أسباب فشل ثاني محاولة وقف إطلاق نار في الزبداني

أسباب فشل ثاني محاولة وقف إطلاق نار في الزبداني

30 اغسطس 2015
آثار قصف للنظام على الزبداني (يوسف البستاني/الأناضول)
+ الخط -
ما أن انتهت الساعات الـ48 للهدنة المؤقتة، حتى عاود النظام، ومنذ الدقائق الأولى، قصف مدينة الزبداني بالمدفعية المتمركزة عند الحواجز المحيطة بها. وبعدها بنحو ساعتين، وهي الفترة اللازمة لتجهيز المروحيات العسكرية وإقلاعها ووصولها لمكان القصف، عادت الزبداني لتتلقى البراميل المتفجرة مجدداً، بعدما غاب عنها هذا السلاح الذي يوصف بالغبي الفتاك، لعدم قدرته على إصابة الهدف، لكنه يقتل عدداً كبيراً من الناس، ويُحدث دماراً كبيراً.

اقرأ أيضاً: هدنة جديدة مؤقتة في الزبداني: 3 ملفات تحسم المفاوضات 

وأكد مصدرٌ من "المجلس المحلي لمدينة الزبداني"، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "القصف المدفعي بدأ مباشرة عند الساعة السادسة من صباح السبت، بالتزامن مع تجدّد محاولات مليشيا حزب الله للتقدّم أكثر نحو وسط المدينة" التي تتعرض لحملة عسكرية هي الأعنف من نوعها، وانطلقت أولى قذائفها في الرابع من يوليو/ تموز الماضي.

بموازاة ذلك، كان "جيش الفتح"، على ما يبدو، قد جهّز مخزوناً كبيراً من القذائف في حال فشل المفاوضات، إذ إن مقاتليه بدأوا عند السادسة صباحاً، باستهداف بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب الشمالي الشرقي.

وقال أبو اليزيد تفتناز، من "المكتب الإعلامي لحركة أحرار الشام، إدارة المعارك"، لـ"العربي الجديد"، إن "جيش الفتح قصف أكثر من 120 قذيفة صاروخية ومدفعية على بلدتي الفوعة وكفريا في أول ساعتين بعد انتهاء الهدنة"، التي رافقتها مفاوضاتٌ بين "حركة أحرار الشام الإسلامية" مع مسؤولين إيرانيين في تركيا.

ويبدو من القصف العنيف بُعَيد انتهاء الهدنة مباشرة، أن طرفي العملية يعتمدان حالياً لعبة عض الأصابع، إذ يريد كل جانب الضغط قدر الإمكان على الآخر، في معركتين متباعدتين جغرافياً بأكثر من 300 كيلومتر. ومن الواضح أنّ المسافة بين المتفاوضين وشروطهما تبدو بعيدة للغاية، ما أدى لتعثر المحادثات، التي سبق أن فشلت جولة أولى منها قبل أقل من أسبوعين.

وفيما لم تعلن الأطراف المتفاوضة صراحة، حتى ظهر السبت، عن النقاط الخلافية التي أدت لحالة الاستعصاء السياسي، التي دعت للعودة إلى الميدان، أكدت مصادر من "المجلس المحلي لمدينة الزبداني" لـ"العربي الجديد"، أن "أهم البنود التي لم يجرِ التوافق عليها هي قضية إخراج المعتقلات من سجون نظام بشار الأسد"، بحيث رفض النظام وإيران شرط الإفراج عن آلاف المعتقلات.

وبحسب المصدر، فإن "خلافاً آخر حصل حول تأمين الفصائل لطريق خروجٍ من الفوعة نحو بلدة مورك (تقع بريف حماه الشمالي)، التي من المفترض أن تكون نقطة التسليم، وهو بند آخر لم يجر التوافق عليه أيضاً".

بدوره، ذكر المستشار القانوني للجيش السوري الحر، أسامة أبو زيد، أن "ما توفر من معلومات حول العملية التفاوضية، يشير إلى أن الإيرانيين وافقوا على أحد شروط "أحرار الشام" بإخلاء سبيل عدد كبير من المعتقلين والمعتقلات في سجون الأسد، لكن النظام رفض هذا الشرط، وهو عامل رئيسي في تعثر الاتفاق النهائي".

وأضاف أبو زيد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "المفاوضين الإيرانيين طلبوا أن يخرج كل أهالي كفريا والفوعة عبر ممر آمن إلى مناطق سيطرة النظام، مقابل تأمين ممر مماثل لجميع الموجودين داخل الزبداني. فيما وافقت "أحرار الشام" فقط على أن يخرج من كفريا والفوعة جميع النساء والمسنين، والذكور الذين تقل أعمارهم فقط عن الخمس عشرة سنة، ورفضوا توفير طريقٍ لخروج من هم بعمر الشباب من الذكور لكونهم من المليشيات المسلحة".

ورأى المسؤول في المعارضة السورية أنّ "المسافة كبيرة جداً بين حركة (أحرار الشام) والجانب الإيراني في عملية التفاوض نظراً لحساسية القضية بالنسبة للطرفين، ولأن طرح كل جانب لا يناسب الآخر إطلاقاً"، مضيفاً أن "الإيرانيين يريدون فرض شروطهم الهادفة لخلق تغيير ديمغرافي، وهو ما لا يناسب "الأحرار" وسيوقعهم بحرج كبير أمام السوريين".

وفي حين تدحرجت الكرة جراء انقلاب طاولة المفاوضات، لتضغط على زناد المدافع والبنادق على الأرض مجدداً، فإن العملية برمتها تبقى مفتوحة على جميع السيناريوهات، خصوصاً أن التفوّق الحالي لحزب الله والنظام في إمكانية حسم معركة الزبداني عسكرياً، يقابله تفوّق مماثل للمعارضة في قدرتها على حسمٍ ليس بشاقٍ عليها في كفريا والفوعة، لكن يبدو أن الأطراف تجنبت في الفترة الماضية هذا الخيار، ولا يُعرف ما إذا كانت ستُقدم عليه في الأيام أو ربما الساعات المقبلة.

وفي إطار التطورات الميدانية في جبهات أخرى، سقط قتلى وجرحى، أمس، في مدينة عربين بالغوطة الشرقية، إثر شن الطيران الحربي لغاراتٍ، شملت أيضاً عدة مناطق هناك.

وقال ناشطون في الغوطة لـ"العربي الجديد"، إن "طيران النظام الحربي شن أكثر من خمس عشرة غارة على بلدات مديرا، حمورية، حرستا، وعربين التي سقط فيها قتلى وجرحى"، فيما أكد مصدر في "المجلس الطبي لمدينة عربين" لـ"العربي الجديد"، أن "ثلاثة أشخاص قتلوا في الغارة التي استهدفت المدينة صباحاً، فضلاً عن سقوط عدد من الجرحى".

إلى ذلك، أكد ناشطون بريف دمشق "مقتل العميد الركن في جيش النظام رئيف علي الحسن وعدد من مرافقيه، إثر نسف موكبه في عملية نوعية لحركة (أحرار الشام) بساحة العباسيين"، شرقي العاصمة، دمشق.

وحول آخر المستجدات الميدانية بريف إدلب، أكد الناشط الإعلامي هناك، عبد الرزاق الخليل لـ"العربي الجديد"، أنّ "عدّة غارات استهدفت كلاً من كفرنبل، معرة النعمان، جسر الشغور، التمانعة، وعين لاروز".

ويأتي ذلك بعد ساعات من "استعادة قوات النظام سيطرتها على قرية خربة الناقوس بسهل الغاب، إثر شنهم هجوماً مدعوماً بغطاءٍ جوي ومدفعي كثيف منذ مساء أمس"، بحسب المصدر نفسه.

وكان "جيش الفتح" قد سيطر على هذه القرية في السادس والعشرين من الشهر الحالي، بعدما خسرها قبل ذلك بأيام، خلال معارك الكر والفر الدائرة في مناطق سهل الغاب الواقعة إلى الشرق من نهر العاصي، والذي تبعد ضفته الغربية حوالي 2 كيلومتر مربع عن معسكر جورين الاستراتيجي.

وفي سياق التطورات الميدانية، انفجرت سيارة مفخخة في مدينة حمص، التي تخضع لسيطرة النظام، ما أدى لسقوط قتلى وجرحى. وفي حين قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام إن "التفجير الإرهابي بسيارة مفخخة قرب دوار المواصلات القديم في حي الزهراء بمدينة حمص أدى لوقوع إصابات بين المواطنين"، أكد الناشط الإعلامي محمد الحميد لـ"العربي الجديد"، مقتل أربعة اشخاص وإصابة أكثر من عشرين في التفجير الذي وقع ظهراً ولم تتبنَّه أي جهة حتى الساعة.