60 عاماً على انتفاضة المجر بنكهة تجدُّد "الحرب الباردة"
بعد مرور 60 عاماً على انتفاضة المجر التي تعتبر من الأحداث المفصلية في "الحرب الباردة"، يعيش العالم أجواء مشابهة، مع احتدام المواجهة غير المباشرة بين موسكو والغرب في سورية هذه المرة. في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1956، اندلعت انتفاضة المجر، أو "التمرد المجري المضاد للثورة" كما كانت تسميه السلطات السوفييتية آنذاك، وقمعتها قوات الجيش الأحمر في إثبات لاستعداد موسكو استخدام القوة العسكرية للحفاظ على الأنظمة الشيوعية الحليفة في بلدان حلف وارسو.
شهد العالم في النصف الأول من القرن العشرين العديد من النزاعات المسلحة، بما فيها الحربان العالميتان اللتان ذهب ضحيتهما عشرات ملايين الأشخاص، ما دفع القوى العالمية إلى إقامة المنظومة الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة لمنع وقوع حرب عالمية جديدة. ومع تطوير الأسلحة النووية والإدراك أن استخدامها قد يشكل نهاية للحضارة الإنسانية، دخل العالم "الحرب الباردة"، أي المواجهة الأيديولوجية بين الكتلتين الغربية والشرقية من أجل النفوذ في مختلف المناطق. ولخص زعيم الاتحاد السوفييتي جوزيف ستالين طبيعة المواجهة الجديدة في مقولته إن "من يحتل الأرض، يفرض عليها نظامه الاجتماعي"، ما دفعه إلى إقامة حكومات حليفة في دول الجوار، حتى لا تشكل خطراً على الأمن السوفييتي.
وانفجرت حالة الاختناق السياسي في 23 أكتوبر/تشرين الأول باحتشاد نحو 200 ألف متظاهر أمام مبنى البرلمان وإسقاطهم تمثال ستالين. وتشكلت مجموعات مسلحة ضمت حوالي 20 ألف فرد، بينهم معتقلون سياسيون سابقون تم تهريبهم من السجون. وليلة 24 أكتوبر/تشرين الأول، دخلت القوات السوفييتية إلى بودابست، لتندلع في اليوم التالي مواجهات مسلحة في محيط مبنى البرلمان، إذ كان المتمردون يطالبون بانسحاب القوات السوفييتية وتشكيل حكومة متعددة الأحزاب. وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول، اتخذ الحزب الشيوعي السوفييتي قراراً بقمع الانتفاضة بقوة السلاح، لتعبر 3000 دبابة سوفييتية إضافية الحدود المجرية بعد حصول موسكو على تأييد حلفائها في أوروبا الشرقية والصين. وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني، بدأت عملية اجتياح بودابست، والتي استمرت لبضعة أيام وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى، وهكذا انتهت انتفاضة المجر.