بريطانيا تبدأ العام الجديد بالملف الأوروبي

بريطانيا تبدأ العام الجديد بالملف الأوروبي

07 يناير 2016
كاميرون يرى بقاء بريطانيا بالاتحاد مصلحة وطنية(آلان جوكارد/فرانس برس)
+ الخط -


رأى معلّقون بريطانيون أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، كان مجبراً في قراره الذي أعلنه أمس الأول الثلاثاء، بمنح أعضاء حكومته حرية المشاركة في حملات الدعاية لصالح بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه. هذه الخطوة التي وصفها البعض بالعقلانية والديمقراطية، رأت أحزاب المعارضة فيها ضعفاً في سيطرة كاميرون على وزرائه وغيرهم من قيادات حزب المحافظين الحاكم.

ورحب مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي بالإعلان، وفسّروه على أنه تنازل كبير لصالح توجهاتهم. أما المؤيدون لبقاء بريطانيا في الاتحاد، فاعتبروا إعلان كاميرون بمثابة خطر "حرب أهلية" بات يهدد حزب المحافظين، وهو ما لا يتفق معه المحلل السياسي في صحيفة "الغارديان"، ماتيو دتنكونا، الذي قال إن "فرض موقف جماعي على الوزراء هو ما كان سيُشكل كارثة للحكومة ولحزب المحافظين".

وفي خضم ذلك يبقى الثابت هو تغيّر موقف كاميرون وتراجعه بعد أن هدد في يونيو/ حزيران الماضي بإقالة وزرائه في حال اختاروا التصويت لصالح انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المزمع تنظيمه قبل نهاية العام 2017.

وعلى الرغم من قول كاميرون أمام مجلس العموم إنه "لا ينوي إجبار الناس على التصويت ضد قناعاتهم"، وإن "الوزراء أحرار في الدفاع عن آرائهم الشخصية حتى وإن اختلفت مع موقف الحكومة"، إلا أنه لم يخفِ موقفه الشخصي المُؤيد لبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي بعد إجراء إصلاحات. ويرى كاميرون في بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي مصلحة وطنية أساسية، تُعزز اقتصاد المملكة المتحدة، وأمن الأمة ومكانة بريطانيا في العالم. كما يعتبر أن خروج بريطانيا من المجموعة الأوروبية، ينطوي على نتائج سلبية على الاقتصاد الوطني ومخاطر جدية على الأمن البريطاني، وأن البقاء ضمن الاتحاد لا يوفر لبريطانيا الأمن الاقتصادي وحسب، بل الأمن القومي كذلك.

وعلى الرغم من تعالي الأصوات المطالبة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن جماعات الضغط المالية والاقتصادية، الأكثر تأثيراً، والأقرب من كاميرون، ترى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يضر بمكانة لندن بوصفها مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي مستعد لـ"تسوية" بشأن مطالب الإصلاح البريطانية

ولا يتفق عدد من وزراء كاميرون مع رأيه الشخصي. وتشير المواقف المُعلنة أو حتى المُضمرة، إلى أن ستة وزراء على الأقل من أعضاء الحكومة يشككون في إمكانية نجاح المفاوضات التي يخوضها كاميرون مع الاتحاد الأوروبي، وبالتالي يصرّون على المشاركة المناهضة لبقاء بريطانيا في الاتحاد. وقد كشف الوزير السابق، جون ريدوود، أنه "يعرف" ستة وزراء على الأقل يفكرون في الاستقالة من الحكومة إذا ما أجبروا على التصويت لصالح حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي. وبينما يُظهر الوزراء إيان دنكان سميث، وتيريزا فيليرز، وكريس غريلينغ وجهات نظرهم المعارضة للبقاء في الاتحاد، لا يخفي وزير العدل مايكل غوف، ووزير الخارجية فيليب هاموند، تحفظاتهما القوية حول استمرار عضوية بريطانيا في الاتحاد.

وكما هو حال الحكومة المُنقسمة، يبدو الرأي العام البريطاني متردداً ومُنقسماً كذلك بشأن مصير بلاده في الاتحاد الأوروبي، وقد أظهرت كل استطلاعات الرأي التي جرت منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، أن حوالي 51 في المائة يؤيدون البقاء في الاتحاد، يقابلهم 49 في المائة ممن يعارضون ذلك. ويُعدّ حزب "الاستقلال" البريطاني، الحزب الوحيد الذي يدعو بشكل قاطع إلى انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. في المقابل، ينتقد حزبا "العمال" و"الأحرار الديمقراطي" الاستفتاء الذي تعهّد به كاميرون، مؤكدين أن لا مبرر لاستفتاء شعبي إلا في حالة طلب الاتحاد الأوروبي من حكومة المملكة المتحدة التخلي عن المزيد من سلطاتها الوطنية لصالح توسيع سلطات الاتحاد.

ويفترض أن تبدأ الحملة للاستفتاء الذي وعد رئيس الوزراء البريطاني بإجرائه قبل نهاية 2017، بعد التوصل لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول الإصلاحات التي طلبها كاميرون في القمة الأوروبية في بروكسل في فبراير/ شباط المقبل. ومع ذلك، يُرجح محللون أن يُبادر كاميرون إلى تقديم موعد الاستفتاء إلى يونيو/ حزيران المقبل في حال توصل إلى اتفاق مقبول مع نظرائه الأوروبيين، وذلك لتجنب استمرار الجدل والانقسامات لفترة أطول بين المحافظين، وكذلك استجابة لدعوات الأوساط الاقتصادية التي ترى في استمرار غموض مستقبل عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي ضرراً يلحق بالاقتصاد والاستثمار والاستقرار المالي.

اقرأ أيضاً: توسك: بعض مطالب كاميرون للبقاء بالاتحاد الأوروبي "غير مقبولة"

المساهمون