شعبية دونالد ترامب ترتفع... رغم "حربه على النساء"

شعبية دونالد ترامب ترتفع... رغم "حربه على النساء"

12 اغسطس 2015
أكّد رئيس "فوكس" متابعة تغطية حملة ترامب بإنصاف(فرانس برس)
+ الخط -
وقع الملياردير والمرشح الرئاسي، دونالد ترامب، في المحظور. إهاناته المتكررة للمهاجرين غير الشرعيين من المكسيك ونُخب الحزب الجمهوري مرّت جميعها على خير. لكن ضحيته هذه المرة، كانت إعلامية القاعدة المحافظة "المفضّلة"، ميغين كيلي، التي شاركت في إدارة المناظرة الرئاسية الأخيرة، ودفعت بترامب إلى الدخول في "حرب على النساء".

في الوقت الذي كان يتوقع فيه ترامب ضربات من منافسيه، خلال المناظرة، كانت الضربة من محطة "فوكس نيوز" التلفزيونية، وتحديداً من كيلي. أمام نسبة وصلت إلى 24 مليون مشاهد، وهي الأعلى لأيّ حدث غير رياضي في التاريخ الأميركي، سألت كيلي ترامب: "لقد وصفت النساء اللواتي لا تحبهن بالخنازير والكلاب والساذجات والحيوانات المثيرة للاشمئزاز"، فقاطعها: "فقط روزي أودونيل". في إشارة الى المقدّمة الكوميدية الأميركية، التي لا يتوانى ترامب في إهانتها. تابعت كيلي توصيفها تاريخ ترامب مع النساء، لتسأله في النهاية، "هل هذا مزاج رجل علينا أن ننتخبه رئيساً"؟

ومنذ تلك اللحظة، لم يتردد ترامب في توجيه انتقادات لاذعة لكيلي عبر موقع "تويتر" وفي الإعلام، طالباً منها الاعتذار. وصرّح ترامب أكثر من مرة عن أدائها، خلال المناظرة: "ترى الدماء تسيل من عينيها، والدماء تخرج من كل مكان". كلّفه هذا التصريح إلغاء دعوته إلى تجمّع للناشطين المحافظين في مدينة أتلانتا. يرى ترامب أن محطة "فوكس" استهدفته في أكثر من مناسبة.

في بداية المناظرة، طلب المحاور من المرشحين رفع أيديهم في حال كان لديهم نيّة خوض الانتخابات بشكل مستقل بعيداً عن الحزب الجمهوري، فرفع ترامب يده، ما أثار بلبلة في القاعة. اعتبر ترامب أن "فوكس" تعرف مسبقاً موقفه المتمسك بورقة الضغط هذه، وتعمّدت وضعه في هذه الخانة. كما ركّزت أسئلة أخرى على بعض شركات ترامب التي أعلنت إفلاسها وتمّ ربطها بقدرته على إدارة الميزانية الفيدرالية.

بدورها، ردّت كيلي على ترامب مباشرة مدافعة عن استجوابها له: "إذا لم تتمكن من تجاوزي، كيف ستتعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"؟ وأشارت إلى أنّها "طرحت سؤالاً صعباً لكن عادلاً". مؤكدة أنّها لن تعتذر. لكن بعد ثلاثة أيام من هذا التراشق الإعلامي، أصدر رئيس شبكة "فوكس"، روغر أيلز، بياناً، قال فيه، إنّه تحدّث هاتفياً مع ترامب وأعرب عن ثقته بكيلي، وأكّد له أن الشبكة ستتابع تغطية حملته بإنصاف وتوازن". وختم البيان "لقد أجرينا محادثات حادة لكن وديّة وتمت تنقية الأجواء". لبّت التسوية حاجة الطرفين. يحتاج ترامب إلى "فوكس" ليتواصل مع القاعدة المحافظة، و"فوكس" تحتاج إلى قدرة ترامب الهائلة على استقطاب نسبة عالية من المشاهدة، وخصوصاً بعدما وصلت نسبة المشاهدة إلى 24 مليون مشاهد في المناظرة الأولى.

اقرأ أيضاً عنصريّة دونالد ترامب ضد صحافية: النساء "كلاب وخنازير سمينة"

أبرز مستشاري ترامب، روجير ستون قدّم استقالته، اعتراضاً على استمرار ترامب في التلاسن مع كيلي بعد المناظرة. لكن حملة ترامب ذكرت أنّه تمّ طرده من منصبه. ستون، الذي أكد استمراره دعم ترامب، صرّح لموقع "دايلي بيست" أن أسلوب الملياردير "لن يتغير، هو يرتجل ولا يمكن إدارته أو تدريبه. لا أحد يضع كلمات في فمه، وهو يضع تغريداته الخاصة على تويتر".

من منافسيه الجمهوريين، وحدها المرشحة، كارلي فيورينا، انتقدت ترامب على مواقفه:"ليس هناك عذر لمهاجمة الإعلاميين بشكل شخصي، فقط لأنهم طرحوا مجموعة أسئلة لم تعجبه". ردّ ترامب، آمل أن تتحسن أرقام فيورينا في استطلاعات الرأي، لكن "ليس لديها أي فرصة". أما غالبية المرشحين الجمهوريين، أعلنوا تأييدهم لكيلي من دون التهجم على ترامب بشكل مباشر.

لم يُعرف بعد أثر المناظرة الأولى الفعلي على مسار السباق الرئاسي عند الجمهوريين، لكن المؤشرات الأولى تدل على أنّ لا انعكاسات سلبية حتى الآن. أجرت الاستطلاع الأوّل بعد المناظرة، محطة "أن بي سي نيوز" بالتعاون مع شركة "سورفاي مانكي"، الذي كشف استمرار تقدم ترامب 23 في المائة مقابل 13 في المائة لصالح السيناتور المحافظ عن ولاية تكساس، تيد كروز. ويشير استطلاع آخر متشرك بين "رويترز" وشركة "إيبسوس" إلى احتفاظ ترامب بتقدّمه 24 في المائة مقابل تراجع منافسه جيب بوش من 17 إلى 12 في المائة بعد المناظرة.

كما ذكر تحليل لصحيفة "واشنطن بوست" أن قاعدة ترامب هي من الجمهوريين المعتدلين أكثر ممّا هي من حركة "حفلة شاي" استناداً إلى استطلاعات الرأي، وهي قاعدة تميل إلى أن تكون من الشباب بين 18 و39 عاماً مع معدل مدخول أكثر من 50,000 سنوياً.

كما لا توحي حملة ترامب بالتراجع بعد المناظرة الأولى. فقد أعلن مكتبه أنه سيبدأ جولة على ولايات رئيسية، تشمل أيوا ونيوهامبشير ونيفادا وميتشيغان لتوظيف ناشطين محليين في هذه الولايات لتمثيل وإدارة حملته على الأرض. وبعد طول تأخير، أكدت حملته أنّها ستنشر أوراقاً تعكس مواقفه السياسية حيال الهجرة والرعاية الصحية والاقتصاد وغيرها من القضايا. وعلى الرغم من أنّ قيادات الحزب الجمهوري مرتاحة لارتباك حملة ترامب، لكنها قلقة في الوقت عينه، أنّ بعد تهميشه الأصوات من أصول لاتينية نتيجة مواقفه من الهجرة، يساهم ترامب في تهميش صورة الجمهوريين بين الأصوات النسائية.

دخلت المرشحة الرئاسية الديمقراطية، هيلاري كلينتون على خط المواجهة مستنكرة مواقف ترامب "المهينة" ضد النساء. لكن مدير حملة ترامب، كوري لويندوسكي رأى في موقف لافت، أنّ "الناس قلّلت مراراً وتكراراً من أهمية دونالد ترامب". ويبدو أن الملياردير الجمهوري يتحدى قانون الطبيعة في السياسة الأميركية، ولن يغادر الساحة بالسرعة التي كان يتوقعها بعضهم، مستنداً إلى حصانة شعبية تريده أن يستمر في السباق حتى الآن.

اقرأ أيضاً المناظرة الجمهورية الأولى للرئاسة الأميركية: ترامب النجم

المساهمون