روسيا تودع أوباما بأجواء حرب باردة

روسيا تودع أوباما بأجواء حرب باردة

16 أكتوبر 2016
أوباما وبوتين في لقاءٍ سابق (ميخائيل كلمنتييف/فرانس برس)
+ الخط -
"عاش الروس أسوأ أيامهم في عهد أوباما"، يبدو أن هذه النكتة المتداولة بين الروس كادت تصبح أمراً مسلماً به، إذ لا يكفّ الخطاب الرسمي والإعلامي في روسيا عن تحميل الغرب المسؤولية عن كافة "المصائب" بدءاً من الوقوف وراء "الربيع العربي"، مروراً بحشد "الميدان الأوروبي" في أوكرانيا، وصولاً إلى خفض أسعار النفط والطمع في تغيير السلطة في الكرملين، عن طريق تحريك "الطابور الخامس"، بعد إحداث أزمة اقتصادية في البلاد.

لم تتحقق الآمال في تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن، التي كانت مرتبطة بانتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة في عام 2008، ومحاولة "إعادة تشغيل" العلاقات بين البلدين في عام 2009. وبذلك تنتهي الولاية الثانية لأوباما بأكبر تصعيد ومواجهة غير مباشرة في سورية وفي المحافل الدولية، تعيد إحياء أجواء الحرب الباردة في الحقبة السوفييتية.

كما أعلنت واشنطن أنها "تدرس الرد المناسب" على أعمال الاختراقات الإلكترونية لـ"الهاكرز" الروس، بعد اتهام موسكو صراحة بشن هجمات إلكترونية على الجهات الحكومية الأميركية، ومحاولة التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية وانحيازها لدعم المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، على حساب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وكان رد موسكو على الاتهامات متوقعاً وتلخّص في طلب تقديم أدلة. وقد سخر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في حوار مع شبكة "سي إن إن" الأميركية من ذلك، قائلاً: "من باب التملق أن ننال كل هذا الاهتمام كوننا قوة إقليمية كما يصفنا أحيانا الرئيس باراك أوباما. يعتبر الجميع في الولايات المتحدة أن روسيا هي التي تجري المناظرات الرئاسية فيها. كما ذكرت، فهذا تملق، ولكنه لا يستند إلى أي حقائق". إلا أن التصعيد لا يقتصر على الفضاء الإلكتروني و"الهاكرز"، بل اعتبر لافروف في حوار سابق أن السياسة الأميركية تجاه روسيا تستند إلى "كراهية روسيا".

ولم تتوقف الأمور عند هذا الحدّ، بل إن روسيا صادقت على نشر مجموعة الطيران بقاعدة حميميم لمدة غير محددة، وتعتزم تحويل نقطة الدعم المادي الفني في طرطوس إلى قاعدة بحرية دائمة، وتم نشر صواريخ "إس 300" للدفاع الجوي بعد "إس 400" في سورية.

وحذّرت وزارة الدفاع الروسية من أن مدى صواريخ "إس 300" و"إس 400" قد يُشكّل مفاجأة على أي طائرات "مجهولة الهوية". وفي إعادة إحياء أجواء الحرب الباردة، تردد الحديث عن استعادة القاعدتين العسكريتين في كوبا وفيتنام وحتى مصر.

كما ظهرت مفارقات، منها أن تداعيات الأزمة الأوكرانية في عام 2014 اقتصرت على حرب العقوبات الاقتصادية، بينما جرت عملية ضم روسيا شبه جزيرة القرم بشكل سلمي، ثم هدأت الأوضاع في منطقة دونباس (لوغانسك ودونيتسك) شرق أوكرانيا في عام 2015، بينما تحوّلت الأزمة السورية إلى مواجهة عسكرية غير مباشرة طويلة الأمد، أعادت إلى الأذهان الأبعاد الخارجية للحروب العربية الإسرائيلية في القرن الماضي.
ومع ذلك، تشكك الصحافة الليبرالية الروسية فيما إذا كان أوباما سبباً في أن أصبح الصدام العسكري بين روسيا والولايات المتحدة، يبدو "أكثر واقعية من أي وقت مضى"، متجاوزاً حقبة الرئيس رونالد ريغان الذي جر الاتحاد السوفييتي إلى سباق تسلح مهلك، والرؤساء الأميركيين الذين دفعوا إلى توسع حلف شمال الأطلسي شرقاً، وشنوا عمليات عسكرية في يوغوسلافيا السابقة والعراق وأفغانستان.

المساهمون