5 سنوات على ثورة يناير: قمع وفساد ومشاريع وهمية

5 سنوات على ثورة يناير: قمع وفساد ومشاريع وهمية

25 يناير 2016
فوضى أمنية واستمرار نزيف الدماء (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -


تحلّ الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير/كانون الثاني في مصر، وسط مظاهر فشل عمّت البلاد خلال الفترة الماضية، من الإخفاق في ملف "سد النهضة" الإثيوبي، واستمرار نزيف الدم في سيناء، والفوضى الأمنية التي تسود الشارع المصري، وانقطاع الكهرباء، وندرة البنزين، وصولاً إلى عدم التمكّن من إقامة مباريات كرة القدم بحضور الجمهور.

ولا يتوقف الأمر عند هذه الحالات، إذ تنتشر أيضاً السياسة القمعية بمواجهة المعارضين، مع ازدياد عجز الموازنة خلال العشرة شهور الأولى للعام المالي الحالي حوالى 231 مليار جنيه (نحو 29 مليار دولار)، ويُتوقع أن يصل إلى 300 مليار جنيه (نحو 38 مليار دولار) بنهاية العام المالي، وانهيار الاحتياطي الأجنبي في نهاية شهر مارس/آذار 2015 إلى 15.3 مليار دولار بانخفاض بلغت نسبته 10 في المائة عن عام 2014.

نماذج الفشل واضحة في الحياة اليومية بحسب مراقبين، ومن بينها ارتفاع الأسعار، ورفع الضرائب، وتقليص الدعم عن السلع والخدمات، وانخفاض قيمة العملة المحلية، وتراجع حاد في الصادرات، وارتفاع أسعار الأراضي والشقق، إضافة إلى المشاريع الوهمية التي من بينها العاصمة الجديدة التي أُعلن عنها خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس/آذار الماضي، ومشروع مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل خلال خمس سنوات بقيمة 280 مليار جنيه (نحو 36 مليار دولار)، ومحور تنمية قناة السويس الذي لا يملك أية دراسة جدوى، واستصلاح مليون فدان الذي اصطدم بالعجز المائي، خصوصاً مع تصاعد أزمة سد النهضة الإثيوبي، والشبكة القومية للطرق التي لم ترَ النور حتى اليوم نتيجة ضعف مصادر التمويل.

ويرى مراقبون أن ما حدث في ملف حقوق الإنسان في مصر خلال عام 2015 يُعدّ كارثة، من خلال إصدار سلسلة من القوانين المقيّدة للحقوق المدنية والسياسية، والاعتقالات الجماعية، والمحاكمات العسكرية للمدنيين، وأحكام الإعدام الجماعية، واحتلال مصر المركز السادس بين الدول العربية الأكثر قمعاً لحرية الصحافة. ويشير هؤلاء إلى أن الشعب المصري هو الضحية الذي يتأثر بتكرار الفشل، مما انعكس عليه في زيادة حالات الانتحار، والقتل لأسباب غير مسبوقة، كما أن هناك شعوراً شعبياً بالإحباط بسبب فشل النظام في بذل أي جهد لتحقيق العدالة الاجتماعية.

ويشير خبراء إلى أن هناك العديد من أشكال الفوضى، التي تعمّ البلاد والمستمرة حتى اليوم، الأمر الذي يدفع المعارضين للنزول إلى الشوارع والميادين رفضاً للأوضاع التي تمر بها مصر حالياً.

اقرأ أيضاً: عام "الفنكوش"... سقوط وعود النظام المصري للشعب

وفى هذا السياق، يقول مساعد وزير الخارجية الأسبق، إبراهيم يسري، إن معاناة الشعب من الظلم الذي وقع عليه يدفعه للنزول إلى الشوارع، متسائلاً: "ما سر خوف الحكومة من نزول الشباب إلى الشارع للتظاهر في الذكرى الخامسة لثورة يناير؟". ويعتبر أن "الحكومة لو كانت ناجحة لما كان لديها خوف"، لافتاً إلى "تبخّر أكثر من 55 مشروعاً أعلنت عنها حكومة إبراهيم محلب، كما أن العديد من الاتفاقات التي تم الإعلان عن توقيعها بين مصر ودول أخرى لم ترَ النور حتى اليوم، وعجز الموازنة العامة للدولة يمثّل كارثة كبيرة في زيادة الدين الداخلي والخارجي، فيما اتجهت الحكومة إلى مواجهة عجز الميزانية من جيوب الفقراء عبر رفع أسعار الكهرباء والوقود والعديد من السلع الأساسية، من دون أية زيادة موازية ومناسبة في الأجور".

ويشير يسري إلى "كثرة القوانين والتشريعات التي صدرت خلال الفترة الماضية، والتي يناقشها حالياً نواب (فلول الحزب الوطني) الذي كان يحكم أيام حسني مبارك، والتي تمت الموافقة على أغلبيتها بسبب خوف النظام والعمل على مواجهة أية تظاهرات بالقمع والضرب"، معتبراً أن "الفساد لا يزال كما هو، ورموز نظام مبارك عادت تتصدر المشهد السياسي والإعلامي، مما أشعر المصريين بأنه لا فائدة ترجى لحدوث أي تغيير، فيما اهتم الرئيس الحالي، عبدالفتاح السيسي، بشكل كبير برجال ووسائل الإعلام، بهدف استقطاب الإعلام إلى جانبه".

من جهته، يحذر أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، حاتم القرنشاوي، من خطورة ما يحدث من تدهور للاقتصاد على مستقبل مصر، لافتاً إلى أن "الحكومة أعلنت عن عدة مشاريع خلال الشهور الخمسة عشر الأخيرة، من بينها استصلاح أراضٍ ووحدات سكنية وإقامة مصانع بمحور قناة السويس وطرق وغيرها من المشروعات، لكن لم يرَ المواطن المصري وجوداً لأي منها على أرض الواقع". ويعتبرها "مشاريع وهمية موجودة فقط على الورق"، مشيراً إلى أن "مشروع قناة السويس الجديدة والتضخيم الذي صاحبه، لم يستند إلى دراسة جدوى، وكان مشروعاً باهظ التكاليف قليل الفائدة"، موضحاً أن عوائد القناة بعد افتتاح التفريعة انخفضت بمعدل 9.4 في المائة في شهر أغسطس/آب، و3.3 في المائة في شهر سبتمبر/أيلول، و7 في المائة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما أن مصر تستورد ثلثي احتياجاتها من المواد الغذائية، مع تراجع كبير في الصادرات.

ويشير القرنشاوي إلى أن كل الخطط تسير في الاتجاه المعاكس، الذي يؤدي إلى زيادة معاناة الشعب اليومية، موضحاً أن "الاقتصاد المبني على فساد لا يمكن أن ينهض باقتصاد دولة، والاقتصاد الحالي أعاد إنتاج دور النخب الفاسدة، التي كان يعتمد عليها نظام مبارك"، لافتاً إلى أن "الثورة لم تحقق أهدافها مع ذكراها الخامسة".

أما الباحث في مركز البحوث الاجتماعية والجنائية، إمام حسين، فيرى أن "القوانين التي صدرت لن تقضي على الإرهاب، لأن الاستبداد هو الذي يوفر بيئة حاضنة له". ويشير إلى أنه على الرغم من صدور القوانين، إلا أن أكثر من 250 عملية إرهابية حدثت منذ تولي السيسي الحكم في 7 يونيو/حزيران من عام 2014، لافتاً إلى أن "ملف حقوق الإنسان سيظل الأكثر انتهاكاً خلال الفترة الماضية بسبب وقائع حالات التعذيب والقمع في أقسام الشرطة، وإغفال حرية المواطنين في التعبير عن آرائهم"، مشدداً على ضرورة أن يكون إصلاح ملف حقوق الإنسان في مقدمة أجندة الحكومة لعام 2016، خصوصاً أن الظروف التي تشهدها البلاد أثّرت سلباً على الملف الحقوقي.

ويشير إمام إلى أن عدداً كبيراً من الشباب في السجون ليس لهم أي ذنب باستثناء أن رأيهم معارض للنظام، معتبراً أن "المسافة الواسعة بين الشباب والمؤسسة الحكومية من شأنها إضعاف الأخيرة"، موضحاً أن "حقوق الإنسان بمفهومها الشامل تضم الحق في الحياة، والحق في التعليم، والصحة، والحق في عدم تعرض شخص لآخر، بالإضافة إلى الحق في حرية الرأي والتعبير".

اقرأ أيضاً: مصر: "هلع أمني" وسط القاهرة قبل ذكرى الثورة

المساهمون