"فضيحة" إخلاء سبيل سماحة في لبنان: 14 آذار عاجزة

"فضيحة" إخلاء سبيل سماحة في لبنان: 14 آذار عاجزة

16 يناير 2016
سماحة لدى وصوله إلى منزله ليل الخميس (حسين بيضون)
+ الخط -
لا تزال صدمة إخلاء سبيل مستشار رئيس النظام السوري بشار الأسد والوزير السابق ميشال سماحة، من السجن، واستمرار محاكمته، رغم وجود أدلة بالصوت والصورة تؤكّد تورطه بنقل 24 عبوة ناسفة بأحجام مختلفة ومبالغ مالية (170 ألف دولار أميركي) بهدف اغتيال عدد من الشخصيات الدينية والسياسيّة وتفجير تجمعات مدنية معارضة للنظام السوري، مسيطرة على المشهد السياسي اللبناني.

مؤيدو النظام السوري مبتهجون بهذا القرار، ويرددون بأنهم لا يتدخلون بعمل القضاء اللبناني. أما معارضو القرار، والنظام السوري، فيبدون أشبه بمشجعي فريق كرة قدم، تُرك بلا مدرب ولا جهاز إداري، ويعتقدون أن الحكم منحاز إلى الفريق الآخر.

يستذكر هؤلاء ملف محاكمة عضو حزب الله مصطفى المقدم، الذي قتل الضابط الطيار في الجيش اللبناني سامر حنا، بإطلاق النار على طوافته العسكرية عام 2008، إذ اتهمته المحكمة العسكرية بـ"القتل عن غير قصد بسلاح حربي غير مرخص"، وتم إطلاق سراحه بعد تسعة أشهر بكفالة مالية، ثم تردد أنه قتل خلال معارك حزب الله في سورية.

ومن الفضائح التي يُرددها هذا الجمهور، ملف العميل فايز كرم، وهو ضابط سابق في الجيش اللبناني، وأحد أبرز المقربين من رئيس التيار الوطني الحرّ، النائب ميشال عون، ومرشّح سابق للنيابة، حُكم عليه بالسجن سنتين بعد اعترافه وإدانته بالتعامل مع إسرائيل. هذه الصدمة، لا تعني أن هذا الفريق، الذي يُصطلح على تسميته فريق 14 آذار، قادر على القيام برد فعل سياسي. يقول أحد وزراء تيّار المستقبل لـ"العربي الجديد" إن فريقه السياسي لا يزال في إطار التباحث والتشاور لتقرير ماهية رد الفعل هذا. في المقابل، يرى أحد نواب تيار المستقبل، أن أي ردٍّ يكون أقل من مستوى استقالة الوزراء من الحكومة وعلى رأسهم وزير العدل، أشرف ريفي، أو الانسحاب من طاولة الحوار الوطني والحوار الثنائي مع حزب الله، يعني أن هذا الفريق يُرسل لحزب الله، رسالة واضحة بأنه يستطيع القيام بأي خطوة دون رد فعلٍ موازٍ، "وعلينا أن نتوقع أكثر من ذلك" بحسب ما يقول مسؤول في أحد أحزاب 14 آذار.

في الشق القانوني، لا يبدو أن هناك ما يُمكن فعله من قبل هذا الفريق، أكثر مما قام به رئيس الحكومة تمام سلام، والسير بالطريق القانوني لإلغاء المحكمة العسكرية بشكلها الحالي.

إذ طلب سلام من رئاسة مجلس القضاء الأعلى "القيام بما يلزم، لتسريع المحاكمة الجارية أمام محكمة التمييز العسكرية، تمهيداً لإصدار حكمها النهائي في هذه الدعوى، إحقاقاً للحق ونظراً لأهمية الملف وحساسيته باعتباره يتعلق بقضية تمسّ الأمن القومي لبلد، خاض وما زال يخوض، معركة مع إرهاب متعدد الأشكال يستهدف استقراره ونسيجه الاجتماعي ووجهه الديموقراطي".

أمّا في ما يخص المحكمة العسكريّة، فإن مصادر في وزارة العدل، أكّدت لـ"العربي الجديد"، الانتهاء من مشروع قانون لاستحداث محاكم ودوائر قضائية مختصة بقضايا الإرهاب، وهو المشروع الذي سبق وأعلن ريفي التحضير له، في سياق إيجاد منظومة قضائية مختصة، وحصر عمل المحكمة العسكريّة بالقضايا المسلكية.

اقرأ أيضاً: بالفيديو: الأسد طلب من سماحة تنفيذ تفجيرات في لبنان

وتلفت هذه المصادر إلى أن ريفي سيُحيل المشروع إلى الحكومة، كما سيقوم عشرة نواب من كتل نيابيّة مختلفة (تيار المستقبل وحزب الكتائب والقوات اللبناني والتقدمي الاشتراكي ومستقلين) بالتوقيع على مشروع قانون معجلٍ مكرر، يُحال إلى مجلس النواب. وتنص القوانين اللبنانيّة على أن القوانين التي تأخذ صيغة المعجل والمكرر توضع على رأس جدول أعمال الجلسات التشريعيّة.

سياسياً، يعيش فريق 14 آذار مأزقاً حقيقيّاً. يُدرك هذا الفريق، كما يُكرر العديد من شخصياته، بأن ما جرى هو "إعلان رسمي من قبل حزب الله بأنه يتولّى إدارة البلد ولا يهمّه أي طرف آخر". ويقول النائب أحمد فتفت، لـ"العربي الجديد"، إن ردة الفعل الكلاميّة باتت "سخيفة". ويرى فتفت أن ما جرى هو "دفع للناس باتجاه التطرف". ويصف ما حصل بأنه "قلة إدراك وجنون سياسي، وكأننا نقول للناس اذهبوا صوب (داعش)".

وعمّا إذا كان ما جرى يُمكن أن يُشكّل فرصة لإعادة تجميع فريق 14 آذار الذي تلقى ضربات متتالية في الفترة الأخيرة لجهة العلاقة بين مكوناته، فإن فتفت يستبعد هذا الأمر. يعتقد أن فرصاً أخرى مشابهة مرّت قبل ولم تُستغل، "الحسابات التكتيكية لدى هذا الجسم، بكل مكوناته، باتت أهم من الاستراتيجيّة حتى ضاعت الاستراتيجية"، يقول بنوع من السخرية.

اللافت في هذا المجال، "تنفيس" الشارع بتحركات متفرقة ليل الخميس ــ الجمعة، من دون أن يتبناها أي طرف سياسي. وهي تشبه بشكلٍ أو بآخر، المعلومات المتداولة، والتي أكّدها مصدر رسمي لـ"العربي الجديد"، لجهة تغيير عضوين من أصل أربعة أعضاء في هيئة محكمة التمييز العسكرية، في الأسابيع الأخيرة، وذلك لضمان صدور قرار إخلاء السبيل بالإجماع. 

ومن المعلوم أن محكمة التمييز العسكرية تضم أربعة ضباط، لا يشترط القانون حصولهم على إجازة في الحقوق، ويترأسها قاض مدني. وأبلغت مصادر وزارة العدل أن من يُعيّن أعضاء هيئة المحكمة، هو المجلس العسكري ووزير الدفاع. ورداً على سؤال عن كيفيّة مرور قرار كهذا عبر وزير الدفاع، سمير مقبل، وهو من فريق رئيس الجمهوريّة الأسبق ومتحالف مع تيار المستقبل، ردّ أحد وزراء المستقبل بعبارة "الله يعين". يُذكر أن التيار الوطني الحرّ وحزب الله يُقاطعان جلسات الحكومة لتعيين من يرونه مناسباً في المجلس العسكري.

في المقابل، يؤكّد مسؤول في تيار المستقبل أن قرار إخلاء السبيل "هو إعلان من حزب الله بأنه يسيطر على البلد وأنه يبرّئ ويُدين من يشاء، ويضرب بعرض الحائط بكلّ التوازنات والقوى السياسيّة"، فقد كان لافتاً عدم دفاع "حلفاء" حزب الله من القوى السياسيّة السنية عن قرار إخلاء سبيل سماحة. وهو ما يُذكّر، بغياب هذه الأصوات عن دعم الحزب في معركته ضد السعوديّة أو في ملف اليمن. وضع يُشير إلى أن الحزب لم يعد يهتم كثيراً بـ"الديكور" السني، الذي كان حريصاً عليه في السنوات الماضية.

ويلفت المسؤول في تيار المستقبل إلى أن التيار سبق وأبلغ حزب الله في جلسات الحوار الثنائيّة بخطورة الضغط لإطلاق سراح سماحة، وأجاب وفد الحزب بعبارة "إن شاء الله خير"، وهذا ما يُفسّر تأكيد وزير الداخليّة نهاد المشنوق (وهو عضو في وفد تيار المستقبل للحوار) في لقاءات سياسيّة قبل أيام، استحالة إطلاق سراح سماحة قريباً.

اقرأ أيضاً: ميشال سماحة في منزله: كأن شيئاً لم يكن

المساهمون