لبنان: عون يبحث عن الطريق إلى التصعيد

لبنان: عون يبحث عن الطريق إلى التصعيد

12 اغسطس 2015
عون ضائع بين الاستقالة أو العصيان المدني (حسين بيضون)
+ الخط -
تلقى رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، جواباً واضحاً من حليفه حزب الله يطمئنه فيه إلى موقف الحزب الداعم لأي خطوة ينوي عون القيام بها، رداً على قرار التمديد لقائد الجيش اللبناني، جان قهوجي. صدر عن وزير الدفاع، سمير مقبل، قرار تأجيل تسريح قهوجي برضى أو بصمت من حزب الله الذي يحاول، اليوم، استدراك نتائج هذا القرار والتخفيف من خسارة حليفه المسيحي الأول. يشير مسؤولون في التيار الوطني الحرّ (الإطار التنظيمي الذي يرأسه عون) إلى أنّ "الإشارات المباشرة من الحزب وصلت وصبّت في اتجاه تأكيد الخيارات التي يراها عون مناسبة". يضيف أحد المسؤولين أنّ "الحزب أعلن عن استعداده الكامل التضامن مع عون وصولاً إلى حدّ التجاوب مع استقالة وزراء التكتل من الحكومة واستكمالها باستقالة وزيري كتلة الوفاء للمقاومة (الكتلة النيابية والوزارية لحزب الله). لكن المطلعين على أجواء عون يؤكدون، أنّ الأخير لم يصل بعد إلى مناقشة إمكانية الانسحاب من الحكومة، "مع المحافظة على هذا الخيار في حال فشل كل المبادرات السياسية القائمة".

اقرأ أيضاً: لبنان: اللغة الطائفية آخر أوراق عون السياسية والشعبية 

في سياق التحركات التي ينوي التيار الوطني الحرّ القيام بها بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء، المقررة غداً الخميس، تشير أوساط العونيين لـ"العربي الجديد" إلى "جهوزية شبه كاملة للنزول إلى الأرض"، مع تأكيد أكثر من مسؤول في التيار على أنّ "عون لم يتوصل بعد إلى تصوّر نهائي للتحرك". وبالتالي فإنّ التيار يعيش ما يشبه الضياع. يتم الحديث داخل التيار عن احتمال استقالة الوزراء، ليخرج عضو التكتل، النائب فادي الأعور، ويؤكد استمرار وزراء التيار في الحكومة". مشيراً إلى أنّ "احتجاجنا قد يصل إلى حدود العصيان المدني ليشمل كل الأراضي اللبنانية". كما جاء كلام زميله النائب، زياد أسود، ليزيد الأمور غموضاً، إذ لفت إلى أنه "أمام الواقع الذي نعيشه الاحتمالات مفتوحة" متّهماً الأطراف الأخرى بالكذب والوقاحة، أولهم رئيس الحكومة، تمام سلام، ووزير الدفاع سمير مقبل. العونيون جاهزون للتحرك، لكن أين ومتى وكيف؟ كل هذه الأسئلة لا تعرف قيادة التيار الإجابة عنها، فتحيلها إلى الاجتماعات المفتوحة في مقرّ عون في الرابية (شرق بيروت).

اقرأ أيضاً: أولى هزائم عون في معركة التعيينات العسكرية

ينتظر تكتل عون المبادرة التي يعمل عليها كل من رئيس مجلس النواب، نبيه بري، ووزير الداخلية، نهاد المشنوق، والمدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم. يحمل هذا الثلاثي فكرتين أساسيّتين لإرضاء عون: أولاً عبر تعديل قانون الدفاع الوطني ورفع سنّ التقاعد للضباط العامين (يحملون رتب عميد، لواء وعماد)، وثانياً ترقية مجموعة من الضباط ما يمدّد خروجهم إلى التقاعد إلى عامين على حدّ أدنى. كل هذا يحصل للمحافظة على حظوظ عون، في تعيين صهره العميد شامل روكز، قائداً للجيش بعد انتهاء الولاية الممدّدة لقهوجي.

اقرأ أيضاً: التعيينات الأمنية اللبنانية: هزيمة عونية تنقل الصراع للداخل الحزبي 

لكن الأجواء العونية غير متفائلة بجديّة هذين الطرحين، فينقل أحد زوار الرابية عن عون: "إنّ الحظوظ متدنية جداً للتوصّل إلى توافق على أحد الطرحين، خصوصاً من تيار المستقبل". ويطيح هذا الواقع بمخرج إصدار مجلس الوزراء لترقية الضباط، ما يترك أمام عون مخرج تعديل قانون الدفاع. وفي ما يخص هذا الطرح، فإنّ تعديل القانون يجب أن يتم في مجلس النواب الذي قاطع تكتل عون جلساته ويفرض عليه تعطيلاً، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014، يوم إصدار المجلس قرار التمديد لنفسه حتى عام 2017.

يتمسك عون بأولية انتخاب المجلس لرئيس جديد للجمهورية قبل العودة إلى التشريع، وبالتالي بات الرجل أمام أمر من اثنين: الاستمرار في هذا الخيار وخسارة ورقة روكز صهره في قيادة الجيش أو التراجع عن قرار المقاطعة والنزول إلى المجلس النيابي "ليخرج تكتله من موقع معطّل المؤسسات لأسباب شخصية وحسابات ضيّقة"، وهي التهمة التي ترافق عون الذي يقاطع، في الوقت نفسه، جلسات انتخاب رئيس الجهورية، كونه لم ينل التوافق السياسي لانتخابه في هذا الموقع.

تشير كل هذه المعطيات إلى أنّ الخروج من هذه الأزمة سهل على التيار. ارتفعت حساسية عون السياسية إلى حدّ الشعور بالانزعاج من نشر صورة، جمعت رئيس الجمهورية السابق، ميشال سليمان، وقهوجي وعدداً من الوزراء الوسطيين (المحسوبين على سليمان) والمستقبليين. فحوّل العونيون هذه الصورة، التي اتخذت في مناسبة اجتماعية عادية، إلى مؤامرة سياسية وتعاملوا معها كأنها "نكاية" سياسية واحتفالية بالتمديد لقهوجي، أي خسارة عون وصهره العميد شامل روكز. 

تنسحب هذه الحساسية، اليوم، على الخيارات المطروحة على طاولة الرابية. خيار التصعيد في الشارع، أو العصيان المدني، سيضع صاحبه في موقع معطّل حياة الناس وحركتهم اليومية، بعد تعطيل انتخاب الرئيس وجلسات التشريع وجلسات مجلس الوزراء.

المساهمون