"غوش عتصيون"... مفرق الموت برصاص الاحتلال

"غوش عتصيون"... مفرق الموت برصاص الاحتلال

09 يناير 2016
إجراءات جيش الاحتلال الإسرائيلي انتقامية (مناحيم كهانا/فرانس برس)
+ الخط -



تحوّل مفرق "غوش عتصيون"، إلى مفرق للموت، مع استشهاد عدد من الفلسطينيين عنده، على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد وعلى بعد أمتار منه. مساء الخميس، استشهد ثلاثة شبان من عائلة كوازبة من بلدة سعير، ليرتفع عدد الشهداء في المكان ذاته إلى عشرة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015، على خلفية تنفيذ عمليات "دهس، وطعن" أو الاشتباه بنيّة الإقدام على تنفيذها.

وتنظر قوات الاحتلال لكل فلسطيني يقترب من المفرق الذي يوصل إلى مجمع مستوطنات "غوش عتصيون"، والذي يفصل شمال غرب الخليل عن جنوب غرب بيت لحم، كخطر متحرك، يجب قتله. فيما ينظر الفلسطينيون إلى المكان الذي زُرع بالمستوطنات والمستوطنين، على أنه المكان المناسب لتنفيذ عملية مقاومة ضد الاحتلال، عادة ما تنتهي باستشهاد المنفذ.

مساء الخميس، أعدمت قوات الاحتلال أبناء العمومة علاء (18 عاماً)، أحمد (21 عاماً)، مهند كوازبة (20 عاماً)، من بلدة سعير، شمال شرق مدينة الخليل، بعد الاشتباه بهم بمحاولة طعن عند المفترق، وذلك بعد أقل من 48 ساعة على استشهاد ابن عمهم أحمد (17 عاماً)، عند المفرق نفسه، على الرغم من أنه كان بإمكان قوات الاحتلال اعتقالهم أو إصابتهم من دون قتلهم، لكن الاحتلال اختار، كما دوماً، أقصى درجات القمع للفلسطينيين، بالإعدام الميداني وتركهم ينزفون حتى الموت.

يقول رئيس بلدية سعير، كايد جرادات، لـ"العربي الجديد"، إن ما جرى هو عملية إعدام كالمعتاد من قبل جيش الاحتلال، والشباب كانوا متوجهين إلى مفترق "غوش عتصيون"، وحسب رواية الاحتلال "فقد كانوا مهيئين للقيام بعمليات ضد جيش الاحتلال"، ولكن الجيش الإسرائيلي عاجلهم بإطلاق النار عليهم وإعدامهم بدم بارد من دون أن يقوموا بأي شيء.

ويعلّق كايد على التهنئة التي نشرها الإعلام الإسرائيلي لجنوده بعد قتل الشبان، بالقول: "حسب روايتهم الشبان لم يشكّلوا أي خطر على أحد، والجنود كانوا ينصبون الكمائن، وهذا دلالة على أن لديهم معلومات عن الشبان، وما دام لديهم معلومات كان بإمكانهم أن يلقوا القبض عليهم من دون إطلاق النار، خصوصاً أن الشباب لا يحملون معهم أسلحة نارية".

وقدّمت بلدة سعير عشرة شهداء منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول 2015 أربعة منهم على المفرق المعروف بـ"غوش عتصيون".

هذا المكان الذي يضم العديد من المستوطنات الإسرائيلية، التي تأسست أولها في العام 1948 ثم تبعها تأسيس العديد من المستوطنات على أراضي قرى وبلدات بيت لحم والخليل المصادرة، في ما بات يُعرف الآن بـ"مستوطنات غوش عتصيون"، تنظر إليه حكومة الاحتلال بخصوصية بالغة، إذ ينظّم كبار السياسيين الإسرائيليين زيارات ميدانية إلى المستوطنات المقامة على الطريق الرئيسي الذي يصل شمال الضفة الغربية بجنوبها.

اقرأ أيضاً: استشهاد أربعة فلسطينيين برصاص الاحتلال جنوب الضفة

وقبل أيام أعلن وزير أمن الاحتلال موشيه يعلون، عن ضم المزيد من الأراضي والأبنية لمجموعة المستوطنات، عبر ضم "بيت البركة"، لتمتد منطقة سيطرة مجموعة "عتصيون" لعدة دونمات في داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة.

ويرى الخبير في الشؤون الإٍسرائيلية، عادل شديد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "إسرائيل تهدف إلى إخلاء المنطقة الممتدة من بلدات حلحول ثم بيت أمر ثم العروب ثم مربع عتصيون ثم بيت لحم، والبالغ طولها بحد أدنى 15 كيلومتراً، من سكانها الفلسطينيين، والتي تنتشر المستوطنات على يمينها وشمالها، بمعنى أنها من دون قرار إسرائيلي واضح تتحوّل إلى منطقة إسرائيلية".

ويعتبر أنه في "الشق السياسي فالأمر الواضح هو ترك المنطقة بالكامل للسيادة الإسرائيلية، التي تعاملت مع هذه المنطقة دوماً على أنها جزء من دولة إسرائيل التي أقامت عليها مستوطناتها منذ عام 1948، وتم لاحقاً إضافة عدة مستوطنات لهذه الكتل الاستيطانية في "غوش عتصيون" غير المتصلة مع المستوطنات الغربية، وبالمحصلة هي تحت السيادة الإسرائيلية، وسيتم بناء جدار حولها عاجلاً أم آجلا".

وبحسب شديد، "تهدف حكومة الاحتلال من الكتل الاستيطانية في غوش عتصيون، إلى خلق حالة جغرافية ديمغرافية تفصل الضفة جنوبها عن شمالها، ما سيضمن لها السيطرة على الحد الأقصى من أراضي الفلسطينيين وتحويل المستوطنين إلى كتلة سكانية قوية، وضمان تواصل إسرائيلي جغرافي ما بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الميت".

ولتحقيق الأهداف الإسرائيلية الاستيطانية المذكورة، يمارس الاحتلال أقصى درجات القمع في هذا المكان عبر الإعدام الميداني، من دون الإغفال عن أن المنطقة شهدت حروباً ومعارك بين المقاومين الفلسطينيين والمتطوعين المصريين ضد الاحتلال الإسرائيلي وأسقطت مئات القتلى بين المليشيات الصهيونية عامي 1947 و1948، ولها خصوصية كبيرة لدى المقاوم الفلسطيني تحديداً، الذي ينظر إليها كنقطة انطلاق لمقاومة المستوطنين.

ويرى محللون ومراقبون أن كل وسائل الردع الإسرائيلية تثبت يومياً فشلها في ردع المقاومين. ويقول الباحث في الشأن الإسرائيلي، خلدون البرغوثي، إن "المجتمع الإسرائيلي على قناعة أن العمليات متواصلة، وأن الإجراءات التي يقوم بها جيش الاحتلال هي انتقامية أكثر منها ردعية، سواء من احتجاز جثامين منفذي العمليات أو هدم بيوتهم بعد ذلك، لكن المستوى السياسي الإسرائيلي يريد أن يقول للرأي العام إنه يفعل شيئاً تجاه مقاومة الفلسطينيين".

اقرأ أيضاً: الاحتلال يضمّ بيت البركة إلى مجمع "عتصيون" الاستيطاني

المساهمون