هدنة جديدة مؤقتة في الزبداني: 3 ملفات تحسم المفاوضات

هدنة جديدة مؤقتة في الزبداني: 3 ملفات تحسم المفاوضات

28 اغسطس 2015
أثار قصف قوات النظام على الزبداني (يوسف البستاني/الأناضول)
+ الخط -

توصّلت حركة "أحرار الشام الإسلامية"، أكبر فصائل المعارضة في شمال سورية، والتي تسيطر أيضاً على مدينة الزبداني، غرب دمشق، إلى اتفاق هدنة جديد مع قوات النظام وحزب الله اللبناني في محيط مدينة الزبداني وبلدتي الفوعة وكفريا، بغرض إفساح المجال لاستئناف المفاوضات بين الجانبين حول تبادل السيطرة على تلك المناطق.

وتحاصر قوات المعارضة المسلحة بلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب، شمال سورية، واللتين تسيطر عليهما مليشيات محلية موالية للنظام السوري، فيما تحاصر قوات النظام وحزب الله مدينة الزبداني منذ نحو شهرين.

اقرأ أيضاً: النظام يطارد نازحي الزبداني ويدكّ الغوطة والمعارضة تردّ

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر مقرّبة من قيادة حركة "أحرار الشام"، أن ممثلي الحركة توصلوا لاتفاق مع مندوبين إيرانيين إثر مفاوضات في تركيا على هدنة مؤقتة مدتها 48 ساعة فقط تبدأ في الساعة السادسة صباح الخميس (أمس)، بهدف إكمال المفاوضات التي انطلقت منذ أسبوعين حول تطبيق اتفاق على فك قوات النظام وحزب الله الحصار عن الزبداني وخروج قوات المعارضة منها، في مقابل فك قوات المعارضة الحصار عن الفوعة وكفريا بريف إدلب وخروج المليشيات الموالية للنظام منها.

ولم تشمل الهدنة، بحسب مصادر "أحرار الشام" التي فضّلت عدم نشر اسمها، بلدتي مضايا وبقين، اللتين تسيطر عليهما قوات المعارضة بالقرب من مدينة الزبداني، غرب دمشق، وهو الأمر الذي قد يعقّد المفاوضات المرتقبة بين ممثلي "أحرار الشام" وإيران.

ويزيد استمرار قصف قوات النظام للبلدتين الواقعتين إلى الجنوب مباشرة من مدينة الزبداني من احتمالات تعثر المفاوضات، إذ قامت مروحية تابعة لقوات النظام، يوم الأربعاء الماضي، بإلقاء عدّة براميل متفجرة على مبانٍ سكنية شمال بلدة مضايا، ما أدى لمقتل عائلة مكوّنة من خمسة أشخاص وإصابة عشرة آخرين بجراح، بحسب مصادر طبية في البلدة.

عقبات المفاوضات

وينتظر أن تُستأنف المفاوضات قريباً بين "أحرار الشام" والمندوبين الإيرانيين، بعدما انهارت في الخامس عشر من الشهر الجاري بعد خلاف الجانبين حول عدد المعتقلين الذين سيفرج عنهم النظام من سجونه، مقابل سماح قوات المعارضة لمقاتلي المليشيات المتحصنة بالفوعة وكفريا بالخروج منها، إضافة إلى خلافات حول تفاصيل لوجستية تحدد آلية تطبيق فك الحصار الذي يفرضة النظام وحزب الله على الزبداني ومضايا وبقين، في مقابل فك قوات المعارضة الحصار عن الفوعة وكفريا.

وعرض المندوبون الإيرانيون إطلاق النظام السوري لمعتقلين بعدد يوازي الفرق بين عدد المقاتلين الذين ستسمح لهم قوات المعارضة بالخروج من الفوعة وكفريا وعدد مقاتلي المعارضة الذين سيخرجون من الزبداني.

وتقدّر مصادر المعارضة السورية عدد مقاتلي المليشيات المقرّبة من إيران الموجودة في الفوعة وكفريا بنحو سبعة آلاف مقاتل، في مقابل أقل من ألفين تابعين لقوات المعارضة في الزبداني. وكان المفاوضون الإيرانيون قد عرضوا إطلاق ألف معتقل من سجون النظام قبل أن يرفعوا العدد إلى أربعة آلاف ليغطي العدد الفرق بين عدد مقاتلي الجانبين المحاصرين. لكن ممثلي حركة "أحرار الشام" طلبوا الإفراج عن عشرين ألف معتقل دون أن يقبل المفاوضون الإيرانيون بذلك، لتنهار المفاوضات بين الجانبين.

وبالنسبة لعقدة المدنيين المحاصرين من قبل الجانبين، وعلى الرغم من أنه تم الاتفاق على مبدأ السماح بخروج من يرغب منهم من البلدات المحاصرة، لكن المفاوضين الإيرانيين طلبوا أن تقدم قوائم اسمية بأسماء جميع المدنيين الموجودين في الزبداني ومضايا وبقين، بالإضافة إلى تسوية أوضاع الراغبين منهم بالخروج لدى أجهزة الاستخبارات التابعة للنظام السوري وتقديمهم معلومات تفصيلية عن الأماكن التي يرغبون بالذهاب إليها، الأمر الذي رفضه ممثلو حركة "أحرار الشام".

ويوجد في بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من قوات المعارضة أكثر من خمسة وعشرين ألفاً من المدنيين هم في الغالب من عائلات السبعة آلاف مقاتل المنضوين في المليشيات المحلية الموالية لإيران في البلدتين، الأمر الذي يزيد من تعقيد المفاوضات، خصوصاً وسط ترجيح احتمال رغبة معظمهم بالخروج من البلدتين في حال الاتفاق على خروج مسلحي المليشيات منهما.

وذلك على خلاف الوضع في الزبداني، التي بقي فيها نحو خمسمائة فقط من المدنيين بعد موجات القصف الذي نتج عنه نزوح مستمر للسكان عن المدينة خلال العامين الماضيين. لكن التعقيد يظهر من جديد في حال شملت المفاوضات المدنيين المحاصرين في بلدتي بقين ومضايا، حيث أوضح عضو المجلس المحلي في البلدة، أحمد البكور، أن بلدتي مضايا وبقين يوجد فيهما أكثر من ستين ألفاً، نحو خمسة عشر ألفاً منهم من النازحين من الزبداني. ويعاني هؤلاء، بحسب البكور، من ظروف إنسانية صعبة بسبب انقطاع معظم الإمدادات الطبية والغذائية عن البلدتين منذ بدء الحملة العسكرية على الزبداني منذ أكثر من شهرين.

اتفاق مستبعد

لكن المستشار القانوني للجيش الحر، أسامة أبو زيد، استبعد في حديث لـ"العربي الجديد"، أي احتمال للتوصل لاتفاق بسبب المسافة الكبيرة بين ثوابت الطرفين في المفاوضات؛ فحركة "أحرار الشام" ترفض بشكل مبدئي تكرار تجربة حمص التي تضمّنت خروج مسلّحي المعارضة والمدنيين في المناطق التي تسيطر عليها لتسيطر قوات النظام على مدينة حمص بالكامل. في المقابل لا يرى الإيرانيون أي قيمة للتفاوض على هدنة إنسانية طويلة الأمد يتم من خلالها فتح ممرات إنسانية للمحاصرين في الزبداني والفوعة وكفريا كالهدن الإنسانية المطبّقة في مناطق برزة ومعضمية الشام بمحيط دمشق. ويستدل أبو زيد على ذلك بأن هذه الهدن تمت باتفاقات بين النظام والمعارضة وليس بين الإيرانيين والمعارضة.

الحزام الأخضر

ويعتقد أبو زيد أن هدف الإيرانيين من المفاوضات التي سبقتها حملة عسكرية غير مسبوقة على الزبداني هو إجبار المعارضة على القبول بتسليم الزبداني كي تنضم إلى الحزام الأخضر الذي يسيطر عليه حزب الله اللبناني على الجانب السوري من الحدود السورية اللبنانية والذي تسعى إيران لأن يمتد من مدينة القصير بريف حمص حتى مدينة الزبداني، غرب دمشق. 

نقاط الضعف

ولدى الطرفين المتفاوضين نقاط ضعف ستضغط عليهما في المفاوضات بحسب أبو زيد، إذ يضغط الحصار المفروض على الزبداني بشكل كبير على "أحرار الشام"، فيما يضغط وجود عشرات الآلاف من المسلحين والمدنيين من الموالين للنظام من الطائفة الشيعية الجعفرية تحت حصار المعارضة السورية في بلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب على الإيرانيين. لكن أبو زيد يرجح أن تكون نقاط ضعف "أحرار الشام" في المفاوضات أكبر من نقاط ضعف الإيرانيين نظراً لعدم اكتراث إيران بالنهاية بمصير أبناء الفوعة وكفريا وعدم كون هاتين البلدتين في موقع استراتيجي حساس كحال مدينة الزبداني.

اقرأ أيضاً: حرب التهجير: مجازر الغوطة لرسم "سورية المفيدة"

المساهمون