المنطقة التركية "الخالية" تنتظر الدعم الأميركي

المنطقة التركية "الخالية" تنتظر الدعم الأميركي

03 اغسطس 2015
الغارات التركية تركّز على "الكردستاني" (أنصار أوزدامير/الأناضول)
+ الخط -
بدا واضحاً تركز غارات الطيران التركي على معاقل حزب "العمال الكردستاني" في شمال العراق؛ إذ على الرغم من توجيهها عددا من الغارات على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في شمال سورية، فإن هذه الغارات بدت محدودة وغير متناسبة إطلاقاً مع حجم المعركة والأهداف، التي أعلنت عنها الحكومة التركية والتي تبدأ بإنشاء منطقة آمنة في شمال سورية في ريف حلب، وتنتهي فيما ترنو إليه بإيجاد حل نهائي للحرب السورية. وهو الحل الذي يضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وضرب الجماعات السلفية الجهادية الموضوعة ضمن قائمة الإرهاب الأميركية، وأيضاً يضمن، من وجهة النظر التركية، وحدة الأراضي السورية بما لا يبقي لأحلام حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) التوسعية مكاناً في البلاد.

وعلمت "العربي الجديد" من مصدر تركي مطلع، أن سبب عدم تركيز الجيش التركي على "داعش" نابع من أمرين اثنين: أولهما أولوية ضرب "العمال الكردستاني" بالنسبة لأنقرة على اعتبار أن القيادة التركية ترى فيه خطراً على الأمن القومي يتجاوز خطر "داعش". أما السبب الثاني فهو ناجم عن انتظار الجيش التركي لانضمام الجيش الأميركي له، الأمر الذي يحتاج إلى المزيد من الوقت كي تقوم واشنطن بنقل معدّاتها الحربية وترتيب الشؤون العسكرية في قاعدة إنجرليك التركية، وعدد من القواعد الأخرى القريبة من الحدود مثل قاعدتي دياربكر وباتمان، والتي فتحتها الحكومة التركية في وقت سابق لكافة عمليات التحالف الحربية الموجهة ضد "داعش".

اقرأ أيضاً أردوغان: أمن تركيا بخطر بسبب الوضع في سورية

وأشار المصدر، والذي فضل عدم نشر اسمه، إلى أن الجبهة الشمالية ضد "داعش" ستتكون بشكل أساسي من كل من سلاح الجو التركي والأميركي، واحتمال انضمام سلاح الجو البريطاني للعمليات، إذ تعمل واشنطن الآن على نقل طائرات "أف 16" و"أف 15" المقاتلة، إضافة إلى طائرات "سي 17" العملاقة للنقل، وبعض المعدات اللوجستية والطواقم العسكرية والطبية من القواعد التابعة لقيادة القوات الجوية الأميركية في أوروبا، إلى قاعدة إنجرليك مروراً بقاعدة إزمير التابعة لسلاح الجو التركي.

وبحسب المصدر نفسه، يجري الآن العمل على نقل بعض المعدات العسكرية والطائرات والطواقم العسكرية من كل قواعد رامشتاين وسبانغدالهم الألمانيتين، ولاكينهيلث ومايلدنهال المتواجدتين في بريطانيا، وأفيانو في إيطاليا، بينما ينهي الجيش التركي استعداداته للمشاركة في العمليات ليس فقط عبر طائرات "أف 16" المقاتلة بل أيضاً عبر استخدام طائرات الشحن وطائرات التزود بالوقود بالجو إضافة إلى المروحيات.

وعلمت "العربي الجديد" أنه ليس من المرجح أن تبدأ العمليات العسكرية ضد "داعش" قبل انتهاء هذه التجهيزات، والتي ستتم على الغالب بين 10 و 15 من أغسطس/ آب. ورغم أن الاتفاق التركي الأميركي حاصل منذ بداية تموز/ يوليو، غير أن أنقرة اضطرت للإعلان عن الحرب على "داعش" باكراً بعد التفجير الانتحاري الذي شنه التنظيم في بلدة سروج وما تلاه من اشتباكات بين الجيش التركي والتنظيم على الحدود، وأيضاً تحت ضغط حزب "العمال الكردستاني" الذي بدأ بشن حملة إعلامية ضخمة ضد أنقرة واتهمها بالتعاون مع "داعش"، إضافة إلى هجمات ضد عناصر أمنية تركية ومدنيين بحجة الانتقام لقتلى سروج من المتعاونين مع "داعش".

وأكد المصدر أنّ المنطقة العازلة التي يجري العمل على إنشائها في ريف حلب الشمالي بين جرابلس وأعزاز، ستكون بالتنسيق بين الطيران التركي الأميركي وقوات المعارضة السورية المعتدلة التي سيكون فيها للتركمان السوريين دور رئيسي من خلال الجيش التركماني الموحد الذي يجري العمل عليه الآن. كما ستضم القوات على الأرض الكتيبة التي تم تدريبها ضمن برنامج تدريب المعارضة السورية التي توصف بالمعتدلة، لكن الأهم هي تلك القوات المتواجدة "المعتدلة" داخل سورية من أبناء تلك المنطقة، وذلك دون السماح لـ"جبهة النصرة" أو حزب "الاتحاد الديمقراطي" بدخول هذه المنطقة، حيث سيصار إلى توجيه ضربات جوية قوية لجبهة للنصرة في حال حاولت التمدد في المناطق التي ينسحب منها "داعش".

وفي وقت تضغط فيه مختلف القوى السياسية التركية للعودة إلى حالة وقف إطلاق النار بين "الكردستاني" والجيش التركي، علمت "العربي الجديد": بأن الزيارة التي قام بها وكيل وزارة الخارجية التركية فريدون سينير أوغلو لإقليم كردستان العراق، كانت لبحث وساطة رئيس الإقليم مسعود برزاني بين الجانبين.

وتشترط أنقرة على "الكردستاني" أن يسحب كافة قواته من الأراضي التركية مقابل وقف إطلاق النار، فيما ترفض بالمطلق توقيع وقف إطلاق نار مشترك.

يأتي ذلك في وقت نقل فيه البرزاني لسينيرأوغلو طلبات قيادات منطقة جبل قنديل من الحكومة التركية المتمثلة بالتواصل مع زعيم "الكردستاني" عبد الله أوجلان في سجنه في جزيرة إمرالي، والتفاهم معه ليقوم هو بالدعوة إلى وقف إطلاق النار أو حتى انسحاب قوات "الكردستاني" من تركيا، بشكل يحفظ ماء وجه الطرفين، وهو ما تنكب أنقرة على دراسته. 

في هذه الأثناء، نقلت صحيفة "حرييت" التركية عن مصادر استخباراتية، مقتل أكثر من 190 وجرح أكثر من 300 من عناصر "الكردستاني" خلال الغارات التي نفذها سلاح الجو التركي، خلال الأيام الماضية، على معاقل ومعسكرات "الكردستاني" في كل من شمال العراق والأراضي التركية.

وأكّدت الصحيفة، أن أربعين طائرة حربية تركية شاركت في الغارات على معاقل "الكردستاني" في شمال العراق، فيما شاركت ثلاثون طائرة أخرى في الغارات على معاقل الحزب داخل البلاد. إضافة إلى ذلك، قصفت المدفعية التركية المتواجدة على الحدود أكثر من 130 هدفاً للكردستاني، ودمرت ما وصل عدده إلى 25 سلاحا مضادا للطائرات يستخدمها الحزب.

من جهته، أعلن الجيش التركي عن مقتل ضابط وجنديين، يوم الأربعاء، وشرطيين اثنين في أضنة يوم الخميس، بهجوم للكردستاني، فضلاً عن مقتل 3 من منفذي الهجومين، ليرتفع عدد قتلى الجيش التركي منذ بدء العمليات إلى 9 جنود و6 من قوات الشرطة، إضافةً إلى إصابة 8 جنود و24 شرطياً.

اقرأ أيضاً: تركيا تستنفر "الأطلسي" لمواجهة الأكراد