الجاسوس بولارد لم يكن "وفيّاً في خدماته لإسرائيل"

الجاسوس بولارد لم يكن "وفيّاً في خدماته لإسرائيل"

12 سبتمبر 2015
من التظاهرات المُطالبة بإطلاق سراح بولارد (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -
لأكثر من 30 عاماً، ظلّت فضيحة التجسس الإسرائيلية ضد الولايات المتحدة، عبر الجاسوس الأميركي اليهودي جوناثان بولارد، بمثابة أحد أشدّ الأزمات والفضائح التي ألقت بظلالها على التعاون الأميركي الإسرائيلي والعلاقات بين البلدين، بل هددت أيضاً مع تفجّرها في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1985، مستقبل تقدّم اليهود الأميركيين في سلّم المراتب المختلفة في أجهزة الاستخبارات الأميركية.

وتعاملت الصحافة الإسرائيلية مع ملف بولارد باعتباره "بطلاً قومياً"، خذلته سياسات الحكومة الإسرائيلية، بعد أن تخلّت عنه ورفض حرس السفارة الإسرائيلية في واشنطن السماح له بالاحتماء داخلها، من وكلاء مكتب المباحث الفدرالية الأميركي (أف بي آي).

وخلال هذه الفترة حاولت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، التوصّل إلى صفقة مع السلطات الأميركية لإطلاق سراح بولارد، بما في ذلك إدراجه ضمن صفقة لتبادل أسرى فلسطينيين، إلا أن أجهزة الاستخبارات الأميركية ظلّت تعارض أي صفقة تشمل بولارد، معللة ذلك بأنه مسّ بالأمن القومي الأميركي.

وقد نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أمس الجمعة، تحقيقاً جديداً، حمل لهجة مغايرة عن صورة بولارد. وتفيد الصحيفة في التحقيق المذكور، بأن "بولارد وخلافاً للاعتقاد السائد في إسرائيل، لم يكن وفياً لإسرائيل وحدها، بل قام ببيع الأسرار التي تمكّن من الحصول عليها في قاعدة الاستخبارات التابعة للبحرية الأميركية، إلى دول أخرى، بينها الصين، وأن ذلك كان بمعرفة ونصائح زوجته آن، التي أبلغته أنه يمكن الاستفادة من الكمّ الهائل من الوثائق التي حصل عليها".

اقرأ أيضاً: الإفراج عن بولارد لمحاصرة نتنياهو وتمرير "النووي"

وكشف التحقيق أن "من أخطر الوثائق التي كان بولارد يسلّمها لإسرائيل، هي تلك المتعلقة بالصور الجوية التي التقطتها الأقمار الصناعية الأميركية لمواقع مختلفة في كافة أنحاء العالم، مثل القواعد العسكرية للصين، وقواعد روسية، والأهم من ذلك قواعد في العالم العربي، بما فيها قواعد عسكرية في سورية والعراق والأردن، ومقارّ منظمة التحرير في تونس. وقد استخدم الجيش الإسرائيلي الصور الجوية الخاصة بمقارّ منظمة التحرير في تونس لتنفيذ الغارة الإسرائيلية، وأسفرت عن مذبحة حمّام الشط التي نفذت في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 1985".

ويُبرز التقرير "كيفية تحوّل بولارد من يهودي متحمّس متطوّع، يريد أن يُسلّم إسرائيل أسراراً تتعلق بأمنها، إلى جاسوس مأجور، يقبض الثمن مقابل خدماته، التي لم تظل مقتصرة على إسرائيل بل طاولت دولا أخرى". ويذكر التحقيق أن "الحكومة الإسرائيلية اضطرت بعد اكتشاف أمر بولارد إلى التعرّض لتهديد من وزير الخارجية الأميركي جورج شولتس، الذي طلب منها إعادة كل الوثائق التي حصلت عليها، والاعتذار عن القضية، والالتزام بعدم العمل مجدداً ضد الولايات المتحدة، وأن تُخضع كل من كان له صلة بتجنيد بولارد للتحقيق معه من قبل وكلاء أميركيين". ويضيف التقرير أن "شيمون بيريز، الذي كان رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية الأولى، بالتناوب مع إسحاق شامير، قبل الشروط الأميركية".

ويوضح التحقيق أن "إسرائيل خدعت في واقع الحال الولايات المتحدة ولم تُعِد كافة الوثائق، ولا اعترفت بأسماء الوكلاء الذين عملوا مع بولارد، خصوصاً بعد اعتراف بولارد نفسه، أن رئيسه في العمل المباشر كان الكولونيل في سلاح الجو الإسرائيلي، أبيعام سيلع، وهو ما جعل إدارة الرئيس الأميركي رونالد ريغان، ترفض الادعاء الإسرائيلي بأن رئيس الحكومة أو وزير الأمن لم يكونا متورطين في تجنيد بولارد".

وقد أدى ذلك بالإدارة الأميركية إلى أن تبلغ الحكومة الإسرائيلية أنه بالنسبة للسلطات الأميركية، فإن جميع المتورطين الإسرائيليين في قضية بولارد وتجنيده، مطلوبون للسلطات الأميركية، وستتم محاكمتهم في حال دخولهم الأراضي الأميركية.

وتوصّل الأميركيون، بحسب التحقيق، إلى قناعة بأن "إسرائيل لم تكتفِ بتلقي المعلومات من بولارد، بل إن وكلاء الموساد كانوا يوجهون عمل بولارد بدقّة للحصول على معلومات دون غيرها، بشكل منهجي ودقيق، وأن نشاطه لم يكن عفوياً. وقد أدّى هذا بالمحكمة الأميركية إلى رفض صفقة اعتراف بولارد بالتهم المنسوبة له مقابل السجن 20 عاماً، وفرضت المحكمة الأميركية على بولارد السجن مدى الحياة، بفعل الشهادة التي قدمها وزير الدفاع الأميركي آنذاك غاسبر واينبرغر، والتي قال فيها إن بولارد سلّم أسماء وكلاء ميدانيين في الاستخبارات الأميركية للاستخبارات الروسية".

اقرأ أيضاً: صفقة إطلاق الجاسوس بولارد مقابل "النووي"... نوايا أم حقيقة؟

المساهمون