في رُكام الكلام

في رُكام الكلام

21 أكتوبر 2016
وفد من البوليساريو حل ضيفاً بمصر (فاروق بطيش/فرانس برس)
+ الخط -
المشهد السياسي العربي يشبه الكلمات المتقاطعة، أو يشبه المتاهة التي لا تُؤدي ممراتها المتعرجة إلا الى جدران عالية. في محاولة يائسة، وربما بائسة، حاولت بالأمس، مع بعض الزملاء الصحافيين، المدمنين على مجالس النميمة السياسية، تشريح مجريات الأحداث بالمعلومة والتحليل، وتفكيك المشهد السياسي بالمثير من "المؤامرات". امتد الحديث ما بين مصير بريطانيا بعد ورطة "الاستفتاء" الذي قد يرمي بالمملكة المتحدة في ظلام مستقبل غامض، وصولاً إلى المصير الذي ينتظر الولايات المتحدة في حال وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وبين ضفتي الأطلسي، غاص الحديث الصاخب في أعماق الأجندات التركية الروسية الإيرانية الإسرائيلية، وهي تشتبك بالنيران الحية، لحماية مصالحها من سرت إلى حلب، ومن صنعاء إلى الموصل.
ورغم تشابك الحديث المُتناثر على امتداد "الجيوبولتيكا"، وقف وسط ركام الكلام، سؤالان، أجهدنا تفسيرهما، مهما اجتهدنا. السؤال الأول يتعلق باستقبال جمهورية مصر العربية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي لوفد من جبهة البوليساريو، وهي الجبهة التي تسعى منذ عقود لـ"استقلال" الصحراء عن المملكة المغربية. ما هي الحسابات التي دفعت مصر إلى تلك الخطوة، مع كل ما فيها من إضرار بالعلاقات المصرية – المغربية، بالدرجة الأولى، وبالعلاقات المصرية – الخليجية، والمصرية - السعودية تحديداً، مع علم القاهرة بالدعم غير المشروط أو المنقوص الذي تقدمه هذه الدول للمغرب في مواجهة جبهة البوليساريو.
أما السؤال الثاني، وهو ذا صلة بالمغرب أيضاً، فيتعلق باتخاذ المملكة في 14 أكتوبر قراراً بإعادة فتح سفارتها في إيران، بعد سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية بين البلدين. وما هي الحسابات التي دفعت الرباط إلى هذه الخطوة، في هذا التوقيت، مع كل ما فيها من إضرار محتمل بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية، التي تواجه إيران بالذخيرة الحية، وما دونها، في أكثر من ميدان.
وفي محاولة للفهم، تساءلنا، هل يكون انفتاح القاهرة – حليفة الرياض- على البوليساريو في 17 أكتوبر، هو الرد السعودي القاسي، على الخروج المغربي عن السرب السعودي في 14 أكتوبر؟ وهل وجدت القاهرة في استقبال وفد البوليساريو فرصة لـ"ترطيب" علاقاتها المتوترة مع الرياض، وفرصة كذلك، لمقايضات سياسية في الملف الليبي مع الجزائر، حليفة البوليساريو؟ أسئلة ظلت على طاولة المقهى برسم الأيام المقبلة، التي لا تشي بشائرها إلا بالمزيد من الالتهابات في "الجيوبولتيكا" العربية.

المساهمون