البرلمان العراقي عن "تحالف القوى العراقية"، ظافر العاني، إلى أنّ "القوات الكردية هدمت نحو 60 منزلاً للسكان العرب في حي واحد حزيران وسط كركوك". وتحدث عن تعرّض الأهالي من المكون العربي إلى "حملة تهجير قاسية"، بعد التفجيرات التي شهدتها محافظة كركوك يوم الجمعة الماضي. وأضاف "اتصلنا برئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وتجاوب معنا"، مشدّداً على رفضه أي عمليات مماثلة "لأنّ كركوك لجميع القوميات والمكونات".

بدورها، وصفت هيئة علماء المسلمين في العراق ما يجري في كركوك بالإجراءات التعسفية المؤسفة. وأشارت إلى أن "الأجهزة الحكومية وقواتها الأمنية، بمختلف تشكيلاتها الرسمية وغير الرسمية، تقوم بإجراءات تعسفية طاولت النازحين في كركوك". وأكدت، في بيان أصدرته، رصد تجاوزات مختلفة، أبرزها إلقاء التهم جزافاً على العائلات النازحة، والادعاء بأنهم سبب دخول مسلحي "داعش" إلى المدينة. وأشارت إلى هدم القوات والمليشيات المرافقة لها منازل ومساكن بُنيت في منطقة التجاوز في حي واحد حزيران. كما عمدت هذه القوات، وفقاً للبيان نفسه، إلى سحب الوثائق الرسمية للنازحين ومداهمة منزل أحد القضاة من أهالي الحويجة، والمطالبة بترك منزله والخروج من مدينة كركوك. كما تلقى النازحون تهديدات بإخراجهم من المناطق التي استأجروا منازل فيها، إلى مخيمات خارجية، أو إجبارهم على الرجوع إلى مناطقهم الأصلية. وتقوم سلطات الأمن المعروفة باسم "الأسايش" بمرافقة العوائل إلى خارج بوابة المدينة وتركهم هناك.

وشهد الاثنين أول عملية انتحار لرجل تم إلقاء أثاثه خارج منزل يقيم به وطلب منه مغادرة المحافظة. وبحسب وسائل إعلام عراقية، فإن الرجل، وهو نازح من الأنبار، أصبح في حالة نفسية صعبة، بعدما أبلغ بالمغادرة من المدينة وتم سحب مستمسكاته الرسمية هو وعائلته، ليعثر عليه بعد ساعات منتحراً بحبل في المنزل. من جانبه، حاول عضو الحكومة المحلية لمحافظة كركوك، أحمد عسكري، التبرير لطرد أبناء المكون العربي من المحافظة بالقول، في تصريح صحافي، إن "أعداداً كبيرة من النازحين دخلوا كركوك، وتسلل معهم عدد من المخربين والإرهابيين، وهذا أحد أسباب حوادث الجمعة، وهناك قرار سابق لمجلس المحافظة بإعادتهم"، على حد قوله. ومضى في تبريراته قائلاً "هناك سببان لعدم عودة النازحين إلى مناطقهم. الأول سبب سياسي، ويريدون البقاء لأهداف منها القيام بأعمال إرهابية وزيادة نسبة العرب في المدينة، والآخر اقتصادي"، على حد قوله. واعتبر أن "نازحي الأنبار قد تم تحرير مناطقهم إلا أنهم يتسلمون الأموال، وقد وجدوا لهم عملاً وليسوا على استعداد للعودة إلى مناطقهم"، على حد وصفه. وأشار العسكري إلى أنه يوجد برنامج سينفذ من الآن، وهو إعادة النازحين الذين تم تحرير مناطقهم الأصلية، وجمع الباقين في مخيمات خاصة بالنازحين وعدم السماح لهم بالاختلاط مع أهل المدينة. واعتبر أنه "من الضروري أن تكون تلك المخيمات بعيدة عن المدينة، لا أن تكون قريبة من مركزها".
من جهته، قال عضو الكتلة العربية في كركوك، طارق عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء تدخل ونأمل أن تتوقف تلك الجرائم". ولفت إلى أن "عمليات الطرد والتهجير مستمرة وبحجج وذرائع مختلفة قدمها داعش أخيراً لهم". وأضاف "الأكراد يقولون إن صدام حسين جرف منازلهم وطردهم، ترى ما يفعلون الآن هم؟". كما أشار إلى أن المكون التركماني أبدى تضامنه مع المكون العربي في هذه الأزمة. كما تبرعت عشائر الجنوب العربية من المكون العربي الشيعي بإيواء من يتم طردهم من كركوك.