إسرائيل تتحسب لـ"الأسوأ" من الجبهة الشمالية بعد صواريخ الجليل

إسرائيل تتحسب لـ"الأسوأ" من الجبهة الشمالية بعد صواريخ الجليل

27 اغسطس 2015
تحرص إسرائيل على إطالة أمد القتال في سورية(فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من الاحتفاء الإسرائيلي بـ "النجاح" في تصفية أعضاء الخليّة التي أطلقت الصواريخ من الجولان المحتل على الجليل، وكيْل المديح للاستخبارات التي وفّرت المعلومات الدقيقة حول الخليّة، فإن منسوب القلق في دوائر صنع القرار في تل أبيب ظلّ عالياً. فقد مثّل تعرّض الجليل لقصف صاروخي من الجولان، للمرة الأولى منذ عام 1973، تأكيداً للمخاوف الإسرائيلية من التداعيات "السلبية" بالنسبة للدولة العبرية للتحولات التي تشهدها المنطقة، وعلى وجه الخصوص سورية.

وقد تنافس المعلّقون الصهاينة في إبراز دلالة القصف لكونه "حدثاً تأسيسياً" لمرحلة جديدة. وما يزيد من تعقيد الأمور، حقيقة أنّ إسرائيل تعي أن ردود فعلها على أي عمل عسكري محدود من سورية، يجب ألا يفضي إلى تورّطها في الصراع الداخلي. وتحرص تل أبيب على ألّا تؤثّر ردودها العسكرية على موازين القوى القائمة حالياً بين نظام الأسد والقوى المسلحة التي تقاتله، على اعتبار أن المصلحة الإسرائيلية تتمثل في إطالة أمد القتال إلى أطول مدى ممكن.

وإلى جانب الحرص على مراكمة الردع في مواجهة الجماعات العاملة في سورية، سواء حزب الله أو الحركات الجهادية، فإنّ إسرائيل معنيّة تماماً بعدم السماح لإيران بتحويل الجولان السوري إلى نقطة انطلاق لمشاغلتها، سواء عبر تفعيل خلايا لحزب الله أو من خلال جماعات فلسطينية مرتبطة بطهران. لكن التقدير الإسرائيلي العام، يقول إن إيران غير معنيّة حالياً بإشعال جبهة الجولان أو لبنان. وينقل المعلّق في قناة المحطة الإسرائيلية الأولى، عوديد غرانوت عن مصادر عسكرية قولها، إنّ الإيرانيين معنيّون بتوفير الظروف التي تسمح بتنفيذ الاتفاق النووي مع الدول العظمى، ما يجعلهم مستعدين لعدم السماح بالرد على الهجمات الإسرائيلية التي جاءت في أعقاب إطلاق الصواريخ من الجولان.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يدير حملة دبلوماسية وسياسية ودعائية صاخبة لمساعدة حلفائه الجمهوريين، على توفير الظروف التي تحول دون تمكين الرئيس الأميركي باراك أوباما من تمرير الاتفاق في الكونغرس، استغلّ الحدث لـ"شيْطنة" الاتفاق وعرض إطلاق الصواريخ على أنه من "ثمار" هذا الاتفاق. ولكي يضفي مصداقية على تحركه هذا، أمر نتنياهو بالكشف عن اسم قائد "فرع فلسطين" في "قوات القدس"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، وهو الجنرال سعيد عزيدي. وقد أبلغ المتحدّث بلسان الجيش الإسرائيلي، أن عزيدي يتّخذ من دمشق مقراً له، ويتصرّف وكأن نظام الأسد غير قائم.

اقرأ أيضاً: رسائل تهدئة الجولان... وبروباغاندا "الإيرانيين على الحدود"

لكن في المقابل، تستعد إسرائيل لمواجهة انفجار مواجهة شاملة، سواء مع حزب الله أو الجماعات "الجهادية" في سورية. وقد أشارت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر بتاريخ 22 أغسطس/آب الحالي، إلى أن الافتراض السائد لدى هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، هو أن أية مواجهة شاملة في الجبهة الشمالية، سواء مع التنظيمات الجهادية أو حزب الله، سيتم خلالها استهداف إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية واللبنانية، في الوقت ذاته. ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية قولها، إن حزب الله سيعمل في أية مواجهة شاملة مع إسرائيل على ضرب العمق الإسرائيلي من سورية ولبنان، من أجل زيادة حجم الضربات التي يتعرّض لها العمق الإسرائيلي.

وتلفت الصحيفة إلى أنّ إسرائيل قرّرت إخلاء كل المدن والبلدات والمستوطنات في شمال إسرائيل في حال اندلعت مواجهة شاملة في الجبهة الشمالية، من أجل تقليص تأثير الضربات التي يتعرض لها العمق الإسرائيلي، مقابل توظيف كل مصادر القوة العسكرية في الرد على الهجمات، بحيث يتم حسم المواجهة في أقصر وقت ممكن. وأشارت الصحيفة إلى أنّه سيتم تصميم الجهد الحربي الإسرائيلي، بحيث تستمر المواجهة أياماً عدّة فقط.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي مشغول حالياً بتوفير متطلبات الدفاع عن العمق الداخلي، لافتة إلى أنّ كبار المعلقين المخضرمين يؤكدون أنه لم يحصل أن تحدّث قادة الجيش عن ضرورة توفير الإجراءات الدفاعية قبل أية مواجهة مع حزب الله أو الجماعات الجهادية، كما يحدث الآن.

من ناحية ثانية، فقد كان لافتاً اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية باستقراء ما جاء على لسان الرئيس السوري، بشار الأسد في المقابلة التي أجرتها معه قناة "المنار" اللبنانية، التابعة لحزب الله. وعلى الرغم من أن إسرائيل تنطلق من افتراض مفاده أنّ ردة فعل النظام السوري على هجماتها مستبعدة تماماً، فإنّ وسائل الإعلام الإسرائيلية عثرت في المقابلة مع الأسد، على ما يمثّل "تطميناً واضحاً" منه، بأنّ مواجهة "حلفاء إسرائيل من التكفيريين، وليس إسرائيل"، هو في مقدمة أولويات النظام في الوقت الحالي، على اعتبار أن هؤلاء "التكفيريين أكثر خطراً من إسرائيل".

اقرأ أيضاً: إسرائيل تستدعي الاحتياط استعداداً لمواجهات "سورية"

المساهمون