الائتلاف السوري يتلمّس تغييراً روسياً... وينتظر ترجمته

الائتلاف السوري يتلمّس تغييراً روسياً... وينتظر ترجمته

08 اغسطس 2015
موسكو قد تكون تسعى لحماية مصالحها بسورية (فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن روسيا قد باشرت بخطوات عملية لتأدية دور أكثر فعالية في العملية السياسية في سورية وتخلّيها عن دور الطرف المدافع عن النظام، وتدلّ المؤشرات على أن هذا التحوّل قد جاء نتيجة تفاهم روسي أميركي، على ملفات المنطقة، إذ تحاول الولايات المتحدة رسم خريطة طريق الملفات الساخنة في المنطقة قبل أن يدخل الاتفاق النووي مع إيران حيز التنفيذ، والذي يبدو أن واشنطن تدفع باتجاه دور أكبر للروس في العملية السياسية في سورية.

تشير العديد من المعطيات إلى تخلٍ تدريجي من روسيا عن نظام بشار الأسد، وتأديتها دوراً أكثر اعتدالاً، كان آخرها موافقة موسكو على مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن الدولي، يفتح المجال أمام محاسبة المسؤولين عن استخدام المواد الكماوية في سورية، بعد أن كانت موسكو تقف عائقاً أمام كل القرارات الأممية التي من شأنها إدانة النظام السوري من خلال تعطيل كل القرارات باستخدام حق النقض (الفيتو).

وسبقت هذه الموافقة دعوة الروس أعضاء من الائتلاف إلى موسكو لإجراء مشاورات حول الحل السياسي في سورية، كما كشفت وسائل إعلامية قبل أسابيع عن مغادرة المزيد من الدبلوماسيين والجالية الروسية الأراضي السورية، لأسباب غير واضحة، وتزامن هذا التحوّل في الموقف الروسي مع تصريحات للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نقلتها الصحف التركية، الاثنين الماضي، عن أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتّجه إلى "التخلي" ‏عن الأسد.

ويرى أحد أعضاء الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، فضّل عدم ذكر اسمه في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الموافقة الروسية على مشروع القرار الأميركي هي مؤشر إيجابي وتحوّل في الموقف الروسي باتجاه أخذ دور أكثر فعالية في إيجاد حل سياسي في سورية، ولكنه ينبّه إلى ضرورة البحث في تفاصيل القرار الذي من الممكن أن يتضمن ما يعطل إدانة النظام.

ويتمنى "أن يحصل تحوّل أكبر في الموقف الروسي، وأن تشهد العلاقات بين الروس والائتلاف انفتاحاً أكبر لما تتمتع به روسيا من دور في المنطقة كقوة عظمى لا يمكن تجاهلها"، معتبراً أن روسيا قد تسعى إلى ضمان مصالحها في سورية.

وبالتوازي مع التغير في الموقف الروسي، شهدت الأيام القليلة الماضية تحركاً من إيران لطرح مبادرة معدلّة بالتفاهم مع روسيا والنظام السوري، على الرغم من معرفتها التامة بعدم قبولها من باقي الأطراف ومخالفتها بيانَ جنيف القاضي بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي، ولكن هذا ما اعتبره بعض المحللين السياسيين تغييراً في سياسة إيران وروسيا تجاه التعاطي مع الأزمة السورية ودول المنطقة ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي.

ويرى مصدر في الهيئة الرئاسية في الائتلاف الوطني، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "روسيا وإيران غير متمسكتين بالأسد، وإنما تتمسكان بمصالحهما فقط، وفي الآونة الأخيرة بدا هذا الشيء واضحاً، فهما تبحثان بشكل جدي لإيجاد حل سياسي في سورية واليمن بالتشارك مع دول الخليج وتركيا".

ويشير المصدر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المعارضة السورية، حتى الآن، لم تثق في نوايا إيران نتيجة عملها الحثيث على تفتيت المعارضة وإظهار النظام على أنه أكثر صلابة، ولا سيما أن الطرفين ينتظرهما استحقاق كبير واختبار صعب، ألا وهو "محاربة الإرهاب". مضيفاً أن "المعارضة السورية تنظر إلى روسيا بشكل مختلف كونها دولة عظمى ولا تزال تتطلع إلى إجراءات جدية تثبت توجهها الأخير وتغيير سياستها".

ويعلن المصدر أن الائتلاف وافق على طلب روسيا لقاء أعضاء منه في موسكو، ولكن لم يتم تحديد موعد الزيارة، حتى الآن، منوّهاً إلى أن الائتلاف سيطلب من روسيا الضغط على النظام لوقف إلقاء البراميل المتفجرة وفك الحصار عن المناطق المحاصرة.

اقرأ أيضاً: واشنطن وموسكو تتفقان على مسودة قرار بشأن "الكماوي" في سورية

لكن المؤشرات، لم تُظهِر روسيا وإيران، حتى الآن، بشكل مقبول للمعارضة السورية، نتيجة استمرار دعمهما المليشيات في اليمن ولبنان، ناهيك عن تقديم كل أشكال الدعم للنظام السوري من مال وسلاح ورجال. وفي تصريح للائتلاف الوطني على لسان رئيسه السابق هادي البحرة، قال إن "أي حل يخرج عن إطار التطبيق الكامل لبيان جنيف لن يكون قابلاً للتنفيذ".

وأشار البحرة إلى أن على إيران "إثبات حسن نواياها تجاه دول الجوار وشعوبها بدءاً بقبولها بيانَ جنيف، ووصولاً إلى تحقيق تطلعات الشعب السوري في نيل الحرية والكرامة"، لافتاً إلى أن على إيران، أيضاً، الالتزام بضمان سحب المليشيات المدعومة كافة منها في سورية ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مشدداً على أنه من دون تطبيق ذلك من إيران لا يمكن الوثوق في نواياها.

مساعي روسيا وإيران لفتح صفحة جديدة مع دول الخليج من خلال التفاهم والجلوس على طاولة واحدة والحوار، قد تتجلى في التنازل عن العديد من المواقف السابقة، وإيجاد مصالح متقاطعة يمكن أن تصب في مصلحة المعارضة السورية وتستبعد بقاء الأسد.

اقرأ أيضاً: إيران "تعدّل" مبادرتها السورية بمساندة روسية

المساهمون