الأسد يستجدي قوات روسية ويُمعن بالمجازر

الأسد يستجدي قوات روسية ويُمعن بالمجازر

عبسي سميسم (العربي الجديد)
عبسي سميسم
عبسي سميسم. صحافي سوري عمل في صحف سورية وعربية، وحالياً رئيس تحرير صحيفة صدى الشام الأسبوعية.
19 سبتمبر 2015
+ الخط -
يحاول النظام السوري استثمار الدعم العسكري والسياسي الذي يتلقاه من روسيا، قدر المستطاع، وإن وصل لحدّ استجداء دخول قوات روسية إلى الأراضي السورية كي تقاتل إلى جانبه، وهو أمر لم ترفضه موسكو، رغم أنّها لم تحسم بقبوله في الوقت نفسه؛ والهدف بطبيعة الحال الحفاظ على وجوده أكبر وقت ممكن، وإن اضطره الأمر أن يقبل بدويلة سورية على الساحل.

اقرأ أيضاً: روسيا مستعدة لإطلاع واشنطن على دعمها العسكري للأسد

ويأتي هذا المسار السياسي لنظام بشار الأسد بموازاة الإمعان في ارتكاب المجازر بحق المدنيين في مناطق مختلفة من سورية في كل من حلب والرقة ودرعا، أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 120 مدنياً، وعشرات الجرحى ما يرشح زيادة عدد القتلى، بسبب وجود الكثير من الإصابات الخطيرة في المشافي الميدانية.

وجاءت تلك المجازر، بدورها، بالتزامن مع زيارة المبعوث الأممي لسورية ستيفان دي ميستورا إلى دمشق، من أجل بحث خطته للتوصل إلى حلّ سياسي في سورية، والذي يبدو أن النظام يريد من خلالها توجيه رسالة للمجتمع الدولي بأنه قادر على التأثير ميدانياً، وأنه مستعد لارتكاب أفظع المجازر في حال الضغط عليه، كما يحاول الإيحاء من خلال الغارات التي شنها على مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بأنه قادر على أن يكون شريكاً في التحالف الدولي لمحارب التنظيم.

رسائل مجازره لا تتوجّه فقط للخارج، وإنما أيضاً للحاضنة الشعبية للمعارضة، وتتمثل بأنه بات يملك أسلحة أكثر تطوراً وتدميراً وتستطيع أن تنالهم حتى لو كانوا محصنين ضمن أقبية بيوت من عدة طبقات، بالإضافة إلى رسالة واضحة للمعارضة المسلّحة بأنّ النظام قد بات مدعوماً دولياً بشكل غير محدود، في حين أن الدول الداعمة لفصائل المعارضة لا تزال مترددة في تقديم دعم يؤدي إلى تغيير حاسم في الوضع الميداني. كما يريد النظام تحسين صورته أمام حاضنته الشعبية من أنه لا يزال قادراً على التأثير ولو من خلال ارتكاب مجازر.

ومما يعزز فرضية أن تكون موسكو وقعت صفقة مع النظام تتضمن تنازلات كبيرة مقابل الحفاظ عليه ولو بدويلة في الساحل السوري، تخلي الأخير عن حذره لناحية تبرير استدعاء قوات احتلال أجنبية وإعطائها ما تشاء من البلد مقابل بقائه في السلطة أكبر فترة ممكنة، وقد برز هذا التحول في موقف النظام من خلال تصريحات وزير خارجيته وليد المعلم لقناة الإخبارية السورية الرسمية إن النظام "سيطلب قوات روسية لتقاتل إلى جانب قواته عند الضرورة"، مؤكداً أن "التعاون بين القوات المسلحة السورية والقوات الروسية تعاون استراتيجي وعميق"، وبتناقض واضح في خطابه شدد المعلم في اللقاء ذاته على أنّ "لا أحد في الدنيا يمكن له أن يؤثر على القرار السوري".

وجاء ردّ الكرملين سريعاً ومتناغماً مع تصريحات المعلم، إذ قال المتحدث باسم الرئيس الروسي دميتري بيسكوف أمس الجمعة، ردّاً على سؤال حول احتمال موافقة روسيا على مشاركة قوة من الجيش الروسي في عمليات الجيش السوري ضدّ الإرهاب: "إذا تسلمنا نداء بهذا الشأن، فسندرسه طبعاً، وسنناقشه في إطار اتصالاتنا وحوارنا الثنائي. أما الآن، فمن الصعب الحديث عن هذا الموضوع بصورة تجريدية". 

ويبدو أن النظام يفضل أسلوب المجازر بحق المدنيين على تفعيل جبهات القتال مع المعارضة التي تشهد جموداً في مختلف نقاط الاشتباك، إثر خسارة النظام لمناطق واسعة خرجت عن سيطرته خلال الفترة الماضية، خصوصاً في محافظتي إدلب وحماة، لأنه يريد استغلال زخم الدعم الروسي من جهة، ومن جهة ثانية هو يخشى من خسائر جديدة قد تفقده هذا الزخم. 

وارتكب النظام عدداً من المجازر بحق المدنيين كان أكبرها في مدينة حلب التي قام باستهداف عدة أحياء منها بصواريخ فراغية متطورة أدت لهدم أبنية بكاملها فوق رؤوس سكانها، وأدت إلى مقتل 52 مدنياً، بحسب ما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

وأكد الطبيب براء أبو المجد الذي عمل خلال الثماني وأربعين ساعة الماضية على إسعاف الجرحى وإجراء العمليات للمصابين، أن حصيلة الضحايا ارتفعت خلال اليوم التالي للمجزرة، ويتوقع أن تواصل ارتفاعها نظراً لارتفاع نسبة المصابين إصابات بالغة. وأشار لـ"العربي الجديد" إلى أن الإصابات التي وصلت المشافي في حلب منذ عصر يوم أول أمس تشير إلى استخدام طائرات النظام السوري الحربية نوعاً جديداً من الصواريخ الفراغية ذات الفاعلية العالية، ذلك أن معظم المصابين الذين وصلوا إلى مشافي حلب كانوا يعانون من نزيف داخلي في الدماغ أو تهتك في أنسجة الرئتين مع تمزقات في الأعضاء الداخلية في البطن، الأمر الذي استلزم إجراء جراحات عاجلة لهم لإيقاف النزيف، لكن ضعف الإمكانيات الطبية في مشافي مدينة حلب وريفها تسبب في عدم تقديم رعاية صحية مثالية للمصابين، الأمر الذي نتج عنه وفاة عدد منهم في المشافي.

وفي مدينة الرقة، أفاد ناشطون لـ"العربي الجديد"، بأن 12 غارة جوية هزت عدة مناطق في المدينة، ما أدى إلى مقتل أكثر من 36 مدنياً معظمهم من النساء، وإصابة أكثر من 123، وأن القصف كان "عشوائياً". وذكرت صفحة مركز الرقة الإعلامي على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أن الطيران الحربي "استهدف عدداً من المواقع المدنية، منها منطقة الصناعة، ومؤسسة الأعلاف، وشارع 23 شباط، وحي الفردوس"، وأن غارة "استهدفت صالة (صدى) للإنترنت ومدرسة جواد أنزور، بالإضافة إلى غارتين بالقرب من الملعب البلدي، ومطعم الفاخر للفطائر". فيما أشارت صفحة "الرقة تُذبح بصمت" إلى أنّ طيران النظام استخدم صواريخ "شديدة الانفجار"، وأن الغارات استهدفت الأسواق الشعبية المكتظة بالمدنيين.

وفي محافظة درعا قتل 17 مدنياً، وأصيب آخرون، مساء أول أمس الخميس، جرّاء قصف النظام السوري، مدينة بصرى الشام في ريف المحافظة، بحسب ما أكد ناشطون لـ "العربي الجديد"، وأوضحت مؤسسة "نبأ" الإعلامية المعارضة، أنّ "طيران النظام المروحيّ، ألقى مساء الخميس، براميل متفجرة، على مدينة بصرى الشام في ريف درعا، ما أدى إلى مقتل 17 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، وإصابة آخرين بجروح خطرة".

اقرأ أيضاً: سورية: أزمة تواجه دي ميستورا قبل انطلاق مجموعات العمل 

ذات صلة

الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة

سياسة

قُتل 40 شخصاً على الأقل، وجُرح العشرات، في إطلاق نار أعقبه اندلاع حريق، مساء اليوم الجمعة، في صالة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو.
الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.
الصورة
تظاهرات في ذكرى الثورة السورية (العربي الجديد)

سياسة

خرجت تظاهرات في مدن وبلدات شمال غربي سورية اليوم الجمعة، إحياءً للذكرى الـ13 لانطلاقة الثورة السورية.

المساهمون