ليبيا:السراج يبحث عن الشرعية بالجزائر بعد خسارة ثقة طبرق

ليبيا:السراج يبحث عن الشرعية بالجزائر بعد خسارة ثقة طبرق

26 يناير 2016
تخشى الجزائر تطوّر الوضع العسكري (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
توسّع الجزائر أفق نشاطها في الملف الليبي، مع إبلاغها الحكومة الليبية الجديدة استعدادها للمساعدة في تدريب فرق الشرطة الليبية، ورفضها أي تدخّل عسكري جديد في ليبيا، من شأنه استجلاب مسلّحين وتحويل البلاد إلى حالة فوضى، مع بداية مسار توافقي سياسي مرحلي.

وكأن رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج، استشعر مسبقاً بأن ثقة برلمان طبرق لتشكيلته الحكومية من 32 وزيراً، أمر صعب للغاية، فحطّ أمس الإثنين، في الجزائر بحثاً عن دعمٍ سياسي لحكومته الجديدة التي أعلن عنها قبل أسبوع. وبالفعل، فشلت حكومة السراج في نيل ثقة برلمان طبرق، علماً أنه سيكون أمام الرجل بضعة أيام لمحاولة تأمين الغالبية لمصلحته، كون اتفاق تشكيل الحكومة يوم الثلاثاء الماضي ينصّ على أن أمامها مهلة 10 أيام لتنال ثقة برلمان طبرق. لكن من أجواء جلسة يوم أمس، ظهر احتمال أن تعود الأمور المتصلة بالحكومة إلى نقطة الصفر، مع خروج دعوات برلمانية واسعة النطاق بتشكيل حكومة وفاق مصغرة من 17 وزيراً.

ورافق السراج في زيارته الجزائرية، وفد من أعضاء الحكومة والمجلس الرئاسي، على أن يلتقي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، للبحث في إمكانية توفير دعم سياسي من الجزائر للحكومة الليبية الجديدة، واستكمال الحل السياسي التوافقي بين الليبيين.

ويكشف مصدر رسمي مسؤول لـ"العربي الجديد"، أنه "أبلغنا السراج استعدادنا للاستمرار في تنفيذ التزامنا السابق مع الحكومات الليبية السابقة، والمتعلق بدعم تنفيذ خطة إعادة بناء الأجهزة الأمنية والشرطة في ليبيا. والجزائر مستعدّة للتكفّل بتكوين فرق من الشرطة، بما يساعد على إعادة بناء المؤسسة الأمنية في ليبيا وإعادة الاستقرار في هذا البلد".

ويؤكد المصدر أن "المسؤولين في الجزائر أبلغوا السراج رفض الجزائر لأي تدخل أجنبي في المسار الليبي، والتحذير من مخاطر التدخل العسكري الأجنبي، الذي من شأنه توفير أرضية دعائية للتنظيمات الإرهابية لاستجلاب المسلّحين وتحويل ليبيا إلى ساحة قتال وفوضى. وهو بالتحديد ما يسعى إليه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيمات أخرى". ويُنوّه المصدر إلى أن "رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال، شدّد خلال لقائه بالسراج على ضرورة مباشرة حوار مع كافة الأطراف الليبية، ونبذ إقصاء أي طرف في المسار السياسي الجديد".

اقرأ أيضاً: عجز الموازنة في ليبيا يتجه صوب 22 مليار دولار

ويُعلّق المحلل السياسي الجزائري نصر الدين بن حديد، على زيارة السراج، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "الأخير يريد أن ينتزع اعترافاً جزائرياً رسمياً، لكن في الواقع فإن لكل دولة حساباتها. وأعتقد بأن الجزائر ستُعدّل موقفها على الأرض، بحسب الهوية الحقيقية للفاعلين ميدانياً، لا غير".

وتتحدث مصادر عن أن "الجزائر تبدو أكثر اقتناعاً بضرورة إشراك جزء من رجالات النظام الليبي السابق، على أساس إمكانية مساهمتهم في تثبيت أية توافقات سياسية بين الأطراف الليبية، خصوصاً أن كتلة مهمة من الليبيين المرتبطين بالنظام السابق، باتوا يطرحون أنفسهم بقوة في المشهد الليبي الميداني. وهو ما يفرض إشراكهم في أية توافقات سياسية، لضمان نجاح انتقال ليبيا من حالة الفوضى والارتباك الحالي، إلى حالة من الاستقرار".

ويُعلّل هؤلاء ذلك بأن "الأمر يُتيح إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وتثبيت الأمن ومواجهة الجماعات الإرهابية التي تتمدد على الأرض في ليبيا، وتُهدّد أمن دول الجوار كتونس والجزائر". ويعتمد المراقبون على القراءة السياسية الجزائرية لتحوّلات الوضع الليبي على تجارب وإخفاقات الإقصاء السياسي كتجربة العراق. وتتخوّف الجزائر من أن إقصاء كتلة النظام السابق قد يدفع بهذه الكتلة إلى البحث عن تحالفات وتقاطعات مع الجماعات الإرهابية، والتحوّل إلى مشكلة أمنية جدّية يصعب حلّها في ليبيا.

وبحسب بيان رسمي أصدرته وزارة الخارجية الجزائرية، بمناسبة زيارة السراج، فإن "الجزائر تعتبر التوافق بين الليبيين الحلّ الوحيد، الكفيل بالحفاظ على سيادة ليبيا وسلامة وحدتها الترابية ووحدة الشعب الليبي". وذكر البيان أن "الجزائر تدعم المسار السياسي الذي تشرف عليه الأمم المتحدة لحلّ الأزمة الليبية، والذي يحظى بالدعم الدولي والإقليمي". واعتبر بأن "الأمر سيكون فرصة لتقييم الوضع السائد في ليبيا وفي المنطقة". كما أعرب البيان عن "تجديد الحكومة الجزائرية دعمها لليبيا، التي تواجه تحديات إنشاء مؤسسات جديدة ومكافحة الإرهاب وإعادة استتباب السلم والأمن، وتحقيق تسوية سياسية شاملة تستجيب لتطلعات الشعب الليبي".

وهذه الزيارة، هي الثانية للسراج إلى الجزائر بعد الزيارة الأولى التي قام بها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما كان مرشّحاً لتولّي منصبه الحالي. وأبلغت الجزائر السراج حينها استعدادها للمساعدة السياسية، على توفير آليات التنسيق مع هذه الحكومة، وتوفير دعم سياسي من قبل دول الجوار. ويسعى السراج إلى الاستفادة من الموقف الجزائري، المعارض بشدة لكل المساعي الغربية والعربية للتدخل العسكري في ليبيا، والإصرار على منح الفرصة للحوار بين الفرقاء الليبيين، لإيجاد حل سياسي توافقي. وهو ما تمّ إنجازه حتى الآن عبر اتفاق الصخيرات في المغرب، في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، ثم إعلان المجلس الرئاسي الليبي المشكّل من تسعة أعضاء، أنه قد أقرّ بأغلبية أعضائه، عدا عضوين، تشكيل حكومة وحدة في ليبيا الثلاثاء الماضي.

اقرأ أيضاً: حكومة الوفاق الليبية وأزمات الشرعية