"داعش" يستعيد المبادرة في دير الزور عبر استراتيجية جديدة

"داعش" يستعيد المبادرة في دير الزور عبر استراتيجية جديدة

21 يناير 2016
سيطرة "داعش" تسمح له بمهاجمة المعارضة (أحمد عبود/فرانس برس)
+ الخط -


كشف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الأيام الأخيرة، عن استراتيجيات هجومية جديدة باغت بها قوات النظام السوري التي يحاصرها منذ شهور طويلة في مناطق سيطرتها بمدينة دير الزور وبعض المناطق الواقعة إلى الجنوب والغرب منها. وتمكّن التنظيم عبر هذه الاستراتيجيات من تحقيق تقدّم ميداني مهم، فتح الباب مجدداً أمام احتمالات نجاحه باستعادة أنفاسه، بعد تلقيه ضربات قوية على يد "قوات حماية الشعب" الكردية وقوات النظام والمعارضة في سورية منذ بدء غارات التحالف الدولي ضد التنظيم في شهر سبتمبر/أيلول من العام قبل الماضي.

وتمكّن عناصر "داعش" مساء الإثنين من فرض سيطرتهم على كتيبتي الصاعقة والصواريخ، في محيط اللواء 137، في دير الزور، بعد يوم واحد من سيطرتهم على كامل مستودعات "عياش" العسكرية التابعة لقوات النظام السوري وقرية البغيلية، وجمعية الرواد، وتلة الإذاعة، وجامعة الجزيرة، وتلة المحروقات، ومستودعات الصاعقة، الواقعة جميعها إلى الغرب من مدينة دير الزور. وأكدت مصادر محلية في دير الزور لـ"العربي الجديد"، تمكُّن "داعش" من تحقيق تقدّم في أجزاء من حي الموظفين، وفي نقاط من جبل الثردة المطل على مطار دير الزور العسكري، وفي أجزاء من معسكر الطلائع، وحي الجورة.

وحاولت قوات النظام التي خسرت مئات القتلى والجرحى في عملية "داعش" العسكرية المستمرة في دير الزور، استعادة أنفاسها وتنفيذ هجوم معاكس. وأوضح الناشط الإعلامي مهند الراوي، لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام شنّت منذ يوم الثلاثاء هجوماً على المناطق التي بات التنظيم يسيطر عليها في قريتي البغيلية وجنينة وأطراف مستودعات عياش غرب دير الزور، وفي حي الموظفين وسط المدينة، في الوقت الذي يواصل فيه مسلحو "داعش" هجماتهم على اللواء 137 الواقع جنوب غرب مدينة دير الزور بهدف السيطرة عليه للاقتراب أكثر من مدينة دير الزور من الجهة الغربية، وبالتالي تشديد الخناق على قوات النظام المحاصرة في بعض أحيائها.

اقرأ أيضاً: قتلى بدير الزور.. وتحركات للجيش التركي قبالة جرابلس السورية

وكشف هجوم "داعش" الكبير والمفاجئ على مناطق سيطرة النظام في مدينة دير الزور، والتي تُشكّل مركزاً سيادياً مهماً للنظام كونها أهم معاقله الباقية شرق سورية، عن رؤية جديدة للتنظيم في صراعه الميداني مع بقية أطراف الصراع السوري.

فبعد أن بدا التنظيم منهكاً ومستنزفاً مع تواصل غارات التحالف الدولي على مقراته وقواته، والتي ترافقت مع تقدّم ميداني كبير لـ"قوات حماية الشعب" الكردية وحلفائها على حساب التنظيم في أرياف الحسكة والرقة وحلب شمال سورية، تمكّن التنظيم من أن يثبت أنه ما يزال قادراً على شن هجمات ذات طابع مفاجئ وكبير على أهداف عسكرية كبيرة ومحصنة، بحيث يتمكن من مباغتة أعدائه، وبالتالي إلحاق هزائم كبيرة بهم بشكل سريع، وهو الأمر الذي حصل في دير الزور أخيراً.

واستثمر "داعش" معطيات عديدة على الأرض لتحقيق تقدّمه، فالتنظيم اختار مهاجمة مدينة دير الزور ليس فقط لأهميتها الاستراتيجية، بل لأنه نجح في فرض حصار بري مطبق على مناطق سيطرة النظام فيها، منذ سيطرته على مدينتي السخنة وتدمر بريف حمص الشرقي الصيف الماضي. وانتظر التنظيم أكثر من ستة أشهر قام خلالها بإشغال قوات النظام في محيط مناطق سيطرتها بدير الزور بهدف استنزافها عسكرياً على المستوى البشري واللوجستي، قبل أن يباغتها بهجوم أفقدها أهم قواعدها العسكرية غرب مدينة دير الزور، وجعلها في وضع ميداني صعب، إذ أصبح وجودها في المدينة بكاملها في خطر.

كما أن" داعش" أظهر مجدداً قدرته على استثمار معطيات ميدانية في صالحه، إذ ربط بدء عمليته العسكرية في دير الزور مع عاصفة رملية تضرب المناطق الشرقية في سورية، الأمر الذي حيّد طيران النظام والطيران الروسي عن مساندة قوات النظام البرية التي تعرّضت للهجوم.

ولم تغب عن التنظيم أهمية استثمار الحملة التي يقودها نشطاء معارضون للنظام السوري للمطالبة بفك الحصار عن مناطق سيطرة النظام بدير الزور، والتي يعاني السكان فيها من ظروف معيشية كارثية في ظل فقدان المواد الأساسية وارتفاع أسعارها بشكل كبير، بعد الحملة الدولية التي أدت أخيراً إلى إدخال مساعدات إلى بلدة مضايا السورية بريف دمشق، والتي ما تزال ترزح تحت حصار قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني.

ويبدو أن "داعش" يسعى من خلال كل ما سبق إلى إنهاء معركة السيطرة على دير الزور بشكل جدي، وذلك بهدف فتح الباب مجدداً أمام تمدّد ميداني جديد له في سورية. وسيكون حينها من المتاح له أن يتفرّغ لقتال "قوات حماية الشعب" الكردية وحلفائها من قوات "سورية الديمقراطية" في أرياف الحسكة والرقة وحلب، لاستعادة المناطق التي خسرها على حساب هذه القوات. كما سيكون خيار مباغتة قوات المعارضة شمال حلب واستعادة القرى التي خسرها التنظيم على حسابها أمراً وارداً بشدة، مع عدم استبعاد احتمال تفكير "داعش" بالتمدّد على حساب قوات النظام السوري وسط سورية باتجاه مدينتي حماة وحمص.

اقرأ أيضاً: دير الزور: حصار مشترك للنظام و"داعش"

المساهمون