المغرب يترقب ولاية غوتيريس: تفاؤل حذر حيال ملف الصحراء

المغرب يترقب ولاية غوتيريس: تفاؤل حذر حيال ملف الصحراء

20 أكتوبر 2016
توترت علاقة بان بالمغرب (بشير رمزي/الأناضول)
+ الخط -
يعول المغرب في أن تكون فترة تولي الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، خلفاً لبان كي مون، الذي كانت علاقته بالمملكة متوترة في الشهور الأخيرة، فرصة لحلحلة نزاع الصحراء، الذي بدأ في العام 1975، بين المغرب الذي يطرح حل الحكم الذاتي الموسع لأقاليم الصحراء، وجبهة البوليساريو التي تطالب بتقرير المصير وإجراء إستفتاء بين سكان الصحراء. 

وعرفت علاقات بان كي مون بالمغرب توتراً شديداً أخيراً، وصل إلى حد "طرد" الرباط لنحو 84 عضواً من "بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية" (مينورسو)، وذلك رداً على تصريحات نسبت إلى بان تحدث فيها عن "احتلال الصحراء" على حد وصفه، عقب زيارته مخيمات تندوف، وهو ما أفضى إلى تأزم ملف الصحراء من جديد. ويأمل المغرب أن يكون لتعيين غوتيريس على رأس المنظمة الأممية وقع إيجابي على المسار السياسي المعطل لملف الصحراء، بالإضافة إلى إعادة العلاقات بين الرباط والأمم المتحدة إلى مجراها الطبيعي، وإعادة بناء جسور الثقة بين الطرفين.

وأعلن مدير عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، إيرفيه لادسوس، في تصريحات صحافية، أول من أمس، أنه سيزور الصحراء، هذا الأسبوع، موضحاً أنه سيجري أولاً مباحثات في الرباط قبل أن يزور مقر القيادة العامة لبعثة "مينورسو" في العيون، على أن يزور بعدها مخيمات تندوف. وقال "أنا ذاهب إلى هناك من أجل معنويات الجنود"، فيما قدم المبعوث الخاص للأمين العام إلى المنطقة، كريستوفر روس، تقريراً حول قضية الصحراء خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي أول من أمس.

ويقول المستشار الدبلوماسي، سمير بنيس، في حديث مع "العربي الجديد"، إن أسباباً عدة تدفع المغرب إلى التفاؤل الحذر، أولاً إن غوتيريس حافظ على علاقة ودية مع المغرب خلال فترة ولايته على رأس المفوضية السامية لحقوق اللاجئين. وقد زاد التعاون بين الجانبين أكثر من ذي قبل، إذ أظهر المغرب إرادة سياسية كبيرة في التجاوب مع هذه الهيئة الأممية وتسهيل عملها في الصحراء. ويرى بنيس أن "ما يجعل غوتيريس مؤهلاً أكثر من بان كي مون لإعطاء دينامية جديدة للمفاوضات، هو فهمه العميق للصراع وأبعاده السياسية والجيوستراتيجية وتداعياته على المنطقة". كما يشير إلى أن ما يساعد غوتيريس على إدراك الملف هو القرب الجغرافي بين المغرب والبرتغال وتوليه منصب رئيس وزراء البرتغال بين 1995 و2002. وكان غوتيريس تولى رئاسة الحكومة البرتغالية في وقت كانت المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، قد دخلت مرحلة جديدة تحت قيادة المبعوث الخاص السابق للأمين العام للصحراء بين 1997 و2004، جيمس بيكر.

ويرى بنيس أنه "بالنظر إلى تجربة غوتيريس على رأس إدارة مفوضية حقوق اللاجئين، وإشرافه بشكل شخصي على ملف الصحراويين المتواجدين في مخيمات تندوف، ستكون الجزائر تحت الضغط خلال السنوات الخمس المقبلة". كما يرجّح أن يدفع غوتيريس الأمم المتحدة إلى تجديد طلبها للجزائر من أجل السماح لمفوضية اللاجئين بإجراء إحصاء في مخيمات تندوف، مضيفاً "هناك احتمال كبير أن يعكس التقرير الأول حول الصحراء الذي سيقدمه غوتيريس إلى مجلس الأمن في شهر أبريل/نيسان المقبل، معرفته العميقة بملف الصحراء وقناعته الشخصية، وقد يضع ضغطاً أكبر على الجزائر لاحترام التزاماتها الدولية المتعلقة باللاجئين". ويلفت إلى أنه "في الوقت الذي تغاضى فيه بان كي مون عن التقارير الأوروبية الرسمية التي توضح بشكل جلي تورط الجزائر والبوليساريو في تحويل المساعدات الإنسانية المخصصة لمخيمات تندوف، سيكون هذا الموضوع من بين القضايا التي سيتم التطرق إليها فور مباشرة الأمين العام الجديد عمله بداية يناير/كانون الثاني المقبل"، على حد قوله.

ويشدد المستشار الدبلوماسي على أن "تفاؤل المغرب يجب أن يكون حذراً، لأن من يقرر في الموضوع ليس الأمين العام، بل الدول الأعضاء في مجلس الأمن، لا سيما الدول الخمس الدائمة العضوية، وعلى رأسها الولايات المتحدة". ويوضح أن "غوتيريس لا يملك عصا سحرية، وبالتالي فإن علاقته الإيجابية مع الرباط لن تكون بالضرورة كفيلة بمساعدة المغرب على التوصل إلى حل سياسي يتماشى مع مصالحه". ويشير إلى أن عمل الأمين العام ينحصر بالوساطة بين أطراف النزاع، وتسهيل عملية التفاوض، وتبقى الكلمة الفصل للدول المؤثرة في مجلس الأمن، معتبراً أنه بحكم إلمام غوتيريس بالموضوع ومعرفته بأبعاده السياسية وتأثيره على استقرار المنطقة، فعلى الأقل ستكون له القدرة على إدارته بطريقة أحسن من بان كي مون، وسيعمل على تجنب محاباة الجزائر أو البوليساريو، وعلى صياغة متوازنة تعكس الوضع الحقيقي في الصحراء ومخيمات تندوف.