مبادرات سورية في نيويورك... طبخات فاشلة حتى إشعار آخر

مبادرات سورية في نيويورك... طبخات فاشلة حتى إشعار آخر

29 سبتمبر 2015
التقيا في اجتماع المؤسسة الاقتصادية لدول آسيا عام 2014(Getty)
+ الخط -
لا يعني توافق المجتمع الدولي على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية، انتفاء التناقضات بين الأطراف المؤثرة في الملف السوري. بل يبدو الانقسام العميق، هو العائق الأبرز في التوصل إلى صيغة توافقية للخروج بالملف السوري إلى حيّز الانفراج. فقد تحوّل منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الأوّل الأحد، إلى حلبة صراع "ناعمة" بين روسيا الاتحادية بزعامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والولايات المتحدة الأميركية ممثلة بشخص الرئيس باراك أوباما. أمّا عنوان المواجهة، هو سورية.

ظهر بوتين بصورة المُنقذ، الذي هبّ لإنقاذ العالم، بعدما وصلت تداعيات الأزمة السورية إلى شواطئ أوروبا، بسبب فشل الاستراتيجيات المرتبكة للإدارة الأميركية، إذ لم تنجح في إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأخفقت في لجم تمدّد وتفوق تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وأخوته، وأغرقت أوروبا ودول الشرق الأوسط بملايين اللاجئين.

في المقابل، ظهر أوباما كمن يحاول اللحاق بالمركب بعد أربع سنوات من الفشل المتراكم في سورية، مدفوعاً بأمر القوة العسكرية المتدفقة في جسر جوي لا يتوقف، من موسكو إلى مدن الساحل السوري، مروراً بحلفاء غارقين بطوفان اللاجئين، ناهيك عن الأزمات الاقتصادية المتعاقبة، ومصاباً بالخيبة من فشل تدريب "المعارضة المعتدلة"، التي باتت محط تهكّم من الطرف الروسي.   

التقى الزعيمان الأميركي والروسي في الغرف المغلقة، للمرة الأولى، أمس الإثنين، منذ ما يزيد على العامين. وبينما يلقي بوتين بأوراق قوته على الطاولة بفعل تدخله العسكري في سورية، يجد أوباما نفسه مضطراً إلى الاستماع، باعتبار أنّ الخيارات الأخرى، وإنْ كانت متاحة، لا تبدو إلا أسوأ. فإما أن يقبل الرئيس الأميركي بالعمل مع نظيره الروسي، ويأخذ مكانه في مسيرة الحل الدبلوماسي للأزمة، وإمّا أن يذهب وحيداً للتدخل بشكل مباشر في سورية. وللخيار الأخير، عواقبه التي ستفتح عليه نيران حلفائه داخل الحزب الديمقراطي، قبل نيران خصومه الجمهوريين، في موسم انتخابي ساخن.

اقرأ أيضاً أوباما: مرحلة انتقالية من دون الأسد

ولإخراج الزعيمين من حلبة المنافسة التي قد تكون دامية لكليهما، وإيجاد مخرج يحفظ ماء الوجه، بادرت بعض الأطراف الدولية إلى طرح مبادرة تقوم على أساس إحياء مجموعة 5+1 (الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي: الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، والصين، وبريطانيا إلى جانب ألمانيا) من أجل التوصل إلى حلّ للقضية السورية، بعد نجاح المجموعة في التوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، قبل أكثر من شهرين، كما أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.


وذكرت الصحيفة أنّ الأطراف المعنية بالمبادرة، تبحث إمكانية ضم السعودية وتركيا إلى المجموعة. غير أن هذه المبادرة مجهولة النسب، لم تأت على أي ذكر لدور إيران، وهو ما يلقي بظلال ثقيلة على هذه الأفكار، لا سيما أنّ الحماس الروسي لضم طهران إلى أي طاولة تبحث في مستقبل سورية، يقابله صد سعودي رافض لأي دور إيراني في الملف السوري، علماً أن واشنطن التي التقى وزير خارجيتها جون كيري بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف، لا تُعارض مشاركة إيران في أي مباحثات تخص سورية، شرط ألا يتعارض ذلك مع حرص الإدارة الأميركية على عدم الإخلال بالتزاماتها لحلفائها في الخليج، عندما تعهدت بعد توقيع اتفاق فيينا (5 +1) بعدم السماح بتمدد النفوذ الإيراني في الإقليم.

ويعترف المسؤولون الأميركيون، أنّه من أجل التوصل إلى انفراج سياسي في سورية، لا بدّ من أن تقوم إيران بدور في نهاية المطاف. وقد يكون في الاجتماع الذي أعلنت عنه الخارجية الروسية، يوم الأحد، لمن وصفتهم بـ"اللاعبين الرئيسيين" في النزاع السوري، كالولايات المتحدة وروسيا والسعودية وإيران وتركيا ومصر في أكتوبر/تشرين الأول، مخرجاً لمعضلة مشاركة إيران، التي ترى بعض الأوساط بإمكانية اقتصار دورها على المشاركة في لجان المتابعة أو الاتصال، وذلك كحلّ وسط يقفز عن الاعتراض السعودي.   

ويبدو مثل هذا التصور، مخرجاً مناسباً لكل من واشنطن وموسكو. فالأولى، لا تفضّل الصدام مع موسكو، كما لا تفضّل الغوص في رمال الأزمة السورية وتكرار تجربة التدخل في العراق بكل عواقبه المؤلمة. أما موسكو، وعلى الرغم من كل الثقة التي يتظاهر بها بوتين، فهي تخشى المزيد من الأصوات المناهضة لإقحام البلاد في سورية، بسبب القلق من إمكانية أن تصبح هذه الأخيرة، أفغانستان جديدة لروسيا، تلك الحرب التي ساهمت بشكل كبير في انهيار الاتحاد السوفييتي.

اقرأ أيضاً: سورية و"داعش" وفلسطين محور مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة

المساهمون