إسرائيل تعاقب الأسرى بـ"قبور الأحياء"

إسرائيل تعاقب الأسرى بـ"قبور الأحياء"

19 سبتمبر 2015
متضامنون مع الأسرى في غزة (محمد أسد/الأناضول)
+ الخط -

تأمل عائلة الأسير خضر أمين ضبايا (31 عاماً)، من سكان مخيم جنين غربي مدينة جنين إلى الشمال من الضفة الغربية، والذي يعاني حالة نفسية صعبة وفقدان للذاكرة نتيجة عزله لمدة سبع سنوات في سجن "إيشل" الإسرائيلي، قبل أن يخرج من عزله قبل نحو عامين ونصف العام، أن تقبل سلطات الاحتلال الإفراج عن ابنها الشهر المقبل، إذ يرتقب أن تقرر المحكمة "خصم ثلث مدة الحكم"، في جلسة محاكمة أخيرة بعد عدّة جلسات سابقة.

وقالت شقيقة خضر، ميرفت، لـ"العربي الجديد"، إننا "نشعر بالحسرة حين نزور شقيقي خضر في سجن النقب المتواجد به حالياً، نظراً لما وصلت إليه حالته الصحية؛ هو لا يعرفنا ولا يتكلم كثيراً، كما يحتاج لمن يساعده بخدمة نفسه، وتأخذ حالته الصحية بالتدهور، إذ بلغ وزنه حالياً 30 كيلوغراماً، ويحتاج إلى العلاج".

واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خضر ضبايا في العام 2002. وكان مصاباً بالرصاص الحي في قدمه وأجريت له عملية جراحية، وحُكم عليه بالسجن لمدة 16 عاماً ونصف العام بتهمة مقاومة الاحتلال، أمضى منها 14 عاماً.

عقاب العزل الانفرادي

لا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمارس سياسة العزل الانفرادي ضد الأسرى الفلسطينيين داخل سجونها، منذ عشرات السنين. وصعّدت من استخدام هذه السياسة مع حلول انتفاضة الأقصى المبارك في العام 2000 وحتى هذه الأيام، وزادت المدّة التي يعزل فيها الأسير لتصل في بعض الأحيان إلى ما بين (11 و 13 عاماً).

وفي حالات بعض الأسرى، فإنّهم عُزلوا منذ لحظة أسرهم، واستمر ذلك لعدّة سنوات حتى أضرب الأسرى لإخراجهم من العزل في العام 2012، بحجة أنّهم يشكّلون خطراً على أمن إسرائيل في حال وجودهم بين بقية الأسرى.

ويوضح مدير مركز "أحرار" لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، فؤاد الخفش، لـ"العربي الجديد"، أن إسرائيل تدعي أن أولئك الأسرى قد ينقلون تجربتهم في المقاومة لغيرهم من الأسرى، أو ربما يخططون لعمليات مقاومة جديدة ضدّ إسرائيل من خلال تواصلهم مع الخارج.

وتستخدم سلطات الاحتلال سياسة العزل الانفرادي بحق الأسرى في عدة أشكال؛ إما للانتقام من الفلسطينيين على نشاطاتهم السابقة خارج السجن، أو على شكل عقوبات تفرضها إدارة مصلحة سجون الاحتلال على الأسرى من أجل قتل الروح المعنوية للأسير، وتارة بتوصية من جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الشاباك" بما يدّعيه الاحتلال من تشكيل الأسير خطراً على أمنه في حال بقي بدون عزل.

اقرأ أيضاً: تحذير من تدهور صحة أسرى فلسطينيين مضربين عن الطعام

معركة كسر العزل

تقول الباحثة في نادي الأسير الفلسطيني، فداء نجادة، إن الحركة الفلسطينية الأسيرة خاضت عدّة معارك ضدّ سياسة العزل الانفرادي عبر الإضرابات عن الطعام، والتي كان أبرز محطاتها إضراب العام 2012 لإنقاذ الأسرى المعزولين، وهو ما حققوه بالفعل وتم إخراج 16 أسيراً من العزل الانفرادي، إضافة لمحاولة أخرى لأسرى حركة "الجهاد الإسلامي"، حين أضربوا العام الماضي من أجل كسر العزل عن الأسير نهار السعدي.

وعلى الرغم من نجاح الأسرى في كسر العزل عن عددٍ من الأسرى، إلا أن سلطات الاحتلال واصلت استخدام هذه السياسة كعقوبة ضدّهم، إلى أن أعادت استخدامها بقوة بعد منتصف شهر يونيو/حزيران من العام الماضي.

وتواصل إسرائيل حالياً عزل 20 أسيراً بشكل انفرادي موزّعين على عدة سجون، غالبيتهم تم عزلهم بأمر من استخبارات الاحتلال "الشاباك"، إذ يجدد عزلهم كل ستة أشهر، بينما من تُفرض عليه عقوبة يمكث لفترة محددة في العزل.

ومن أبرز ما تشمله عقوبة العزل حرمان الأسير من رؤية زملائه الأسرى ومنعه من الخروج معهم إلى ساحة السجن (الفورة)، ويأتي في يوم زيارة ذويه له في حال سمح له بذلك، مكبّل القدمين واليدين.

وتتسبب زنازين العزل، التي يطلق عليها بعض الأسرى "قبور الأحياء"، بعدة أمراض منها "ضيق ومشاكل في التنفس، ومشاكل في العظام، ومشاكل نفسية وعصبية"، فيما تفتقر تلك الزنازين الضيقة جداً لأدنى مقومات الحياة، وذات رائحة كريهة، وتوجد فيها رطوبة عالية، ولا يتوفر فيها فراش مريح للنوم، إضافة لقلة الإنارة والتهوية.

عزل يحتاج مواجهة

ويعتبر مدير دائرة الإحصاء في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، عبد الناصر فروانة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ سياسة العزل الانفرادي التي تستخدمها إسرائيل بحق الأسرى كشكل من أشكال التعذيب الذي يلحق الأذى النفسي والجسدي خطيرة، وهي جريمة حرب، بالغ الاحتلال بارتكابها.

ويؤثر العزل الانفرادي بنفسية الأسرى وسلوكهم وتفكيرهم حتى بعد خروجهم من السجن، إذ يؤكّد فروانة أنّهم بحاجة لبرنامج تأهيلي شامل للفحوصات الطبية وتوفير العلاج اللازم وكذلك الضمان الاجتماعي لهم وتوفير دخل كريم لهم، وأن يكون الاعتماد على ذلك بحسب مدى الأذى الذي ألحق بالأسير.

المساهمون