تحضيرات الانتخابات المصرية: مساعٍ لقائمة جامعة لأجنحة النظام

تحضيرات الانتخابات المصرية: مساعٍ لقائمة جامعة لأجنحة النظام

27 اغسطس 2015
يخشى السيسي من احتمال فقدانه السيطرة البرلمانية (بلال وجدي/الأناضول)
+ الخط -
يضغط النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، بشكل كبير للانتهاء من ترتيب الأمور الخاصة بانتخابات مجلس النواب المقبل، لناحية إتمام تجميع الأحزاب السياسية والتحالفات تحت راية واحدة. ويتخوّف السيسي من إفراز انتخابات مجلس النواب تكتلات غير متوافقة معه ومعارِضة له بشكل كبير، وهو ما قد يؤثر على سياساته، خصوصاً مع الصلاحيات الممنوحة للمجلس المقبل.

وشدد السيسي في أكثر من مناسبة على "ضرورة تشكيل قائمة موحّدة للانتخابات، مكوّنة من مختلف الأحزاب والقوى السياسية"، على أن يقوم بدعمها في الانتخابات، وهو ما يُعدّ تدخّلاً سافراً من السلطة التنفيذية، في محاولة لوأد مناخ الديمقراطية القائم على المنافسة. ولم تنجح جهود الرجل في إتمام ما كان يرمي إليه بشكل كبير، إلا بفعل ممارسة ضغوط على التحالفات والأحزاب، للمشاركة في قائمة "في حب مصر".

ويتولّى العاملون في قائمة "في حب مصر"، ترتيب المشهد الانتخابي بصورة كبيرة، في ظلّ التسويق بأنها "قائمة الدولة والنظام"، وهو ما دفع كثيراً من الأحزاب إلى المسارعة للاشتراك فيها. غير أن الأزمة الفعلية التي تواجه القائمة، تكمن في تكتّل فلول نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ورجال المرشح الرئاسي السابق في 2012، رئيس حزب "الحركة الوطنية"، الموجود في الإمارات، أحمد شفيق.

مع ذلك، فإن تغيّراً حدث على الساحة السياسية انتخابياً، عبر الإعلان عن إدماج تحالف الفلول، المتمثل بـ"الجبهة المصرية"، في "قائمة في حبّ مصر"، كما منح تكتّل الأحزاب في التحالف، مقاعد أقلّ من بعض الأحزاب والتحالفات الأخرى، التي قررت المشاركة في الانتخابات تحت راية قائمة النظام.

ويتولّى ترتيب قائمة "في حب مصر"، اللواء السابق سامح سيف اليزل، ووزير الإعلام السابق أسامة هيكل، ويشارك في عملية التواصل مع الأحزاب مصطفى بكري، وجميعها شخصيات محسوبة على النظام، وتعمل على تشكيل كتلة تابعة للسيسي وداعمة له. ومن المقرر عقد لقاءات مكثفة بين قيادات تحالف "الجبهة المصرية" وقائمة "في حب مصر"، للاستقرار على عدد المقاعد، المُقدّر بنحو ثمانية مقاعد فقط من أصل 120 مقعداً مخصصاً لمرشحي القائمة.

اقرأ أيضاً: السيسي يبحث عن رئيس للبرلمان المقبل

وأثار هذا التنسيق، الذي لم يقتصر على مرشحي القائمة فقط، بل تجاوزها إلى الحديث عن التنسيق في مقاعد الفردي، خلافات كبيرة داخل التحالف الذي يقوده شفيق، بين مؤيد للمشاركة في قائمة "في حب مصر"، ورافض لها، باعتبار أن حظوظ التحالف ستكون أكبر في حال دخوله الانتخابات منفرداً. ولكن مصادر داخل تحالف الجبهة، أكدت أن "الخلافات ما هي إلا اختلاف في وجهات النظر، خصوصاً أن قراراً مثل هذا لا يمكن أن يتخذ من دون العودة لشفيق".

ولم تُدلِ الجبهة بتفاصيل موافقة شفيق على هذا الاندماج، ولكنها شددت على أنه لا يتم اتخاذ قرار إلا بالرجوع إليه، معتبرة أن "مسألة مدى قبوله بالأمر وإلى أي درجة ليست جوهرية في ضوء الضغوط الحالية". ولفتت إلى أن "الأمل بالنسبة للتحالف يكمن في محاولة الحصول على حصة كبيرة في مقاعد الفردي، وإن كان هناك إشكاليات حول هذا الأمر تتعلق برغبة النظام في تحجيم دور التحالف".

وذكرت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "اتجاه الجبهة أخيراً للمشاركة في قائمة في حب مصر، يعود إلى إدراكها بأن القائمة هي قائمة النظام، وبالتالي فإن ترتيبات المشهد كانت أقوى من فكرة خوض الانتخابات بشكل منفرد".

في المقابل، ذكر خبير سياسي في "مركز الأهرام للدراسات السياسية"، أن "مسألة تشكيل قائمة موحّدة والعمل على وحدة التنسيق، لا تتعلق بالممارسة الديمقراطية حتى في أضعف صورها". وأضاف الخبير لـ"العربي الجديد"، أن "المنافسة وصناديق الاقتراع أحد أهم مميزات النظام الديمقراطي، وبالتالي فإن ما نراه من مشهد عبثي، بعيد كل البعد عن أي ممارسة حرة للديمقراطية".

وتابع أن "ما يحدث في مصر الآن بخصوص الانتخابات، هو توزيع حصص مقاعد مجلس النواب على الأحزاب والتحالفات المختلفة، ومن لم يشارك في قائمة النظام، سيكون من المغضوب عليه ولن يجد له مقعداً في المجلس المقبل". ولفت إلى أن "قرار تحالف الجبهة الذي يقوده شفيق، مع قائمة في حب مصر، يحمل معنيين، إما أن تكون هناك ضغوط مارستها الدولة، أو أنها مناورة من شفيق نفسه وتكتل الفلول، الذي لا يتمتع بعلاقة جيدة مع السيسي". وأشار إلى "أن أحمد عز وبعض رجال الأعمال المحسوبين على نظام المخلوع مبارك، سيدفعون بمرشحين ودعمهم بقوة بالمال عبر مقاعد الفردي".

بيد أنه تبقى خارج هذه القائمة أحزاب "التيار الديمقراطي"، والتي تضم أحزاب "الدستور" و"الكرامة" و"التيار الشعبي" و"مصر الحرية والعدل"، نظراً لمعارضتها النظام، ورفعها سقف الانتقادات الموجّهة إليه. وسبق أن أعلنت هذه الأحزاب في وقتٍ سابق رفضها فكرة "القائمة الموحّدة" التي يدعو لها السيسي، لأنها "تقتل الحياة الحزبية والمنافسة في الانتخابات، ما يُعدّ موتاً للأجواء الديمقراطية"، وفقاً لها.

ويتمسك "التيار الديمقراطي" بالتنسيق مع قائمة "صحوة مصر"، التي أعلن عنها القيادي في "الجبهة الوطنية للتغيير" عبد الجليل مصطفى، بينما يخوض حزب "النور" الانتخابات منفرداً، سواء على القائمة أو الفردي، لرفض معظم الأحزاب التنسيق معه بسبب مرجعيته الإسلامية.

اقرأ أيضاً: حلّ الأحزاب الدينية... ورقة ابتزاز بيد النظام المصري