بعد بغداد والموصل ... مسيحيو كركوك يتعرضون للقتل والخطف

بعد بغداد والموصل ... مسيحيو كركوك يتعرضون للقتل والخطف

05 اغسطس 2015
مليونا مسيحي عراقي اضطروا إلى الهجرة (Getty)
+ الخط -
أعلن نواب في البرلمان العراقي وناشطون محليون، اليوم الأربعاء، أن سيناريو استهداف العراقيين المسيحيين في بغداد والموصل، يتكرر، مرة أخرى، في محافظة كركوك، من خلال عمليات سرقة واستيلاء على منازلهم، فضلاً عن جرائم قتل وخطف للمقاومين أو الرافضين إخلاء المنازل والهجرة من المدينة، من أحزاب ومليشيات مسلحة، وعصابات جريمة منظمة، يأتي ذلك بعد أقل من أسبوعين على بيان رسمي أصدرته الكنيسة الكلدانية في العراق عن مخاوفها من عمليات قتل منظمة في المحافظة.

وقال سكان محليون في كركوك، إن أحياء الماس وشاطرلو والجمهورية، ذات الغالبية المسيحية، تتعرض، منذ مدة، لعمليات تهديد لمواطنيها بهدف تركهم منازلهم أو إجبارهم على بيعها بثمن بخس، وهناك عدد من المواطنين خطفوا وقتلوا من عصابات مسلحة ومليشيات.

وقال الناشط العراقي، سركون بطرس، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مسلسل الاستيلاء على منازل وعقارات المسيحيين انتقل من بغداد إلى كركوك، حيث تجري عمليات تزوير واسعة لمستندات استملاك المسيحيين داخل دوائر حكومية، خصوصاً تلك المنازل والعمارات السكنية والمباني التي تركها أهلها ولجأوا، بعد موجة العنف الأخيرة، إلى دول أوروبية وعربية وأجروها لمواطنين آخرين".

وأكد الناشط العراقي، أن "إدارة محافظة كركوك والمحكمة بدأت التحقيق في الموضوع"، مبيناً أن "قسماً من المسيحيين عادوا في إجازة أو زيارة إلى كركوك، وفوجئوا بأن منازلهم ما عادت لهم، حيث صادرتها مليشيات وأحزاب متنفذة، ومن ثم تزوير أوراقها وخلعها من أصحابها ومنحها لآخرين، وغالبية الحوادث وقعت في الأحياء الراقية ذات الغالبية المسيحية ... ".

وتابع بطرس: "لأننا بلا مليشيات وبلا سلاح يفرض هيبته في شريعة غابة تعصف بالعراق حدث ما حدث، وحتى القضاء لو أنصف الضحايا فإنه سيحتاج سنوات حتى البت ودفع رشى مالية كالعادة". 

وكان البطريرك، مار لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية، قد أعلن أخيراً "وجود عمليات استيلاء على أملاك ومنازل المسيحيين في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى من خلال عقود مزوَّرة"، مطالباً "الحكومة العراقية التحقيق في الموضوع ومحاسبة المتورِّطين والموظَّفين الفاسدين، وإعادة الأملاك إلى أصحابها" إلا أن الحكومة العراقية على الرغم من تعهدها بفتح تحقيق لم تتحرك إزاء الموضوع، حتى الآن، وفقاً لضحايا تلك العمليات.

اقرأ أيضاً لندن: مسيرة احتجاجيّة ضد تهجير المسيحيين من الموصل

وكان النائب في البرلمان العراقي عن كتلة الرافدين المسيحية، عماد يوحنا، قد أعلن، في وقت سابق من الشهر الماضي، عن "وجود مليشيات خارجة على القانون وأحزاب دينية، متورطة في ملف الاستيلاء على ممتلكات المسيحيين في بغداد وعدد من محافظات البلاد".

ووصف يوحنا ما يجري، بـ"جرائم ترتقي إلى التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي القسري"، مطالباً المرجعيات الدينية في العراق "بفتوى تجرم وتحرم تلك الأعمال وتحرم الاستيلاء على منازل المسيحيين في العراق".

فيما أصدرت الكنيسة الكلدانية في كركوك بياناً عن الأحداث الجديدة في المدينة، أكدت فيه مقتل وخطف أربعة مسيحيين من جماعات مسلحة.

وذكر بيان للكنيسة، منتصف الشهر الماضي، أنه "من المؤسف أن يستمر الوضع الأمني في التدهور، وأن يستغله بعض الأفراد أو الجماعات للقيام بخطف أبرياء من أجل كسب حفنة من المال وإثارة الرعب بين المواطنين العزل".

وتابع البيان: "في أقل من أسبوعين، تم خطف أربعة مسيحيين، هم الدكتور بشار عقراوي وسعد شابا وقيس شعيا وساهر سوني، وتم تحرير الأول والثاني بعد دفع الفدية، فيما قتل الاثنان الآخران على الرغم من دفع الفدية"، وأضاف "كما أن هناك نفوساً ضعيفة تقوم علناً بتزوير سندات بيوت بعض المسيحيين وتستولي عليها وعلى ممتلكاتهم، أو ترسل لهم رسائل تهديد عبر هواتفهم النقالة ليتركوا وظائفهم. هذا أمر شنيع يثير القلق ويدمر الفسيفساء (الوطني العراقي) ويضعف هيبة الدولة".

وناشد البيان، السلطات الحكومية وقوى الأمن بحماية حياة المواطنين وممتلكاتهم، وإصدار قرار بمنع بيع بيوت المسيحيين إلا بتوصية من الكنيسة.

وتعرض العراقيون المسيحيون إلى واحدة من أبشع جرائم القتل والتهجير القسري وتدمير للكنائس والأديرة في الموصل، على يد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أعقبتها حملة مماثلة في بغداد دوافعها سياسية، تمّ خلالها الاستيلاء على منازلهم ومصالحهم التجارية.

واضطر نحو مليوني مسيحي مغادرة العراق، بفعل تلك الجرائم، فيما استقر قسم منهم في إقليم كردستان، حيث منحهم الأكراد إقامة دائمة وتسهيلات في السكن وممارسة طقوسهم الدينية.

ولم تصدر عن الحكومات العراقية المتعاقبة، والتي يسيطر عليها حزب "الدعوة الإسلامية"، بدءاً بإبراهيم الجعفري ثم نوري المالكي، وأخيراً، حيدر العبادي، سوى بيانات هزيلة تستنكر ذلك دون أن تعيد حقوقهم، أو تحقق في جرائم القتل التي تعرضوا لها، وهو ما دفع بحركات شبابية مسيحية الى الدعوة لتشكيل مليشيا مسلحة للدفاع عن النفس من تلك الجرائم.

اقرأ أيضاً: مسيحيو العراق يشكون التحريض ضدّهم وفشل الحكومة في حمايتهم