مصر: خلافات متزايدة بين مجلس القضاء الأعلى والزند

مصر: خلافات متزايدة بين مجلس القضاء الأعلى والزند

22 سبتمبر 2015
الزند انتدب السعيد رئيساً لجهاز الكسب غير المشروع(فرانس برس)
+ الخط -

تحوّل الخلاف بين مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل المصري أحمد الزند إلى معركة مكشوفة تهدد محاكم القضاء العادي والنيابة العامة بالانقسام وتعطيل الأعمال. وكان الخلاف المكتوم بين الطرفين مسيطراً على عملية اختيار النائب العام الجديد نبيل صادق، غير أنه خرج إلى العلن على صفحات صحيفة "الأهرام"، إذ أصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي أحمد جمال الدين بياناً بتهنئة شخصية منه للنائب العام الجديد، مشيداً بأخلاقه وعلمه، وهنأ الشعب المصري على هذا الاختيار.

وهذه المرة الأولى التي يهنئ فيها رئيس مجلس القضاء الأعلى على الملأ النائب العام الجديد على توليه منصبه، بهذه الدرجة من الإشادة، لكن الرسالة الحقيقية من التهنئة هي إعلان جمال الدين انتصاره على الزند، الذي تحدى مجلس القضاء ونصوص الدستور، وكان يريد الدفع بصديقه عادل السعيد نائباً عاماً، غير أنه اصطدم برغبة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تجنب التصادم مع القضاة وعلى رأسهم مجلسهم الأعلى، خصوصاً قبيل إجراء الانتخابات النيابية التي سيشرفون عليها.

ويعود الخلاف إلى رغبة الزند في الاستئثار بمنصب النائب العام وضمان قربه منه، في ظل التهديدات التي تطارده هو وبعض أعوانه بفتح ملفات فساد واستيلاء على أراضي الدولة، سبق وتم التعتيم عليها لعدة سنوات خلال عهد النائب العام الأسبق عبد المجيد محمود، والذي كان مساعده عادل السعيد.

ورفض مجلس القضاء الأعلى، المؤلف من رئيس محكمة النقض وأقدم اثنين من نوابه وأقدم رؤساء محاكم الاستئناف، الدفع بعادل السعيد نظراً للشبهات التي تحوم حول شخصه وعلاقاته المتشابكة ببعض السياسيين ورجال الأعمال، وفضّل المجلس اختيار نبيل صادق، المقرّب من رئيس المجلس (كان يترأس مكتبه الفني) والذي عمل لفترة في النيابة العامة وليس له أعداء أو خصوم، وليس له ماضٍ بارز غير عمله في محكمة النقض.

اقرأ أيضاً: الجيوشي وضاحي وعسكرة الدولة.. حكاية من داخل نظام السيسي

ومع تمسّك مجلس القضاء بهذا الاختيار على مدار ثلاثة أسابيع متتالية، وإرسال اسم صادق وحده إلى السيسي ليُصدر قراراً جمهورياً بتعيينه وفقاً للدستور، زادت الفجوة اتساعاً بين الزند والمجلس، مع إفشال الأخير لمحاولات وزير العدل للتسلط على المرفق العدلي، واحدة بعد أخرى.

فإضافة إلى رفض المجلس مشروعات الزند لتعجيل المحاكمات وإلغاء بعض ضمانات التقاضي في قانون الإرهاب الأخير، يقف المجلس حجر عثرة أمام تمرير تعديل على قانون الكسب غير المشروع يزيد سلطات وزير العدل على جهاز الكسب بدلاً من ضمان استقلاله، بينما يطالب المجلس بأن يعين بذاته أعضاء جهاز الكسب، ويطلب أيضاً نقل إدارة التفتيش القضائي إلى تبعيته بدلاً من تبعية الوزير.

وتلقي هذه الخلافات بظلالها على الأوضاع داخل النيابة العامة، فالنائب الجديد نبيل صادق سيجد نفسه مضطراً لتغيير جميع مساعدي سلفه، والذين كان يسعى بعضهم لاقتناص المنصب، وعرضوا أنفسهم على دوائر مختلفة بالسلطة، مما يطرح تساؤلات مستقبلية عن إمكانية تعطيل أتباعهم وأتباع الزند عمل النائب العام الذي ﻻ ينتمي لمعسكرهم.

ويبدو أن إصرار الزند على تولي عادل السعيد منصباً مرموقاً، يفوق أي اعتبارات أخرى، فبعد أقل من 48 ساعة على استبعاده من النيابة، أصدر قراراً أمس بانتدابه رئيساً لجهاز الكسب غير المشروع، الذي يتولى مهمة التحقيق مع القيادات السياسية والحزبية والوزراء وكبار رجال الدولة في الاتهامات الموجهة لهم بشأن المال العام وتضخّم ربحهم.

وسيكون السعيد بذلك هو القائم رسمياً على قبول عروض التصالح في الاتهامات الموجّهة لبعض رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وفقا لأحدث تعديل على قانون الكسب الذي أصدره السيسي الشهر الماضي.

اقرأ أيضاً: الحكومة المصرية الجديدة: تكريسُ الفشل واستبعاد "الديكور الديمقراطي"