حيدر العبادي المحاصَر... "داعش" ومليشيات وعشائر وإفلاس وفساد

حيدر العبادي المحاصَر... "داعش" ومليشيات وعشائر وإفلاس وفساد

16 يناير 2016
يتخبّط العراق بمشاكل أمنية واقتصادية (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو رئيس وزراء العراق، حيدر العبادي، محاصراً من الجهات الأربع، وهو يقود العراق الغارق في مشاكل ونزاعات مختلفة، من دون أن يجد حلولاً تُخرج البلاد من مشاكلها؛ فما بين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي أنهك القوة القتالية في صفوف الجيش العراقي، وبين المليشيات التي تعمل بعيداً عن سلطة الحكومة، وبين اقتصاد ينهار، ومشاكل قبلية، تقف حكومة العبادي عاجزة أمام حلّ هذه المشاكل المستعصية.

يشبّه المحلل والكاتب، محمد أمين، العبادي، بـ"دون كيشوتة الذي راح يدعي الفروسية بحصان هزيل وسيف متهالك، ويخيل اليه أنه فارس مغوار".

ويضيف أمين، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الحلول خرجت من يد العبادي، فلا الإصلاحات التي أعلنها أتت بثمارها في القضاء على الفساد، ولا هو قادر على إيقاف عنف المليشيات، وليس في جعبته أي خطط لإنقاذ الاقتصاد المنهار، بل ليس قادراً على فرض قوته على عشائر تتقاتل فيما بينها بالبصرة".

ويشير إلى أن العبادي "جلّ ما فعله تجاه الجرائم التي ارتكبت من قبل المليشيات الطائفية منذ يومين وحتى الآن، في محافظة ديالى وهم يستهدفون الأبرياء ويفجرون المساجد، أن أبدى استغرابه"، لافتاً إلى أن "مثل هذه الأحداث تتطلب منه إنزال قوة والقبض على جميع المليشيات وقادتها، لكنه لم يفعل"، والسبب وفق قوله إن "العبادي لا قوة له".

وكان مجلس عشائر محافظة ديالى قد حذّر من "تجاهل الحكومة للمحافظة، وتركها فريسة بيد المليشيات التي تعمل نهاراً جهاراً على ضرب أبناء مكون بعينه"، بحسب عضو المجلس، الشيخ هذّال النداوي، الذي قال لـ"العربي الجديد" إنّ "المليشيات ترتكب انتهاكات يوميّة ومستمرة في وضح النهار، تقصف وتقتل وتخطف وتفجّر المساجد، في محاولة لإشعال فتيل حرب طائفيّة قد تأتي على المحافظة كلها".

اقرأ أيضاً: العراق: غياب الدور الحكومي يجر ديالى نحو حرب طائفيّة 

وانتقد النداوي "العجز الحكومي الواضح، عن مواجهة المليشيات ووضع حد لانتهاكاتها". وأوضح أنه "في المحافظة لم نر أي تدخّل من قبل حكومة العبادي، ولا حتى بيان استنكار لتلك الانتهاكات".

وكان العبادي قد أعلن، في آخر تصريح له يوم الأربعاء، أن "هناك تحديات تواجه البلد ومنها الحرب البربرية لعصابات داعش الإرهابية، وهذه نحقق فيها انتصارات بالرغم من الأزمة المالية التي نعيشها، وهناك تحد آخر يتمثل بالإصلاح، وهو أن تهدم الشيء الخاطئ وتصلح المعوج، ولكن يوجد من يقاوم الإصلاح وهم الفاسدون الذين يستولون على الأموال والإعلام وجماعات خارجة على القانون، وكل شيء يحاولون تحريفه حتى الانتصارات التي تحققت في تكريت وبيجي والرمادي".

ويرى مراقبون أن العبادي في تصريحاته هذه لم يأت بجديد، وهو كلام متوقع منه، وهذا ما ذهب إليه الخبير العسكري، العقيد المتقاعد عباس العبيدي، مشيراً إلى أن "الانتصار على داعش ومقاتليه شماعة يعلق عليها العبادي فشل خططه في الإصلاحات".

ويضيف العبيدي لـ"العربي الجديد" أن "الحرب على داعش أكلت الكثير من الأموال والوقت والجهد والتضحيات، والأسباب واضحة وتم تشخيصها من قبل مختصين مرات كثيرة"، لافتاً إلى أن مواجهة داعش عسكرياً "فشلت في كثير من المعارك"، عازياً السبب إلى "اختلاف الآراء وانعدام الخبرة الميدانية ووجود المليشيات".

ولا يتفق الخبير العسكري  مع مقولة "وجود انتصار"، ذلك لأن "الانتصار يعني فرض الأمن، وداعش يتراجع من مناطق المواجهة لصالح القوات الحكومية، ثم يظهر في تفجيرات دامية بوسط العاصمة، وهذا يعني أن بغداد مخترقة، وفيها وجود للتنظيم، وهنا نتساءل، من المنتصر؟".

"الخطوط الحمراء مرة أخرى، ويبدو أنها وهمية، كما هي خطوط الطول والعرض"، هكذا يعلق المحلل السياسي خميس الجبوري على تصريحات السياسيين العراقيين، ومنهم العبادي، الذي قال إن "الملف الأمني خط أحمر، وما حصل في البصرة نتيجة تصارع كتل سياسية أمر غير مسموح".

ويقول الجبوري لـ"العربي الجديد" إن "كل ما يقال من خطوط حمراء عن سيادة العراق وأمنه ونهب خيراته لا يتعدى المنابر والمؤتمرات الصحافية"، موضحاً أن "العبادي لا يستطيع حتى إيقاف اقتتال بين قبيلتين، لأن تلك القبائل التي حولت البصرة إلى منطقة قبلية بدائية، تتقاتل القبائل فيها حول مصالح ومشاكل اجتماعية تستخدم خلالها مختلف الأسلحة انما أثبتت ألا وجود للحكومة". ويتساءل: "ماذا يعني نشوب معركة بين قبيلتين تستمر لأيام تخشى القوات الحكومية من التدخل لفضها؟ ثم يضطر رئيس الحكومة أن يذهب إلى هناك ليلقي محاضرة لا تتعدى كلمات التحذير".

ويوضح الجبوري: "كل شيء واضح لسكان البصرة وللعراقيين، فالمليشيات هي التي تسيطر على الأرض، وتفرض وجودها، والعبادي لا يقوى على مواجهتها، وتلك العشائر مسلحة ومدعومة من قبل المليشيات، والمساس بها يعني المساس بالمليشيات وهذا فوق طاقة العبادي".

وفي خضم جميع تلك المشاكل الأمنية التي تحاصر العبادي، يسحب تدني أسعار النفط العراق إلى قاع الانهيار الاقتصادي، وهو ما يؤكده مختصون لـ"العربي الجديد"، مشيرين إلى أن حكومة العبادي أمام موقف لا تحسد عليه، مع اعتماد العراق بما نسبته أكثر من 90 في المائة على النفط حيث يتوقع خبراء عالميون أن يصل سعر البرميل إلى 10 دولارات. 

وقد بلغت حكومة العبادي من الضعف والحصار حدّ تحذير المليشيات لها، إذ طالبتها بالتدقيق والتركيز في التحقيق الجاري حول قصف عناصر "الحشد الشعبي" غرب سبايكر "خلال 48 ساعة"، ومحاسبة المسؤولين عنه، متوعّدةً من أن ردها سيكون حاسماً "إذا تكرر القصف الأميركي". 

وذكرت فصائل "المقاومة الإسلامية" وهي مليشيات منضوية تحت قوات "الحشد الشعبي"، في بيان صحافي، قيام طيران التحالف الدولي بتكرار قصف قواتها، كما أن طائرة مسيرة تابعة لطيران الجيش العراقي قصفت مواقع لها، وذلك عن طريق الخطأ، بحسب تعقيبات لقوات التحالف والقوات العراقية.  

وطالبت الفصائل في بيانها الحكومة العراقية بـ"التدقيق والتركيز في التحقيق الذي فتح يوم أمس (الاثنين) ومتابعة نتائجه وبالفترة الزمنية التي حُددت خلال 48 ساعة ومحاسبة المسببين في هذه القضية البشعة"، مؤكدة أنه إذا تكررت هذه الهجمات "فسيكون ردنا حاسما عليها".

وكانت مليشيا "عصائب أهل الحق" قد كشفت، الأحد الماضي، عن قيام طائرة أميركية بقصف مقر تابع لمليشيا "كتائب جند الإمام" في مدينة تكريت، فيما أعلنت "كتائب جند الإمام"، في اليوم نفسه، أن "طائرة مسيرة من بغداد" قامت بعملية القصف، فيما اعتبرت مليشيا "كتائب سيد الشهداء" الحادثة بأنها "جريمة لا تغتفر".

اقرأ أيضاً: العراق: تجدد الاشتباكات العشائريّة في البصرة

المساهمون