حوار جنيف الليبي اليوم... حل الأزمة ينتظر توافقاً دولياً

حوار جنيف الليبي اليوم... حل الأزمة ينتظر توافقاً دولياً

03 سبتمبر 2015
تعرض ليون لانتقادات عدة منذ توليه الملف الليبي(فرانس برس)
+ الخط -
تتعدد جلسات الحوار الليبي، التي يقودها المبعوث الأممي برناردينو ليون، من دون أن تتمكن حتى الآن من إحداث اختراق يتيح التوصل إلى تسوية سياسية، ترضي الأطراف الأساسية (المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته ومجلس نواب طبرق المنحل بقرار من المحكمة الدستورية). كما تؤخر الخلافات التوافق على حكومة وفاق وطني جديدة تنهي حالة الانقسام السياسي والعسكري في البلاد، والذي تزداد خطوته في ظل تحديات عدة تفرض نفسها. وهو ما يجعل جلسة الحوار الجديدة، التي تعقد اليوم الخميس في جنيف، غير محسومة النتائج، ولا سيما في ظل عدم اتضاح نتائج المباحثات التي أجراها المؤتمر الوطني العام مع ليون، يوم الثلاثاء في مدينة إسطنبول التركية، بعد مقاطعته لجلسة الحوار في مدينة الصخيرات المغربية الأسبوع الماضي. ودعا ليون، عقب المباحثات، المؤتمر الوطني العام، إلى الإسراع في "التوصل إلى حل" لمسألة اعتراضه على مسودة الاتفاق وموقفه من جلسات الحوار، وفقاً لما ذكرت وكالة "فرانس برس".

ويتمسك المؤتمر الوطني بطلبه تضمين تعديلاته على مسودة الاتفاق السياسي، وليس على الملاحق المرفقة به، كما يقترح المبعوث الأممي. وفيما يبرر المؤتمر طلبه باعتبار أن إدخال التعديلات على المسودة يشكل ضماناً لتنفيذها، من خلال توازن تحققه المسودة للوصول إلى تسوية سياسية، يرى محللون ليبيون أنّ الحل للأزمة الليبية لم يعد داخلياً، محذرين من أنه "إذا لم يتدخل المجتمع الدولي في ما تبقى من وقت، سيجد نفسه أمام خيارات كارثية، ولن تزيد المشهد إلا تأزيماً وتعقيداً".

اقرأ أيضاً: هل ينجح سلام ليبي بلا "المؤتمر الوطني"؟

وفي السياق، يعتبر عضو حزب "ليبيا من أجل الديمقراطية"، سعد مخزوم، أنّ التباين في المواقف الدولية يساهم في تأخير إنهاء الأزمة الليبية، مشيراً إلى أنّ "الدول الكبرى، التي أكدت ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني، لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى وجود اتفاق في ما بينها حول آليات الضغط لتفعيل الحوار الليبي". ووفقاً لمخزوم، "يضاف إلى ذلك بروز تصرفات فردية من قبل بعض الدول الكبرى لدعم طرف مقابل الآخر. وهو ما تعكسه تصريحات مسؤولي هذه الدول، ولا سيما فرنسا، ما يسهم في تعقيد المشهد ويتناقض تماماً مع الخطابات المعلنة بشأن ضرورة اتفاق الأطراف على تشكيل حكومة وفاق وطني"، على حد قوله. كما أنّ ضمان حوار ليبي ناجح ومثمر، يتطلب ضبط مواقف الأطراف الإقليمية بل وتحييدها، إذ إن الصراع الليبي تطور واتسع بمشاركة ومساهمة أطراف إقليمية. ويعتبر مخزوم أن تحييد الأطراف الإقليمية "يعني توافق الأطراف الدولية على رؤية واضحة باتجاه الحل، مبنية على قيم الديمقراطية واحترام المؤسسات السيادية، والتوصيف الدقيق للإرهاب بعدم الازدواجية في إدانته".

ونتيجة لهذه التعقيدات، يرى عضو حزب "ليبيا من أجل الديمقراطية" أنّ تصريحات المبعوث الأممي بشأن قرب تشكيل حكومة وفاق وطني "متفائلة وسابقة لأوانها"، مشيراً إلى أنّه من "الواضح أنّ ليون لا يملك حتى الآن نموذجاً توافقياً يرضي الطرفين (المؤتمر الوطني ومجلس نواب طبرق)".

ويلفت مخزوم إلى أن "ليون، كان حتى ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء، لا يزال يستمع إلى ملاحظات ممثلي المؤتمر حول وثيقة الاتفاق السياسي، فيما بدأ مجلس نواب طبرق في ترشيح أسماء لتولي حكومة وفاق وطني، بناءً على دعوة تلقاها من البعثة للقاء في جنيف (اليوم) الخميس، ما يعني أنّ المبعوث الأممي لا يزال مستمراً في ارتباكه وأن طرفي الحوار لا يسيران بالتوازي في مسار واحد للحوار".

ويرى مخزوم أنّ "تعقيدات الأزمة، وطول مدتها وإصرار الأطراف على مواقفها، انعكست بمجملها على مواقف المبعوث الأممي الذي عجز عن إعادة التوازن لمواقفه، وهو ما انعكس بدوره على ثقة الأطراف الليبية به". ووفقاً لمخزوم، فإنّ ذلك "يتضح من الانتقادات الحادة التي وجهت لرئيس البعثة الأممية تارة من قبل شخصيات دينية كمفتي البلاد الصادق الغرياني، وتارة أخرى من قبل مجلس نواب طبرق وحتى من قبل المؤتمر الوطني". وبحسب مخزوم، ارتبطت هذه الانتقادات والجهة التي تصدرها بنصوص المسودات الأربع الماضية، للاتفاق السياسي وتفسير كل طرف لما تتضمنه أو لمن تميل.

من جهته، يعتبر الصحافي الليبي عز الدين فركاش، أنّ تحييد الأطراف الإقليمية عن الأزمة الليبية يعني إضعاف تعويل أي من الطرفين على الخيار العسكري ووقف التأثير المباشر على اتجاه الأزمة، فيما يقلل من تصريحات مسؤولين في المؤتمر، بررت تغيب الأخير عن جلسة الحوار في مدينة الصخيرات المغربية الأسبوع الماضي، باستقالة عضوين من وفده الممثل له في جلسات الحوار. ويؤكد فركاش في حديث لـ "العربي الجديد" أنّ المؤتمر لا يزال يصرّ على موقفه من أجل تضمين تعديلاته على مسودة الاتفاق السياسي التي امتنع عن التوقيع عليها.
ووفقاً لفركاش، فإن "ذهاب أكثر من عشرين عضواً من أعضاء المؤتمر للقاء ليون في مدينة إسطنبول التركية يؤكد قدرته على المشاركة في الجلسة الماضية لو أراد". ويرى فركاش أنّ "المؤتمر، وعلى الرغم من الخلافات الحادة بين أعضائه، إلا أنه لا يزال قادراً على فرض رؤاه ومطالبه بسبب سيطرته على العاصمة طرابلس وأغلب المراكز الحيوية، إضافة لذراعه العسكرية القوية".

ويرجح فركاش ألا تشهد جلسة الحوار الجديدة المقرر انعقادها اليوم "تقدماً يذكر وستكون تكراراً للجلسات الماضية". أما في ما يتعلق بمجلس نواب طبرق، فيرى فركاش أنه "لا يزال لا يعي أهمية احتواء ممثلي المؤتمر ومحاولة الاستماع لهم"، مشيراً إلى أن "مساعي مجلس نواب طبرق الأخيرة داخل الجامعة العربية، من خلال حلفائه الإقليميين، وتحديداً مصر، تهدف لتفعيل الخيار العسكري، وهو مسعى لا ينبئ عن وعيه بأهمية الحل السياسي كما يردد". ووفقا لفركاش فإنه "في ظل استراتيجيات كهذه، لن يكون لجلسات الحوار المقبلة أي معنى، ولن تخرج بنتيجة جديدة في المدى القصير، لأن الحوار وببساطة يتطلب إرادة حقيقية للتوافق واستعداداً جاداً للتنازل".

 اقرأ أيضاً "حكومة الوفاق" الليبية: حلّ للأزمة أم مراوحة في المكان؟