معركة مؤجلة بين المعارضة و"وحدات حماية الشعب" في حلب

معركة مؤجلة بين المعارضة و"وحدات حماية الشعب" في حلب

29 سبتمبر 2015
المواجهة بحلب مرهونة بالتطورات على الجبهات الأخرى (بهاء الحلبي/الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن فصائل المعارضة المسلّحة في حلب وقوات "وحدات حماية الشعب" الكردية (الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي) المتواجدة في المناطق الكردية من حلب (الأشرفية والشيخ مقصود)، ليست في وارد فتح معركة جديدة فيما بينها حالياً، على الرغم من التوتر الشديد الذي ساد بينهما خلال الأيام القليلة الماضية، وخصوصاً في منطقة الشيخ مقصود التي تسيطر "وحدات حماية الشعب" على جزء منها، فيما تسيطر "الجبهة الشامية" (فصيل أحرار سورية) على الجزء المتبقي.

ويشير انسحاب عناصر المعارضة من منطقة الشيخ مقصود، إلى أن المعركة بين المعارضة والقوات الكردية لن تقع حالياً، بسبب انشغال "الجبهة الشامية" بمعارك أخرى مع النظام السوري وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، خصوصاً بعد تعزيز النظام قواته على حدود المنطقة الآمنة التي تنوي تركيا إقامتها شمال سورية، وسعيه لاستعادة السيطرة على مطار كويرس، ولكن في الوقت ذاته يبدو أن هناك مواجهة حتمية بين "وحدات حماية الشعب" وفصائل المعارضة، وهي مرهونة بالتطورات الميدانية على الجبهات الأخرى.

وسيطرت "وحدات حماية الشعب" الكردية على حي الشيخ مقصود (شمال شرق حلب) الذي تقطن فيه أغلبية كردية، بعد قيام عناصر الوحدات منذ أيام بمحاصرة مقاتلي "أحرار سورية" الذين انسحبوا من الحي لتسيطر عليه الوحدات بشكل كامل. وتؤكد مصادر في المدينة أن الوحدات الكردية تسعى من وراء سيطرتها على الحي لفتح معبر إلى مدخله الغربي، بالقرب من جسر العوارض بين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وتلك التي ما زالت تحت سيطرة قوات النظام.

وكانت غرفة عمليات "فتح حلب" أصدرت بياناً الشهر الماضي حذرت فيه من إقامة معابر بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام، مشيرة إلى أن من يُقدم على مثل تلك الخطوة سيكون هدفاً مشروعاً لها. وربط مراقبون بين ما يجري في حي الشيخ مقصود والتطورات المتلاحقة على صعيد الملف السوري في دوائر صنع القرار في العالم، وهذا ما يفسر التصعيد المفاجئ من قبل الوحدات الكردية.

وقامت الوحدات الكردية من الجهة الشرقية للحي، برصد طريق الكاستيلو الذي يربط المدينة بريفها الشمالي ويعد شريان الحياة الوحيد لها، وهو ما ينذر بمحاصرة المدينة وهو الأمر الذي حاولت قوات النظام مراراً وتكراراً القيام به، ولكن مقاتلي المعارضة كانوا يصدونها في كل مرة.

ويوضح مصدر لـ"العربي الجديد" أن العمل جارٍ الآن لاحتواء الموقف، "ولكن إذا لم تنصع الوحدات الكردية لقرار عدم فتح معبر مع الأحياء التي تسيطر عليها قوات النظام، فإن عملاً عسكرياً سيجري لتصحيح الأوضاع في الحي". ويشير المصدر إلى أن مقاتلي المعارضة أقاموا سواتر ترابية لمنع رصد الوحدات الكردية لطريق الكاستيلو.

اقرأ أيضاً: قتلى بقصف النظام للغوطة.. وغارات بحلب وريفي حماة واللاذقية

من جهته، يؤكد الناشط الإعلامي محمد منصور الحلبي، لـ"العربي الجديد"، أن "عناصر تابعة للأحزاب الكردية الموجودة في حي الشيخ مقصود تقوم منذ الأحد الماضي برصد طريق الكاستيلو بالقنص، وتطلق الرصاص على السيارات المارة، مما أدى إلى استشهاد شاب يدعى فرحان العيسى وإصابة عدد من المدنيين". ويلفت إلى أن "الوحدات الكردية قصفت بقذائف الهاون منطقة عين التل المجاورة لحي الشيخ مقصود، كما قامت يوم الجمعة بقصف حي بعيدين وطريق الكاستيلو، ومنطقة دوار الجندول بقذائف الهاون، ما أدى لإغلاق الطريق، بسبب استمرار استهدافه".

كما يشير إلى أن "مقاتلي الحزب الكردي استهدفوا بالرشاشات والقناصات سيارة تقل رجلاً وسيدة أثناء عبورهما من طريق الكاستيلو، ما أدى لمقتلهما على الفور، صباح السبت، وعاودوا استهداف الطريق الوحيد الذي يصل أحياء حلب بريفها، وذلك بعد محاولة فرق الإطفاء إخماد الحرائق التي نشبت في سيارات المدنيين".

من جهة أخرى، لا تزال هدنة الفوعة-الزبداني مهددة، إذ أطلق "جيش الفتح" مساء أمس الأول الأحد، عدداً من القذائف باتجاه بلدة الفوعة، فيما بدا أنه رد على الخرق الذي قام به النظام من خلال قصفه بالطيران الحربي لمدينة تفتناز الداخلة ضمن منطقة الهدنة، والذي أدى إلى مقتل عدد من المدنيين وجرح العشرات، فيما لا يزال الهدوء يسود منطقة الزبداني والتي تم نقل جريحين من داخلها بسبب خطورة حالتهما إلى لبنان.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أدانت مجموعة من السياسيين والعسكريين المعارضين والناشطين المدنيين، في بيان، أي اتفاق أو تفاهم إقليمي أو دولي "مشبوه لتقاسم الهيمنة على سورية"، معلنين رفضهم لإخراج المدنيين من الزبداني، بموجب اتفاق إيراني مع حركة "أحرار الشام".

وقال البيان، الذي تسلمت "العربي الجديد" نسخة منه، "بخصوص الاتفاق الذي يجري صياغة تفاصيله في تركيا بين القيادة السياسية لأحرار الشام ودولة إيران المحتلة، لقد بات أدعى إلى الريبة انتزاع تفويض جديد بالانسحاب غير المشروط وإذاعته كبيان استسلام صادر عن أهالي الزبداني يقدر له أن يستبق توقيع أي اتفاق مشبوه دُبِّر في ليل". وأضاف: "نحن أبناء الزبداني الذين قاتلوا وسيقاتلون النظام وقوات الاحتلال الإيراني، لا نقبل لأي مواطن سوري أن يخرج من دياره، ولا نقبل أن نخرج من ديارنا، وكل ما نطلبه هو العيش الحر الكريم في بلدنا أو الموت بشرف دفاعاً عنها".

أما في ريف دمشق، فأفاد ناشطون لـ"العربي الجديد"، بأن "الطيران الحربي قصف أمس الإثنين بلدة النشابية في غوطة دمشق الشرقية، ما أدى إلى مقتل طفلين وإصابة عدد من الجرحى". كما شملت الهجمات الجوية اليوم محيط منطقة المرج بالغوطة الشرقية.

وفي غوطة دمشق الغربية، استهدفت مروحيات النظام مدينة داريا أمس، بأكثر من 10 براميل متفجرة حسب ناشطين هناك، وذلك ضمن حملة قصفٍ عنيف على المدينة تلقت خلالها أكثر من 100 برميل متفجر خلال أسبوع واحد.

وفي العاصمة دمشق، أفادت وكالة "سانا" التابعة للنظام بأن شخصين قُتلا وأصيب آخرون، بـ"سقوط قذيفة هاون على حافلة نقل عامة في شارع العدوي". وفي شمال سورية، ألقى الطيران المروحي برميلين متفجرين على حيي الكلاسة والقاطرجي في حلب، ما خلّف أضراراً مادية، كما قصف أماكن في منطقة سلمى بجبل الأكراد ومناطق أخرى في محيط جبلي التركمان والأكراد في ريف اللاذقية، ولم ترد أنباء عن إصابات.

اقرأ أيضاً: هدنة الزبداني مستمرة رغم خروق النظام

المساهمون