ذكرى مجزرة الغوطة... النظام يحتفظ بترسانته الكيماوية

ذكرى مجزرة الغوطة... النظام يحتفظ بترسانته الكيماوية

22 اغسطس 2015
الجريمة بدون عقاب والقاتل يُمعن بمجازره (كرم المصري/getty)
+ الخط -
في الذكرى الثانية لمجزرة الغوطة الكيماوية، التي ارتكبها نظام بشار الأسد بدون أن يلقى أية محاسبة، كشف لواء منشق عن جيش النظام، أن الأخير لم يسلم إلا جزءاً محدوداً من ترسانة الأسلحة الكيماوية، وما يزال يحتفظ بغالبيتها، فيما يواصل إلقاء براميله المتفجرة وغاز كلور السام على رؤوس السوريين وسط غياب أية محاسبة دولية.


اقرأ أيضاً: مجزرة الغوطة.. جريمة تنتظر العقاب؟

وأكد اللواء عدنان سلو، وهو رئيس أركان إدارة الحرب الكيميائية في جيش النظام السوري سابقاً، أن النظام لم يسلم للمجتمع الدولي إلا جزءاً محدوداً من ترسانته الكيماوية، وأنه واصل استخدام السلاح الكيماوي بعد مجزرة الغوطة مستغلاً تساهل العالم معه .

وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن النظام سلم 1300 طن من الأسلحة الكيماوية فقط، بينما لديه أضعاف هذه الكمية، وأنه اعترف بثلاث منشآت كيماوية فقط، بينما لديه 23 منشأة تحت وفوق الأرض. وأكد أن هناك 12 منشأة لم يدمرها النظام، إضافة إلى خمس منشآت تحت الأرض موزّعة في مناطق مختلفة تقع تحت سيطرة النظام في محيط دمشق وطريق دمشق حمص.

وأوضح أن النظام استخدم بعد مجزرة الكيماوي في الغوطة مادتي كلور وسارين السامتين بشكل أساسي، إذ استخدم الكلور 36 مرة والسارين 96 مرة، وفق التوثيق الذي قام به شخصياً، بينما تقول الأمم المتحدة إنه استخدم الكلور 120 مرة.

وقال سلو إن النظام يجهز قذائف محشوة بالسارين أو الكلور وينشرها في بعض مواقعه العسكرية في محيط دمشق، وعلى طريق دمشق حمص، وكان آخر استخدام له للسلاح الكيماوي الخميس الماضي، عندما استهدف المعهد الفني بمدينة حرستا بريف دمشق خلال المعارك التي تدور هناك مع مقاتلي "جيش الإسلام" و"أجناد الشام"، بسبب عجزه عن التصدّي لتقدّم مقاتلي المعارضة في تلك المنطقة، كما استخدمه في الأيام الأخيرة في كل من داريا وجوبر، وهو يلجأ للسلاح الكيماوي كلما وجد نفسه في مأزق وغير قادر على التصدّي لهجوم المعارضة، أو عاجزاً عن تحقيق اختراق في منطقة مهمة، فضلاً عن استخدم أسلحة أخرى محرمة دولياً، مثل قنابل النابالم، كما حدث أخيراً في داريا والزبداني.

وفي تقرير لها صدر أمس، الجمعة، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه "في ظل الذكرى السنوية الثانية لارتكاب النظام السوري ثاني أكبر هجوم بالأسلحة الكيميائية في العصر الحديث، ما زال أهالي الضحايا في الغوطتين الشرقية والغربية ينتظرون اللحظة التي يقدم فيها مرتكبو الجرائم إلى العدالة، لكن للأسف فإن الواقع بعيد تماماً عن ذلك، في ظل حصانة تامة للمجرمين من العقاب حتى الآن على الأقل". وأضافت الشبكة أن النظام خرق 125 مرة القرار  2118 الصادر في 27 سبتمبر/ أيلول 2013 والخاص بتحريم استخدام السلاح الكيماوي في سورية ومحاسبة الجناة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة دون أن يلقى أي حساب.

وكانت مصادر غربية قد ذكرت أن النظام السوري يعمل سراً على إنشاء مجمع لتصنيع الأسلحة الكيماوية تحت الأرض، في منطقة الجبيلة الوعرة غرب القصير، بحسب وثائق وصور التقطتها الأقمار الصناعية، ومحادثات اعترضتها أجهزة الاستخبارات، وفق ما ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية.

وأوضحت أن الاسم الرمزي للموقع هو (زمزم)، ويمكن استخدامه في بناء مفاعل أو مصنع لتخصيب اليورانيوم، بحسب ما قاله "خبراء غربيون" للمجلة، وبأن نظام الأسد نقل إلى المجمع الجديد ثمانية آلاف قضيب وقود كانت مخصصة لموقع (الكبر) السري، الذي كان يُشتبه في وجود مفاعل نووي سري داخله. ويقع هذا الموقع وسط الصحراء قرب مدينة ديرالزور شرقي سورية، وكان طيران الاحتلال الإسرائيلي قد قصفه ودمره في 2007.

وأوضح اللواء سلو، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن نظام الأسد يبحث عن مصدر نووي منذ سنوات، وبعد تهجير وتدمير نحو 60 قرية غرب وجنوب القصير قرب الحدود اللبنانية، نقل ما تبقى من يورانيوم مخصب وآلاف قضبان الوقود من موقع (الكبر) للموقع الجديد غرب القصير، الموصول بشبكة مياه من بحيرة زيتا الحدودية مع لبنان في منطقة جبيلة ونهر العاصي. وهو يقع تحت الأرض على بعد أقل من كيلومترَيْنِ من الحدود السورية اللبنانية، ويدار بواسطة خبراء إيرانيين وضباط من حزب الله بشكل رئيسي.

وكانت بلدات عربين وزملكا وعين ترما في الغوطة الشرقية، والمعضمية في الغوطة الغربية، قد تعرضت  لقصف بصواريخ أرض – أرض في 21 أغسطس/آب 2013، محملة بغازات سامة يُعتقد أنها غاز السارين، انطلقت من اللواء 155 في ريف دمشق الشمالي، وأسفرت عن مقتل نحو 1500 شخص، بينهم أطفال.

في هذه المناسبة، قال "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" في بيان، أمس، إن نظام الأسد هو "الطرف الوحيد الذي لا تعوزه القدرة ولا السلطة ولا الإرادة الإجرامية لارتكاب جريمة استخدام الأسلحة الكيماوية، وهو يمتلك جميع وسائل إنتاج وتصنيع وإطلاق الأسلحة الكيميائية التي ارتكب بها جريمته، والعالم يعرف بالاسم الشخص المسؤول عنها، وأسماء من تورطوا معه على مستوى القمة، ويعرف كيف ارتكب فعلته وكيف سلم بعد ذلك وبكل صفاقة سلاح الجريمة".

وأضاف الائتلاف أنه "رغم كل ذلك تمر الذكرى الثانية لجريمة القرن وما يزال المجرم طليقاً. يلتفت أهالي 1507 من الشهداء فلا يجدون أي موقف دولي يرقى لحجم الجريمة المرتكبة بحق أحبائهم، ولا إلى إجراء واحد جدي يقدر على منع تكرارها".

وجدد الائتلاف مطالبته مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في حفظ الأمن والسلم في سورية، واتخاذ إجراءات فورية لوقف الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات وضمان محاسبة المجرمين، مستنكراً لامبالاة المجتمع الدولي الذي يستمر في التعامل مع دماء السوريين كورقة تفاوض ووسيلة لتصفية الحسابات وإنهاك الخصوم.

وتزامنت ذكرى مجزرة الكيماوي مع مجزرة أخرى في مدينة دوما. أطلق ناشطون اسم: "الجريمة تُعاد ودوما تُباد" على الجمعة الثالثة من شهر أغسطس/ آب الجاري. وقالت صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد:  "اغتصبت الإنسانية في سورية مرّتين أمام العالم أجمع و في غضون سنتين، مرةً في مجزرة الكيماوي 2013، ومرةً في مجزرة دوما 2015، فيما تخللت الفترتين مجازرُ يومية لم يَلحَظ العالم وجودها، لكنه لَحِظ مجزرة دوما الأخيرة نظراً لكثرة الدماء وقسوة المشاهد التي أجبرت العالم على الانتباه مكتفين فقط بالإدانة ".

كما أطلق ناشطون حملة تحت شعار "حاسبوا الأسد"، بمشاركة مجموعات عمل ومجالس محلية وتنسيقيات في الغوطتين، فضلاً عن نشطاء ومصممين كأفراد في عدة عواصم حول العالم.

اقرأ أيضاً: الرسالة الكيماوية للمعارضة: نحو "داعش" وأخواته